رواية: سي كا فرعون الخروج: رؤية جديدة و سفر خروج خيالي؟!
د. محمد السيد السكي |كاتب وروائي واستشاري تحاليل طبية | مصر
إن المصادر والوثائق التاريخية لم تحدد بدقة ولم تتناول شخصية وماهية فرعون الخروج الذي عاصر خروج النبي موسى وبني إسرائيل من مصر.. وإذ أن الرؤى المغايرة لبعض مايظنه البعض “ثوابت” ينالها النقد شأنها شأن كتب التاريخ التي لا تستند لوثائق، فإن كثيراً من المفكرين يجنحون للإدلاء بفكرهم عن طريق الرواية التاريخية هرباً من نقد أفكارٍ قد تبدو منطقية ولكن للبعض هي هزة للثوابت وردة للفكر.
إن رواية (سي كا فرعون الخروج) هي مزيج من التاريخ والفانتازيا والفلسفة والحكمة والرومانسية، والرواية هي شعلة تنويرية مغايرة دعامتها بعض الأحداث التاريخية الموثقة، والخيال والاستنباط وعمق الفكر لها وقود، والرواية تبين وجود أربعة ملوك فراعين مصريين عاصروا نبي الله موسى – عليه السلام -، بدايةً من تحتمس الثالث مروراً بأمنحتب الثاني وتحتمس الرابع وانتهاءً بأمنحتب الثالث “فرعون الخروج” الملقب “سي كا” وتناقش الرواية بحبكة درامية أسباب اضطهاد الفراعنة لبني إسرائيل.. وستراها تتعرض لقصص حقيقية بمزيج سحري يحلّق بك في عالم الخيال، ففيها تستنشق حكمة ممنون، وسحر شنهازا وقفتيم، وجلال مؤمن آل فرعون، وروعة موتيميا وحب نفرتيتي جميلة برج الأسد وزوجها الموحد المؤمن إخناتون..
كما أن الرواية تطرح فكرة جديدة ثورية تتمرد على رؤية المفسرين عندما يتناولوا مصير فرعون الخروج.. فالرواية تبين ان فرعون الخروج امنحتب الثالث لم يغرق وإنما له مصير آخر يدور في فلك العدل الإلهي.. إنني أؤمن أن الله لا يرد أحداً ، فكما جعل إبليس من المنظرين عندما اقسم بعزة الله، فإنه لم يُغرِق فرعون.
انني عندما استمع لقول الله تعالى: “وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) سورة يونس.
فإنني أفهم من تلك الأيات أن فرعون أقرّ بإلوهية الله وإنه أسلم له، ولا يشغلني ولا أتطرق إلى سؤال: هل قبل الله إيمانه أم لا، وما مصيره في اليوم الآخر.. وأفهم أيضا أن الله نجّاه ببدنه ولم يغرقه وقد جعل له مصيراً آخر هو أعلم به ولكنه يدور في فلك العدالة الإلهية.. ولا أتصور أن المعجزة في طفو جثة فرعون بعد موته، ولكنني أفهم أن المعجزة في عدم موت فرعون غرقاً.. والله أعلى وأعلم..
اقتباسات من الرواية: “فكل من لم يجحد ولم تستيقن نفسه فقد كسر قيود الحجة عليه، وكل من يجحد فقد بنى قبر عذابه بيديه وإن صلح معتقده ” “وتأبى أمواج برج العقرب التي يرسلها لمواليده إلا وإن تجنح عن الحق” “الكهنوت أفيون الملوك”
روايتي سي كا فرعون الخروج صدرت من دار نشر كيانك ٢٠٢١ منذ شهور قليلة.. وأتمنى أن تكون قدمت رؤية تنويرية جديدة..