قتل النساء على خلفية الشرف

 علي أبو هلال| محام ومحاضر دولي – فلسطين

 

قتل النساء على خلفية ما يسمى “شرف العائلة” ظاهرة خطيرة في مجتمعنا الفلسطيني والعربي، وتعبر عن سيادة مفاهيم وثقافة المجتمع الذكوري، والنظرة الدونية لمكانة المرأة، رغم التطور النسبي لواقع مجتمعنا في كافة المجالات، كما تعبر عن نزوع المجرم للإفلات من العقاب واستغلال بعض النصوص القانونية التي تتيح له ذلك وخاصة العذر المحل من العقاب والعذر المخفف.

ولدراسة هذه الحالة سنتناولها في 3 عناوين رئيسية محاولا تكثيف واختصار البحث والعرض فيها ما أمكن، رغم أن ذلك يحتاج لقدرة فائقة تضمن تغطية هذا الموضوع بشكل شامل وموجز ومفيد، ويتطلب منكم الصبر وتحمل معاناة الاستماع تاركا لكم في النهاية عرض ما تشاؤون من أفكار لاغناء وإثراء النقاش آملا التوفيق في ذلك.

شاكرا لكم حضوركم ومشاركتكم التي أعتز بها، مع شكري وتقديري لندوة اليوم السابع المقدسية الرائدة التي أتاحت لي هذه الفرصة الهامة.

عناوين البحث هي:

أولا: الخلفية والأبعاد الاجتماعية

ثانيا: الخلفية والأبعاد القانونية

ثالثا: سبل الحد من ظاهرة قتل النساء على خلفية ما يسمى ” الشرف”

أولا: الخلفية والأبعاد الاجتماعية

قتل النساء في مجتمعنا الفلسطيني يشكل خطرا يهدد النسيج المجتمعي، ويصيبه بالتفكك وانعدام الأمان. وتتعدد جذور عمليات قتل النساء وخلفياتها ومسمياتها وأشكالها؛ ما يتطلب من الجميع الفلسطيني كل من موقعه، الوقوف أمام هذه العمليات وتفحصها من كل جوانبها، تمهيدًا لمحاربتها والقضاء عليها.

لم يعد المرور على انتهاكات حقوق المرأة أمرًا مقبولًا؛ فليس من العدل النظر إليها وكأنها جزء من الموروث الاعتيادي، يحق للذكر إنهاء حياتها وأكل حقوقها، بذرائع لا تستند إلى دين ولا قانون، ما يحتم ضرورة إيجاد رادع بمستوى الجريمة والانتهاك الذي تتعرض له.

في معظم الحالات التي تقتل فيها النساء يكون موضوع الشرف هو ذريعة القاتل؛ لكي يتهرب من العقاب على جريمته؛ فقد أصبح الشرف قناعًا يخفي السبب الحقيقي الذي يدفع القاتل إلى ارتكاب جريمته.

تزايد حالات القتل وشمولها أرجاء الوطن وتنوع أساليبها

تدل تفاصيل عمليات قتل النساء أن هناك تنوعًا في الحالة الاجتماعية للنساء المقتولات، وتنوعًا في أشكال القتل، والأدوات المستخدمة مع وجود قاسم مشترك، وهو: تعرض جميع المقتولات لسلسلة من أعمال التعذيب والتنكيل الجسدي والنفسي التي تنتهي عادة بالقتل؛ إضافة إلى استغلال المجرم بعض النصوص في قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 للإفلات من العقاب المنصف؛ وفي مقدمتها المادة 99 من قانون العقوبات المتعلقة بالعقوبات على الجرائم عند توفر أسباب مخففة.

تشير الإحصاءات التي ترصدها تقارير المؤسسات الرسمية ومؤسسات نسوية ومؤسسات حقوق الإنسان، إلى استمرار مسلسل قتل النساء في المجتمع الفلسطيني بوتيرة متصاعدة، وبشكل ملحوظ، لا سيما في الأعوام الأخيرة؛ فمن 13 حالة قتل في العام 2012 إلى 28 حالة في” حسب بيان هيئة الأمم المتحدة حول المرأة الفلسطينية في 15/ أيار 2015)2016؛ الأمر الذي دفع إلى دق ناقوس الخطر للوقوف عند هذه الظاهرة والعمل على محاصرتها، قبل أن تزهق أرواح المزيد من النساء، وما يتبع ذلك من آثار سلبية على المرأة الفلسطينية؛ بل وعلى المجتمع الفلسطيني ككل.

وفي أعقاب هذا التعديل على القانون العقوبات الذي يقضي بالغاء العذر المخفف، حدث تراجع في حالات قتل النساء إلى 15 حالة عام 2015 (حسب تقرير رصد قتل النساء وتوثيقها في المجتمع الفلسطيني لـ”مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي” 2016 )؛ ما أدى إلى شعور بعض المتابعين والراصدين بشيء من التفاؤل، بعد هذا التراجع؛ لكن سرعان ما عادت دائرة قتل النساء بالاتساع؛ ففي عام 2016؛ رصد 23 وفاة في ظروف غامضة؛ من بينهنّ 11 امرأة في قطاع غزة و12 في الضفة الغربية؛ وفي عام 2017 هناك 27 حالة، بينهن 10 حالات في الضفة الغربية، و17 في قطاع غزة” (وفق إحصائية لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي)، ليشعروا بالانتكاسة من جديد.

وبحسب إحصائيات رسمية أصدرتها الشرطة الفلسطينية: شهد العام 2018 تراجعا في الجريمة بشكل عام في المحافظات الشمالية؛ حيث بلغت الحصيلة 24 جريمة قتل، منها 12% ضد نساء على خلفية ما يسمى “قضايا الشرف”. وحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: شهد العام 2018 مقتل (4) نساء في الأرض الفلسطينية المحتلة على خلفية “قضايا الشرف”. وحتى حزيران 2019 سجل المركز مقتل حالتين على خلفية ما يسمى بـقضايا “شرف العائلة.”

فوفق أحدث البيانات المتوفرة من خلال أحدث دراسة أعدها مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي لعام 2019، أظهرت نتائج عملية الرصد والتوثيق التي عمل عليها المركز خلال الأعوام 2016-2018 أن هناك ما مجموعه (76) جريمة قتل وقعت بحق نساء وفتيات، توزعت على الثلاث سنوات بواقع (40) حالة قتل في الضفة الغربية بما فيها القدس، مقابل (36) في قطاع غزة، بتفاصيل جاءت على النحو التالي: خلال العام 2015 تم رصد وتوثيق (15) حادثة قتل لنساء وفتيات فلسطينيات، في حين تم رصد (23) حالة قتل أخرى خلال العام (2016)، ورصد قتل (29) امرأة وفتاة خلال العام 2017، بينما رصد المركز (24) عملية قتل أخرى خلال العام 2018. معدلات نمو خطيرة تعكسها هذه الأرقام من عام الى آخر، آخذين بعين الاعتبار عشرات القضايا والتحديات والأزمات التي تعقب عملية القتل، من تدمير لأسر وتشريد لأطفال، وتقطيع لعلاقات اجتماعية، وفتح الطريق نحو نفق مظلم من القتل والثأر والخسائر الاجتماعية وغيرها! فعملية القتل تكون بمثابة المفتاح لبوابة الجحيم وليست مفتاحا للراحة والنعيم.

18 حالة قتل ضد النساء منذ بداية 2019. 

بلغت حالات القتل منذ بداية عام 2019 وحتى تاريخ 22/9/2019 حوالي 18 حالة قتل ضد النساء، توزعت ما بين 14 حالة في الضفة و4 حالات في غزة منذ بداية العام 2019. جاءت على خلفيات ما بين القتل الفعلي والأسباب الغامضة لعملية القتل والانتحار أو “الاستنحار”، والمقصود فيه “ممارسة العنف والضغوطات النفسية على الضحية ما يدفعها للانتحار.”

مؤشرات على جرائم قتل النساء وفقا ً لدراسة أعدها المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات

– أن ما مجموعه 48 حالة قتل وقعت فى الفترة ما بين العام ) 2004 – 2006 ، بحق النساء بشكل عام.

– كان اصغر هذه الحالات فى سن 12 الثانية عشر من العمر.

– كان اكبر هذه الحالات سنا سيدة تبلغ من العمر 85 عام .

– كما كان من بين مجموع 48 حالة القتل السابقة 32 حالة تم قتلهن على نفس الخلفية، القتل بدواعي شرف العائلة. أمّا باقي الحالات قد قتلن بسبب وادعاءات مختلفة لها علاقة غير مباشرة بوضعهن الاجتماعي بشكل جزئي أو الى حد كبير.

في التفاصيل تذكر الدراسة المؤشرات التالية على 32 حالة، وهي “قتل على خلفية الشرف.”

الديانة: من بين 32 ضحية، كانت اثنتان مسيحيتان والبقية مسلمات، لا تعتبر هذه النتيجة مفاجئة بالنظر إلى نسبة المسيحيين إلى المسلمين بين السكان عموما.

العمر: تراوح عمر الضحايا بين 15 – 55 عاما، ما يمكن ملاحظته من توزيع الأعمار الموضح أعلاه أن غالبية الضحايا كن في العقد الثاني والثالث من العمر، وكانت اثنتان منهن تعدان طفلتين واثنتان فوق سن 50 عاما.

الحالة الزوجية: من بين 32 ضحية كانت 14 ضحية غير متزوجة، و 8 سيدات متزوجات، 6 مطلقات، وكان من بين الضحايا التي تم رصدها أرملتان، ولم يتم توثيق الحالة الزوجية لشقيقتين من قطاع غزة، ومن الملاحظ من خلال هذه النسب أن العدد الأكبر من ضحايا “القتل على خلفية الشرف” غير متزوجات، مما يشير إلى وجود نظرة إلى المرأة العزباء بأنها تمثل اخطر تهديد للنظام الاجتماعي.

المنطقة: جاء نصف الضحايا من قطاع غزة والنصف الآخر من الضفة، موزعا على 6 محافظات الشمال و 5 من محافظات الوسط، بما في ذلك القدس، و 5 من محافظات الجنوب، وان عدد حالات قتل الإناث في قطاع غزة، بالمقارنة مع عددها في الضفة الغربية يستدعي الاهتمام بالنظر إلى توزيع السكان في المنطقتين، ليس من الممكن هنا تفسير هذه النتيجة بما أن البيانات التي جمعها من قطاع غزة كانت محدودة، ولكننا نستطيع أن نلاحظ أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في القطاع هي عموما أكثر تعقيدا وصعوبة إذا ما قورنت بتلك السائدة في الضفة الغربية، ممّا يمكن أن يفسر جزئيا ارتفاع عدد الضحايا في القطاع.

الموقع: وجاءت 15 من أصل 32 حالة تم قتلها على خلفية الشرف والأخلاق من القرى، وجاءت6 من مخيمات اللاجئين، و8 من المدن.

ما يلاحظ هنا أن العدد الأكبر من الحالات ، والذي يكاد يصل إلى النصف، جاء من القرى، وعلى الرغم من النظرة النمطية للمخيمات على أنها أكثر تخلفا من المدن من الناحية الاجتماعية والثقافية إلا أن النتائج التي ترد هنا لا تدعم هذه النظرة، إذا اعتبرنا )القتل على خلفية الشرف (مؤشراً على درجة الوعي والاتجاهات الاجتماعية، والثقافية.

التعليم: فيما يخص الضحايا من الضفة الغربية ،كانت اثنتان في مرحلة الدراسة الجامعية وكانت واحدة تحمل درجة الدبلوم، فيما بلغ سبع منهن التعليم الثانوي الصف العاشر أو الحادي عشر، ولكن دون أن ينهين الصف الثاني عشر، وكانت 4 أخريات قد حصلن على تعليم ابتدائي واثنتان على تعليم إعدادي، أمّا بالنسبة لقطاع غزة، فمحدودية البيانات لم تتح توفر معلومات عن مستوى التعليم الذي حصلت علية الضحايا، إلا في ثلاث حالات،ح يث كانت طالبتان في المدرسة وكانت الثالثة طالبة في السنة الجامعية الأولى.

العمل بالأجر: من بين المجموع كان اربع من الضحايا فقط من الضفة الغربية يمارسن عملا بأجر في أعمال السكرتا رية والتدريس في الحضانات، وكانت  اثنتان طالبتين، فيما كانت البقية إمّا ربات بيوت أو غير عاملات. .

 

أسباب القتل على خلفية الشرف

 من أسباب زيادة هذه الظاهرة هو غياب الوعي المجتمعي، وتشوّه الوعي الديني في ثقافة المجتمع السائدة، والتي تجرم المرأة لمجرد الشبهات، ولا تأخذ حتى بضوابط الشرع في هذا الإطار، فيما تهمل كون جرائم الشرف لا تقع إلا بطرفين. كما أن السوابق القضائية في التعاطي مع جرائم القتل على خلفية شرف العائلة شجعت ولم تزل على استمرار وتصاعد هذه الجرائم في مجتمعنا، حيث يجري إصدار أحكام مخففة بحق القتلة، ما يدفع إلى تحويل أي جريمة قتل حتى ولو كان دافعها حرمان الأخت من الميراث تحول إلى قضية شرف. معظم أسباب القتل على خلفيه الشرف غير قائمة على أسس شرعية ولا قانونية ولا دلائل حقيقية، أسباب قد تعود لطلب الإرث باستغلال وتنفيذ نواياهم ومصالحهم الشخصية تحت ستار القتل على خلفيه الشرف. أسباب قد تعود إلى عادات وأنماط اجتماعيه سائدة موروثة قتل المرأة بيد الرجل تذرعا بالشرف والأخلاق.

تردي الأوضاع الاقتصادية، فيلجأ الناس لإيجاد سلطه أخرى أو قانون أخر لحل مشاكلهم وهي السلطة العشائرية التي تسعى دائما إلى لملمة الموضوع، خوفا على سمعه العائلة وخلق مبررات للجاني وضياع حق المرأة.

الشك : قتل النساء على خلفيه الشك معظم حالات القتل لا تستند على معلومات حقيقية فقط لمجرد الشك، وهناك بعض الحالات التى اكتشف بعد قتلهن أنهن عذارى. وقد يكون السبب المجتمعات الأبوية التقليدية السلطوية واعتماد استخدام القوانين غير المكتوبة من عادات وتقاليد وأعراف.

ضعف جديه جهة الشرطة في التعامل مع شكاوي النساء، فكثير  من النساء يمتنعن عن التوجه إلى مراكز الشرطة بسبب تعقيد الإجراءات المطلوبة؛ لتسجيل الشكوى وكثير من رجال الشرطة يقدمون نصيحة للفتاة بعدم ضرورة تقديم هذه الشكوى.

غياب القضاء والعمل بقانون العقوبات الفلسطيني، وعدم وجود قانون مجمع عليه، خاصة بعد مشروع قانون العقوبات الذي اقر بالقراءة عام2003.

قصص حية لجرائم الشرف:

القتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة في المجتمع الفلسطيني، أخذ أشكالا متعددة فبعض من نفذوا عمليات القتل، فلتوا من العقاب على جرائمهم لاتبعاهم أساليب ملتوية في عملية القتل للتخلص من أثار الجريمة، مثل دس السم للنساء، أو دفعهن للانتحار، أو الادعاء بالمرض، والقتل بإطلاق النار، أو طعنا بالسكين بطريقة بشعة، ودفنهن بطريقة مهينة، لإخفاء جرائمهم للهرب من العار والفضيحة التي تلاحق العائلة لفترات زمنية طويلة، وكذلك للهرب من المثول أمام القضاء ونيل العقاب على جرائمهم.

الجدير بالذكر أن هذا التقرير هو ملخص للتقرير الموسع الذي عمل عليه المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، وان بعد تاريخ إعداد هذا التقرير رصدت عدة حالات قتل في أراضي السلطة الفلسطينية، وخاصة الجريمة التي وقعت فى محافظة قلقيلية، نتج عنها مقتل فتاتين على يد شقيقهما، وذلك من خلال إطلاق النار عليهما بشكل مباشر، ممّا أدى إلى مفارقة الحياة على الفور، وبعد أن قبضت عليه الشرطة الفلسطينية وخلال التحقيق مع من قبل النيابة العامة اعترف بجريمته، معللا السبب بدافع الثائر لشرف العائلة. وكذلك لم يدخل ضمن التقرير حالة القتل لفتاة جامعية من مدينة غزة على أيدي مجهولين، بعد أن وجدت ملقاة في احد شوارع قطاع غزة، بعد يومين من اختطافها من شارع عمر المختار بمدينة غزة، وحتى تاريخ 18 / 11 / 2007 لم يرشح أي معلومات يمكن الاستناد عليها، وعلى أي خلفية اختطفت وقتلت الفتاة.

قضايا حية من الواقع الفلسطيني:

قتل أربع فتيات من بينهن ثلاث شقيقات في قطاع غزة بطريقة بشعة، وقد تم التمثيل بجثثهن بطعنات سكين في أنحاء مختلفة من أجسادهن إحداهن ذبحت كالخراف بطريقة مهينة، اختلفت الروايات عن سبب مقتلهن، ولم يتمكن أحد من معرفة السبب الحقيقي وراءه، وفي ظل غياب وكيل النائب العام عن حضور عملية التشريح مع الطب الشرعي، وفي ظل عدم صدور تقارير عن النيابة العامة حول هذه الجرائم تزداد الشائعات والتكهنات حول جرائم قتل النساء.

قضايا حية من الواقع الفلسطيني:

بتاريخ 21 / 7 / 2007 أقدم شاب فلسطيني وابن عمه علي قتل ثلاث من شقيقاته أحداهن متزوجة، طعنا بآلة حادة، وعمليات خنق بعد أن قام بأخذهن إلي مكان مجهول، الشقيق حاول عقب فعلته مواراتهن بالتراب، إلا أن سكانا قريبين من المكان شاهدوا الحادث وابلغوا الشرطة، التي أعلنت بعد يومين اعتقالها للشاب المتهم بالحادث، موضحة انه اعترف خلال التحقيق أن ما دفعه لقتل شقيقاته هو الدفاع عن ما يسمى بشرف العائلة، حيث وجدت جثامينهن ملقاة في مقبرة شهداء وادي السلقا، شرق مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة. وقالت المصادر أن سيارة من طراز جيب ألقت بجثث ثلاث فتيات في منطقة أبو العجين شرق دير البلح وسط قطاع غزة، والجدير بالذكر أن هؤلاء قتلوا والدة الفتيات العام الماضي، وجرحوا إحداهن، ولفتت المصادر إلى أن النساء الأربع كن هربن من أقاربهن من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وأقمن في القرية البدوية شمال قطاع غزة بمنأى عن أقاربهن، وهربا من مصير كن يعرفن أنه محتوم، وبعد هذه الحادثة فرت الفتيات. وأفادت مصادر المركز من خلال فريق البحث الميداني أن شقيقهن الجاني أدين قبل ثلاث سنوات بالقيام هو ومجموعة من الشباب بارتكاب عملية قتل لفتاة قاصر تبلغ من العمر 16 عاما، بعد أن اغتصبوها في منطقة نائية شمال القطاع، وقد قضت إحدى المحاكم الفلسطينية عقب إدانة هؤلاء الجناة بإعدامهم، لكن هذا الشاب فر من سجنه بمدينة غزة نتيجة الاقتتال الداخلي.

وفي العام 2006 ألقت النيابة العامة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، القبض على أحد المواطنين، مساء يوم الأحد الموافق 13 / 8 / 2006 ، اعترف بقتل شقيقتيه “ف. ك” 27 عاما، “ك”، 21 عاما، وكلتاهما من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، على خلفية ما يسمى بقضايا الشرف بحسب ادعاءات المتهم.

ومن قصص المأساة المضحكة المبكية أن شابا أقدم على قتل شقيقته العازبة عندما رأى بطنها منتفخا، ظنا منه أنها مارست الرذيلة، ليكتشف بعد فوات الأوان أن مرضا ألمّ بشقيقته أدّى إلى انتفاخ بطنها، لكن اكتشاف الحقيقة كان متأخرا بعدما أزهقت روح الفتاة ظلما، وانتقل شقيقها إلى السجن.

وهناك أمّ قتلت ابنتها، التي لم تتجاوز السابعة عشرة من العمر، خنقا حتى الموت . وبعد البحث في ملفات القضية، تبيّن أن هذه الفتاة كانت طفلة حين قام عمها باغتصابها للمرة الأولى، عندما كانت والدتها ترسلها إليه بالطعام في منزل منعزل بعض الشيء، وسط المزارع والبساتين في جنوب قطاع غزة. ومع خوف الفتاة من التصريح بما أصيبت به، تمادى العم في جريمته، وأصبح مداوما على اغتصابها حتى أصبح الأمر طبيعيا بالنسبة إليهما. وذات يوم كشف المستور، عندما دهمت آلام المخاض هذه الفتاة الطفلة، فما كان من أمّها إلّا أن قامت بخنقها للتخلص منها، أما عمها من فلا يزال حراً طليقاً، وقد يرتكب هذا العم المجرم المزيد من الجرائم.

وكشفت دراسة استكشافية نسويه أن بعض جرائم القتل، التي ترتكب بحق النساء على خلفية الشرف، يكون سببها الحقيقي قضايا أخرى ومختلفة تماما، وغالبا ما تكون متعلقة بمسألة الميراث، في ظل رفض كثير من العائلات الكبيرة منح الإناث نصيبهن من الميراث الشرعي، بدعوى الحرص على عدم ذهابه إلى رجل غريب في حال زواجها، لذا فإن نسبة العنوسة في هذه العائلات الثرية مرتفعة.

نساء كثيرات قتلن بدافع حماية الشرف وغسل شرف العائلة، وتزايدت حدة هذه الظاهرة شهرا بعد آخر، ما مثّل صدمة واسعة وشعورا بالخجل في الشارع الفلسطيني الذي لا زال يحتكم إلى قانون ذكوري إلى حد كبير يدين المرأة ويبرّئ الرجل.

ثانيا: الخلفية والأبعاد القانونية

1- التشريعات العربية

 موقف التشريعات العربية من القتل على خلفية الشرف يصنف إلى اتجاهين:

الاتجاه الأول وهو ما أخذت به معظم التشريعات العربية التي ترى في هذا العذر ظرفا مخففا للعقاب كالقانون المصري والعراقي والليبي والإماراتي وغيرها.

أما الاتجاه الثاني فتمثله بعض التشريعات العربية التي ترى في هذا العذر سببا لإباحة القتل، ورفع الصفة الجرمية عنه كالتشريع اللبناني والسوري والأردني.

حيث اتضح أن التشريعات العربية المختلفة تعتد بهذا العذر من حيث تأثيره الايجابي على عقوبة القتل العمد ويرجع ذلك إلى أن الزوج إذا فوجئ بزوجته متلبسة بالزنا فإن من شأن ذلك أن يصيبه بثورة نفسية تفقده السيطرة على نفسه، لشعوره بفداحة الجرم الذي شاهده وتأثيره الكبير على شرفه وشرف أسرته.

نتناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل في الأردن وفلسطين وفقا للقوانين السارية فيهما مشيرين إلى التعديلات التي أدخلت على هذه القوانين فيما بعد.

وقبل الدخول في ذلك لا بد من الإشارة إلى الخلفية القانونية التاريخية للتشريعات العربية التي نصت على هذه الأعذار سواء المحلة من العقاب أو المخففة منه.

الأصل التاريخي لهذا النص القانوني هو قانون العقوبات الفرنسي مادة 2/324 وهو نص له خصوصيته لدى المشرّع الفرنسي، وتتمثل تلك الخصوصية في ارتفاع ظاهرة الخيانة الزوجية في فترة انشغال الجيش الفرنسي بحروبه الخارجية إبان فترة الحروب، التي عاشتها الدولة الفرنسية في عهد نابليون بونابرت منذ عام 1807 الأمر الذي دفع بالمشرّع الفرنسي في بداية الأمر إلى التركيز على الزوج دون الزوجة في منح العذر المخفف في القتل إذا ما أقدم عليه، وهو توجهٌ حَكَمه الواقع فيما يبدو، فكان الزوج الذي يفاجىء بزوجته في حال التلبس بالزنا في مسكن الزوجية، يستفيد من العذر المخفف إذا ما أقدم على قتلها، وأمّا إذا حصل العكس بأن فوجئت الزوجة بزوجها في حال التلبس بالزنا في مسكن الزوجية أو في أي مكان آخر، فلا تستفيد من العذر المخفف إنْ قتلته وتعاقب بعقوبة جنائية كاملة على جريمة القتل المقصود. إلاّ أن المشرّع الفرنسي قد تراجع بعد ذلك عن هذا النص أمام حملة الانتقادات التي وجهها إليه فقهاء القانون الجنائي الفرنسي، وصار يمنح العذر المخفف في القتل للزوج والزوجة على حد سواء، إذا ما فوجىء أحدهما بالآخر في حالة تلبس بالزنا في مسكن الزوجية، وأقدم على قتله أو إيذائه، واستمر هذا الوضع إلى أن ألغى المشرّع الفرنسي النص القانوني المذكور كاملا بموجب المادة ( 17 ) من القانون المعدل لقانون العقوبات الفرنسي الصادر بتاريخ 11 / 6/ 1975 التي ألغت العذر من أساسه، وقد رافق هذا التوجه قيام المشرّع الفرنسي بالغاء جريمة الزنا بنص المادة ( 25 ) من القانون المعدل لعام 1975.

ونظرا لتأثر التشريعات العقابية العربية بالمشرّع الفرنسي” المدرسة اللاتينية” فقد سرَّب النص الخاص بالأعذار القانونية في القتل إلى عدد من تلك التشريعات، وبعضها أخذ بالعذر القانوني، لمُحِل فيما أخذ البعض الآخر بالعذر المخفف، وقلة من التشريعات العربية ألغت العذر من أساسه كقانون العقوبات التونسي، إلاّ أن التشريعات العقابية التي تبنت العذر القانوني المُحِل قد استقرت في نهاية المطاف على الأخذ بالعذر القانوني المخفف كما هو الحال في قانون العقوبات اللبناني والسوري والأردني، حيث جرى تعديل على قانون العقوبات الأردني رقم16 لسنة 1960 النافذ في الضفة الغربية، عَدَّل بموجبه المشرّع الأردني العذر المحل الذي كان واردا في المادة 340 بالعذر المخفف بموجب القانون المعدل رقم 86 لسنة 2001.

2- لتشريعات القانونية في الأردن وفلسطين

لقد وضع قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 النافذ قواعد تستند إلى الأخذ بمبدأ استفادة بعض مرتكبي الجرائم من مبدأي “االعذر المحل” والعذر المخفف، حيث نصت المادة 98 من هذا القانون النافذ في الضفة الغربية على أنه : ” يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه.

وقد أطلقت هذه المادة حكما عاما قاطعا باستفادة القاتل نتيجة سورة غضب شديد من العذر المخفف، وهو عذر الذي لا يعفي من نطاق المسؤولية الجزائية، وإنما يؤدي إلى التخفيف من العقوبات المقررة لجريمة القتل بدلالة المادة 97 من ذات القانون والتي نصت على:

عندما ينص القانون على عذر مخفف

1- إذا كان الفعل جناية توجب الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد حولت العقوبة إلى الحبس سنة على الأقل.

2- وإذا كان الفعل يؤلف إحدى الجنايات الأخرى كان الحبس من ستة أشهر إلى سنتين.

وإذا كان الفعل جنحة فلا تتجاوز العقوبة الحبس ستة أشهر أو الغرامة خمسة وعشرين دينارا.

ويتضح من نص المادة 97 المشار لها إلى أن المشرع انحدر بالعقوبات الجنائية إلى درجة تقترب إلى عقوبات جنحوية وفقا للفقرة 1و2 من هذه المادة مما يخرج جريمة القتل من صفتها الجنائية إلى صفة الجريمة الجنحوية، مما يجعل هذه العقوبة غير رادعة بداعي سورة الغضب الشديد الناتجة عن عمل غير محق، وعلى جانب من الخطورة، وهي مسألة موضوعية تخضع للسلطة التقديرية للهيئة القضائية التي تنظر الدعوى.

في حين نجد ان المادة 96 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 60 قد نصت على وجود العذر المحل ضمن السياسة العقابية للمشرع ، وهو عذر تنتفي معه المساءلة الجزائية، ويمتنع فيه القضاء عن اتخاذ أي عقوبة بحق مرتكب فعل القتل حال استفادته من هذا العذر المحل، مع إمكانية اتخاذ بعض التدابير الاحترازية، حيث نصت هذه المادة على : ” إن العذر المحل يعفي المجرم من كل عقاب على أنه يجوز أن تنزل به عند الاقتضاء تدابير الاحترازية كالكفالة الاحتياطية مثلا.”

ومن أهم تطبيقات العذر المحل في قانون العقوبات النافذ ما جاءت به المادة 340 من القانون حيث نصت على:

1- يستفيد من العذر المحل، من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه حال التلبس بالزنا مع شخص آخر، وأقدم على قتلهما أو جرحهما أو إيذائهما كليهما أو إحداهما.

2- يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الإيذاء من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو إحدى اصوله أو فروعه أو أخواته مع آخر على فراش غير مشروع.

1- ويتضح أن نص هذه المادة لم يفرق بين حالة التلبس بالزنا وفقا لنص الفقرة  وحالة المفاجأة بموجب الفقرة 2 من ذات المادة، مما يعني أن القاتل على خلفية الشرف سيستفيد في كلتا الحالتين من العذر المحل أو العذر المخفف.

3- آثار العذر المحل والمخفف على السياسة العقابية في الأردن وفلسطين:

لقد ساهم العذر المخفف والمحل في جرائم القتل على خلفية الشرف في ازدياد حالات هذا النوع من القتل في المجتمع الفلسطيني، والتي كان آخرها مقتل الفتاة آية برادعية، وذلك لوجود فهم مسبق لدى العامة أن القاتل بداعي الشرف لا يعاقب، الأمر الذي عانى من المجتمع الأردني أيضا، والذي كان يطبق إلى حد قريب نص المادة 340 النافذة لدينا، ممّا حدا المشرع الأردني إلى تعديل نص المادة 340 من قانون العقوبات بمرسوم ملكي بقانون رقم 86/2001 لتصبح هذا المادة معدلة كتالي: 

1- يستفيد من العذر المخفف من فوجىء بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته حال تلبسها بجريمة الزنا، أو في فراش غير مشروع فقتلها في الحال، أو قتل من يزني بها، أو قتلهما معا، او اعتدى عليها أو عليهما اعتداء أفضى الى موت أو جرح أو إيذاء او عاهة دائمة.

ويستفيد من العذر ذاته الزوجة التي فوجئت بزوجها حال تلبسه بجريمة الزنا، أو في فراش غير مشروع في مسكن الزوجية، فقتلته في الحال، أو قتلت من يزني، بها أو قتلتهما معا، أو اعتدت عليه أو عليهما اعتداء أفضى الى موت أو جرح أو أيذاء أو عاهة دائمة، لا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي بحق من يستفيد من هذا العذر ولا تطبق عليه أحكام الظروف المشددة.

ويلاحظ هنا أن المشرع الأردني قد عدل هذه المادة من خلال اعتباره القتل على خلفية الشرف عذرا مخففا بدلا من اعتباره عذرا محلا، بمعنى أن القتل على خلفية الشرف أصبح مجرما بدلالة المادة 97 التي جعلت لتوافر العذر المخفف أسبابا موجبة لتخفيض العقوبة، كما أن هذه المادة أعطت المرأة ذات الحق بالاستفادة من هذا العذر المخفف.

إن التعديل الذي أجراه المشرع الأردني لم يكن قادرا على تحقيق سياسة الردع المطلوب ، ذلك أن تعديله اقتصر على نص المادة 340 ولم يتطرق بالتعديل إلى المادة 98 والمادة 97 من القانون، حيث استفاد الكثير من مرتكبي الجرائم على خفلية الشرف من نص المادتين المذكورتين ممّا أثر سلبا على السياسة العقابية، وأدى إلى عدم فاعلية التعديل الذي أجري في العام 2001 ، الأمر الذي لم يمنع تزايد ارتكاب هذا النوع من الجرائم في المجتمع الأردني مؤخرا.

وهذا ما ينسحب على الحالة الفلسطينية حيث أصدر السيد الرئيس قرارا بقانون يتضمن تعديل مواد في قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 الساري في المحافظات الشمالية، وقانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 الساري المفعول في قطاع غزة، بأنّ قضى بإلغاء المادة 340 بفقرتيها من قانون العقوبات رقم 16، وكذلك تعديل القرار نص المادة 18 من القانون رقم 74، من خلال إضافة عبارة ‘يستثنى من ذلك قتل النساء على خلفية ما يعرف بشرف العائلة، فإنه ورغم ذلك يلاحظ أنّ ظاهرة القتل على خلفية الشرف قد تزايدت بشكل كبير هذا العام رغم هذا التدخل التشريعي من قبل سيادة الرئيس.

أصدر الرئيس محمود عباس اليوم الإثنين 19/5/2014 ، قرارا ألغى فيه العذر المخفف كلما وقع الفعل على أنثى بدوافع ما يسمى ‘قضايا الشرف.”

وقال حسن العوري المستشار القانوني للرئيس عباس للحدث، إن القرار جاء كتعديل للمادة 98 من قانون العقوبات رقم 12 لسنة 1960 الذي كان يقضي بتخفيف العقوبة لمن يرتكب جريمة وهو في حالة غضب عارم، إذا كان القتيل من أفراد الأسرة وكان الموضوع يتعلق بقتل من أجل الشرف.

وأضاف العوري، أن قرار الرئيس عباس يعني عدم صلاحية القضاء في الخوض في الأسباب التخفيفية كلما تبين للمحكمة أن الضحية أنثى، وتم ارتكاب الجريمة بدوافع ما يسمى ‘بجرائم الشرف’، لأن الفعل أصبح آمرا وهو مستثني كل ما يتعلق بجرائم الشرف من ثورة غضب أو عذر مخفف، ويصبح مرتكب الجريمة فاعلا لجريمة مكتملة الأركان كجريمة اعتيادية.

ورغم هذه التعديلات الهامة التي أدخلت على قانون العقوبات الساري المفعول في الضفة الغربية وقطاع غزة إلا أن جرائم قتل النساء بداعي الشرف لم تتوقف بل لا زالت في ازدياد مستمر، ما يتطلب اتخاذ إجراءات أخرى للحد من هذه الظاهرة الخطيرة ووقفها، وهذا ما سنبحثه في الجزء الأخير من هذا الموضوع.

ثالثا: سبل الحد من ظاهرة قتل النساء على خلفية ” الشرف”

لا يزال المجتمع الفلسطيني مجتمعا ذكوريا تقليديا، يستند إلى الأعراف والعادات بوصفها وسائل وأساليب لتكريس دونية المرأة، وتعزيز ثقافة التمييز من جهة، ومن الجهة الأخرى فإن البيئة القانونية القائمة حاليا في فلسطين لازالت فضفاضة وغير رادعة، وتشكّل عقبة أساسية من شأنها أن تبقي الباب مفتوحا على مصراعيه أمام جرائم مستقبلية ضد النساء في فلسطين، وذلك على الرغم من الالتزامات والإجراءات التدبيرية المفروضة على دولة فلسطين سواء على الصعيد التشريعي أو التنفيذي بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

بالرغم من انضمام دولة فلسطين في العام 2014 ، للعديد من المواثيق والاتفاقيات الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سيداو، التي تكفل العديد من الحقوق وعلى رأسها الحق في الحياة والكرامة الإنسانية والمساواة، كمبادئ أساسية للحرية والعدل والسلام، إلا أن وضعية المرأة وحقوقها في فلسطين لازالت بشكل أو بآخر تراوح مكانها، ولا زالت التشريعات الوطنية السارية تمييزية وغير متوائمة مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والالتزامات القانونية المترتبة على دولة فلسطين بعد انضمامها لهذه الاتفاقيات.

ولا زالت العادات والتقاليد الموروثة تلعب دوراً أساسيا في تعزيز ظاهرة تعنيف النساء وقتلهن تحت مبررات ومسوغات عديدة تبرر ذلك بمسميات لها علاقة بمفاهيم سائدة مثل «شرف العائلة »، أو «سلوكيات المرأة » … إلخ من المفاهيم التي تدور في فلك «لوم الضحية » نفسها، وإنقاذ «القاتل » من العقاب.

إن مواجهة ظاهرة قتل النساء يتطلب تركيز الجهود على محورين أساسيين:

الأول: العمل باتجاه الضغط والتأثير من أجل مواءمة التشريعات القائمة مع التزامات دولة فلسطين وتعهداتها في الاتفاقيات والمعاهدات التي وقّعت عليها.

الثاني: العمل على برامج تثقيف وتوعية مجتمعية؛ بغرض التأثير في المفاهيم والعادات والتقاليد والسلوكيات التي تعزز دونية المرأة على الرجل والتمييز ضدها على أساس الجنس، وبناء ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني وحق المرأة التمتع بجميع حقوقها دون أي شكل من أشكال التمييز.

توصيات ختامية:

فيما يلي بعض التوصيات التي يمكن أن تساهم في الحد من ظاهرة قتل النساء على خلفية (شرف العائلة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى