حكايا من القرايا.. ” آخ… يا حسنية “
عمر عبد الرحمن نمر | فلسطين
آخ… يوم كنا نجيب الشحم والليّه، ونسيّخها ع النار، ونحطها بالمرطبان… ونقفّر منها الطبخة… يا حسنيه… وتطلع ريحتها (الزاتشية) تعبّي الحارة متذكرة… وإلا نسيت.- والله أيام بقى كل شي فيها (زاتشي)… يا حج… نحوس (بحاتشورة) الدار، نجيب الخبيزة، في ترمها، ونزرع تشوسا وبيتنجان وبامية… و(نحلوس)، ونطبخ… ونوكل… وبعد الطبيخ، نتخظر من المرّار والخرفيش والقرّيص والشومر… والحمّيظ… آه ع الحمّيظ يا حسنية…
نوخذ صرّة الملح معنا، وننزل العصاري ع (تشروم) اللوز، نخرط من هاللوز (الفرتش)، اللي قلبك يحبّو… ونبلش انملّح حبة اللوز ونقرط… ونقرط… ونجيب ابريق الشاي لسود من الشحار، نجيبو من بين النتش، ونفتح باب البير الجرّار، وننشل ميّ (بالرتشوة) ونوقد الحطب، ونلقط زعيثمان وزعتر بلاط، وزعتر فارسي، ونشرب شاي مغلي ع الحطب… يا سلام… – والله كل شي بقالو طعم يا حسنية… -متذكر ياحج يوم بقينا بدنا نفطر، خبز وزيت وزعتر… من الصبحيات، على (دغشة)، وما لقينا ع الصينية الا فتافيت، أكلناهن بالصلاة ع النبي، وما شبعنا، ورزّبت عليّ إلا أروح أستقرظ رغيفين خبز من عند جارتنا لطيفة… وصرت تقللي: ياه… هاظا أحسن خبز عمري أكلتو… وأنا يومها برطمت شويّ… (بس راظيتني)… الله يرظى عليك يا حج… قمت رحت جبت لطيفة عجنت بدارنا، ولما استوى العجين… خبزتنا إياه… ويومها قلت لي: لع مش الخبز اللي أكلناه هذيتش المرة… صرت اجّامل فيي… وقلت لي (يمتشن) الميْ اختلفت ع الخبز… الميْ عندنا غير الميْ عندهم…
– والله يا حسنية، ( ما ظايمني ولا هادد حيلي غير غربة الولاد)… الولاد اللي بقوا معمرين الدار… يا ويلي… طار العش يا حسنية، وين قاسم، الله يرظى عليه؟ وين خليل؟ وين سعيد؟ يعني اللي مبرّد عَ قلوبنا شوي، بنتنا سعدى… بطلطل علينا… وبنلاعب اولادتها… صحيح ما اعز من الولد الا ولد الولد…
– لا (تقلبهاش غمّي)… يا (مسخّم)… خللينا مبسوطين، والاولاد الله يرظى عليهم، ( بدوروا على رزقتهم) (ومطرح ما ترزق الزق) والله (مهمّي) مقصرين معانا، الله يرظى عليهم… (ذاتشر) يا حج يوم بقيت نايم بقاع الدار، وسخلتنا الشررية تلعب وتنط بالدار رايحة جاي، ورفشت ببطنك… وصرت تغني (فندلولو)… ضحك الحج من قحف قلبه، وقال أيام هداة – بال… بقينا نروح ع المشمش بترمو… (اشتشال) الوان… ابيظ واحمر… زغير وتشبير… ويبقى (مرحرح) تحت امّو… والله تقولي بقلاوة… نوكلو ونطقع بزرتو… وينها وينها سنين الخير… يا قشالتنا اليوم منشتري من هالمشمش (التشلابي)، اللي لا طعم ولا ريحة المشمش فيه، والله ماسخ بزرتو، وصايره مرة…
– بقينا انحط طنجرة الطبيخ في الطابون بعد ما نخلص خبيز، ونسكره ونزبل عليه، وتظل فيه من المغرب للصبحيات… نقلعها الصبحيات، ويبقى كل شي فيها هامد… ويبقى فطورنا أحلى فطور… مين بفطر طبيخ هالايام يا حسنية؟… وتضحك حسنية… وتضحك حسنية… وتتشردق حسنية… يا حج الله مسخ معدنا مثل ما مسخ مشمشنا… اليوم فطورنا كله مشترى، جبنة… ولبنة… ومرتديلة… و… ويضحك الحج… وهاي جبنة متر اليوز اللي قلتي لي عنها هظاك النهار… عشان المعكرونة… توالي حسنية ضحكها… مازرولا… يا حج… مازرولا… ويضحكان… الله يديمها عليهما من نعمة… ويجعل أيامهما صفا، وهداة بال… وأيامكم/نّ أجمعين…