قراءة في سيرة العابد المجاهد صاحب الكرامات أبو إسحاق السبائي
دعاء محمد عبد العال | باحثة مصرية
كان مولده سنة إحدى وأربعين وقيل في رجب سنة أربعين.. إنه العالم الجليل أوحد زمانه الزاهد العاقل، يوالي في الله ويعادي في الله، صاحب قوة الإيمان، نزيه النفس كثير الجد والاجتهاد، سريع الفهم،صاحب الكرامات ومن أولياء الله القلائل التي كانت تظهر عليهم البراهين، وكان رقيق القلب، غزير الدمع، مجاب الدعوة، جميل الأدب، طلق الوجه.كان السبائي شديد الأخذ على نفسه، شديد الورع وكان أحد من عقد الخروج على بني عبيد الله.
كان الفقيه محمد بن أبي زيد يصفه بكثرة الفضل والعقل ويقول ما هذا الذي نحن فيه إلا ببركته. وقال أبو الحسن القابسي: ما انتفعت إلا بدعاء أبي اسحاق حيث قال له: أعلى الله قدرك في الدنيا والآخره.
وقال أحمد بن نصر الفقيه: لا تعارضوا أبا إسحاق السبائي فلو وزن إيمانه بإيمان أهل المغرب لرجحهم.
وقال أبو القاسم ابن شلبون الفقيه: حضرت يوم العيد أنا وصاحب لي، فطالع إسماعيل السلطان، وكان قد تغير لونه أصفر من الزمهرير الذي أصابه بطريق جلولاء فقال في في خطبته: أيها الناس إن حسينا” أتاكم بنقطة من قلة، ووهذه القلة بين أظهركم _ يريد بحسين أبا عبد الله الشيعي_ قال: فانصرفنا إلى مجلس أبي اسحاق فأخبرناه بهذا الكلام فقال: عجبا”، نقطة من قلة خرقت المشرق والمغرب، اللهم أمير القلة، قال الشيخ:فبعد أيام يسيره مات إسماعيل.
قال أيضا أبو الحسن القابسي: كنت جالسا في يوم عيد بين يدي أبي إسحاق السبائي مع أصحابنا والناس يزدحمون فوجا بعض فوج يصافحونه ويتبركون بدعائه فقلت في نفسي ترى إن كان في قلب الشيخ شيء من كثرة الناس عليه؛ فقال في فوره: ما كان ذلك إلا مرة واحدة من الشيطان فزال والحمد لله. قال فقلت في نفسي الشيخ يتكلم على الخاطر كما يذكر عن الأولياء، فقال: “ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم”.
ومن شدة إيمانه يقول أبو عبد الله محمد بن أبي بكر: أقام الشيخ أبو إسحاق ثلاثين سنة يصلي الصبح بضوء العتمة وكنا نأتي إلى المسجد الذي عند داره فنجده وقد أربد وجهه من القيام
إجابه الدعاء والكرامات
كان يدعو لمن عمي فيبصر، وعلى الظالم وصاحب الأذى فيهلك من يومه، وأن يفرج الله الأمور على صاحب الدين والفقر، ويدعو على من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيهلك.
وإذا جاء رجل إليه بإبنته أصيبت بفقدان بصرها فذهب بها إلى السبائي وأخذ يرقيها حتى أصبحت تبصر وزال ما بها في الوقت نفسه.
ودخلت علقة في فم صبي بدوي فعناها الطبيب بما قدر لعلها أن تخرج فلما أعياه قال له: ما هذه في استطاعتي فامض بابنك إلى السبائي لعله يدعو له فيفرج الله عنه فصار إليه فأخبره بقصته والناس وراءه ثم حرك شفته وقال للصبي تقدم وقرأ على فيه وأومأ بيده إلى العلقه فسقطت منه.
ويقول الشيخ أبو القاسم ابن شلبون: كانت رقيته بالحمد لله رب العالمين وقل هو الله احد والمعوذتين كل ذلك سبعا ثم يقول في آخر دعائه ببغض في عبيد وذريته حبي في بيتك وأصحابه وأهل بيته اشف كل من رقيته.
وقال الحسن القابسي: لما احتضرا أبو إسحاق رأى من حضر نورا دخل من باب البيت حتى أتي وجهه ثم زال عن وجهه ومر على صدره ثم إلى رجليه ثم خرج من البيت فقبض الشيخ.
توفي يوم الثلاثاء في النصف من رجب سنة ستة وخمسين وثلاثمائة وكان ابن خمس وثمانين سنة ودفن يوم الأربعاء بباب نافع بجانب قبر عمه إسماعيل.