القانون العنصري الصارخ.. منع لم شمل العائلات

نهاد أبو غوش | فلسطين

أقرت الكنيست (البرلمان الإسرائيلي مطلع هذا الشهر) القانون العنصري المعروف بقانون منع لم شمل العائلات الفلسطينيةت، وما يلي تعريف بالقانون وخلفياته
ُعرّف إسرائيل نفسها على أنها “دولة يهودية وديمقراطية” وهذا التعريف هو مصدر كثير من التناقضات والأزمات التي رافقت إسرائيل منذ إنشائها حتى الآن، نتيجة التناقض بين شرط “اليهودية” الذي ينطوي على معاني وقيم عنصرية تفضل اليهود على غيرهم من البشر، وبين الطابع الديمقراطي الذي تستغله إسرائيل لتعزيز مكانتها في العالم الغربي، في السنوات الأخيرة وتحديدا خلال العقدين الماضيين أخذت إسرائيل تجنح أكثر فأكثر نحو اليمين واليمين المتطرف وهو ما انعكس في سياسات استيطانية وتوسعية وأمنية سعت إلى تقويض اي فرصة لقيام دولة فلسطينية وتكريس الاحتلال كواقع نهائي. هذا التناقض بين ديمقراطية الدولة ويهوديتها انعكس ايضا على الصعيد الداخلي وفي مجال التشريعات حيث جرى سنّ نحو 60 قانونا عنصريا ينحاز ليهودية الدولة على حساب ديمقراطيتها (التي تعني من بين امور أخرى المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات) ، أبرز هذه القوانين هو قانون القومية الذي شُرّع في تموز/ يوليو من العام 2018 واعتبر بمثابة قانون اساس (أي له صفة دستورية) بالإضافة إلى قانون العودة الذي يعطي اي يهودي في العالم حق الجنسية الاسرائيلية لمجرد وصوله إلى فلسطين، إلى جانب سلسلة من القوانين التي تحد من حقوق الفلسطينيين المدنية والسياسية وتعطي أولوية لليهود في خدمات الدولة، وفي تخصيص الموازنات والأراضي والمياه، وقوانين تنظيم المدن والقرى، ومحاباة/ المعاملة التفضيلية للاشخاص الذين خدموا في الجيش (اي اليهود) في جميع المجالات بما فيها التوظيف والقبول في الجامعات والحصول على مخصصات دعم اجتماعي. إلى جانب قوانين مكافحة الارهاب، واستثناء الأراضي الفلسطينية المحتلة من سريان المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعتها إسرائيل، كل هذه القوانين خلافا للتمييز الفعلي والواقعي الذي تمارسه أجهزة الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة من دون الحاجة لإقرار قوانين وتشريعات.
من القوانين العنصرية التي اثارت جدلا واسعا قانون منع لم شمل العائلات وهو قانون مُفصّل خصيصا لمنع الفلسطينيين/ الفلسطينيات الذين يتزوج أحدم من فلسطيني/ة يحمل الجنسية الاسرائيلية من الاجتماع بشكل طبيعي ضمن اسرة، من المعروف أن إسرائيل تمنح حملة الجنسية الاسرائيلية من الفلسطينيين حقوقا أكبر في الحركة والسفر والتنقل والعمل أكثر من الفلسطينيين سكان الضفة والقطاع، ولذلك من الطبيعي ان تسعى الأسر إلى الاجتماع ولم الشمل بالحصول على تصريح لدخول القدس أو إسرائيل ، وقد وجدت حكومة الاحتلال في هذا الأمر خطرا داهما من شأنه زيادة عدد ونسبة الفلسطينيين في القدس والداخلن فأقرت قانونا مؤقتا لمنع ذلك.
جرى سن هذا القانون في العام 2003 وبسبب طبيعته العنصرية وغير الدستورية الصارخة جرى سنه كقانون مؤقت ( يسمى أمر يوم أو قانون طوارىء) حتى لا يجري نقضه من قبل المحكمة العليا التي لا يمكنها تمرير مثل هذا القانون الذي ينطوي على تمييز عنصري صارخ بحسب العرق ومكان السكن. وذلك لجأت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى تجديد هذا القانون بشكل سنوي، وقد تعثرت عملية إقراره السنوية بسبب المناكفات بين الحكومة الحالية والمعارضة برئاسة رئيس الوزرا ءالسابق بنيامين نتنياهو الذي يسعى لانتهاز اي فرصة لإسقاط الحكومة. ولكن في نهاية المطاف سحبت المعارضة اعتراضها على القانون ( وهي التي كانت في العادة تبادر إلى تمريره حين كانت في الحكم) وهذا ما مكن الحكومة من تمريره في النهاية.
مركز عدالة القانوني وهو مركز متخصص في حقوق الأقلية العربية في الأراضي المحتلة عام 1948 ( اسرائيل) وصف هذا القانون بأنه من أكثر القوانين عنصرية في العالم مشيرا إلى أنه ليس هناك اي دولة في العالم تمنع مواطنيها من ممارسة حقهم في تكوين اسرة على أساس الانتماء القومي أو العرقي، لكن هذا الأمر بات متاحا وممكنا (حسب مركز عدالة) تماشيا مع قانون القومية العنصري الذي يرسخ “الفوقية” اليهودية كمبدا دستوري.
والحقيقة التي يعرفها جميع الفلسطينيين أن إسرائيل لم تكن بحاجة إلى هذا التشريع لممارسة التمييز العنصري فالإجراءات الإدارية الروتينية التي تتبعها الإدارات الحكومية المختلفة كانت تضمن تنفيذ جوهر هذا القانون من دون تشريعه من خلال الشروط الأمنية والإدارية المعقدة وبطء الاجراءات، والحاجة إلى مصادقة عدة جهات حكومية من بينها الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية والبلديات، لكن إسرائيل وبسبب ذعرها مما تسميه الخطر الديمغرافي اختارت أن تسد الأبواب في وجه محاولة اي فلسطيني/ة اكتساب وثائق تمكنه من دخول القدس والمناطق المحتلة عام 1948.
لا شك ان للقانون آثارا اجتماعية ونفسية سلبية على الحياة الطبيعية والإنسانية السوية حيث تصبح طبيعة الوثيقة التي يحملها الشخص هي الشرط الأول لارتباطه باي شخص من الجنس الآخرن مع العلم أن عشرات آلاف العائلات الفلسطينية منتشرة على جانبي الخط الأخضر ( حدود العام 1967) ويندر أن نجد فلسطينيا في اي مكان ليس له اقارب مقربون ممن يحملون وثيقة مغايرة عن وثيقته وهذا يسري على أزواج وعلى أخوة واخوات، وآباء وأمهات مع ابنائهم وبناتهم، وهويضاف إلى سائر اشكال المعاناة والاضطهاد التي يقاسيها الفلسطينيون في جميع جواتب حياتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى