هوميروس زماننا.. إلى الشاعر الكبير نسيم وسّوف

أليسار عمران | أديبة سورية

حتى ميعادِ فَناءِ هذا الجسدِ الحاضنِ لروحِ،سترّنُ أجراسَ الدّقائقِ على شريطِ العمرِ المنسابِ نجمةً نجمةً،أمنيةً أمنيةً،قبلةً قبلةٍ على جبينِ الحياةِ !

حكمةٌ أجنحتها المحبّةُ وروحها الالتزام وعمقها شعورُ الانسانِ
تلكَ هي حكمتهُ

أيُّ قدَرٍ وأيّ عزيمةٍ واجهتها يا هوميروس!!
لتقطفَ الجمالَ منَ الحياةِ بكلّ لحظةِ عابرةٍ مابين خفقةِ قلبٍ واستراحتهِ

بهيكلة الشّعور والموسيقا وتصليحِ عطبِ المعنى!
تشكيلُ لحظاتِ الحياةِ لتعزفَ الأرواحُ صلاتها المقدّسةِ!
هيكلةِ جملةٍ وإلباسها روحها معطفَ دفءٍ

لايمكن للأبجديّة أن تقفَ صامتةً عند يدٍ أعطاها الطبيبُ أمراً بالاستراحةِ ويدٍ حرّةٍ طليقةٍ نبشت تربةَ الحياةِ لتغدق مواسم الخير والنّورِ …هنا مرّ إنسانٌ..والحضارةُ أسّسها الانسان!

لعمرٍ قد يطبق جفنه عن الحياةِ مابين نبضةٍ وأخرى!
تهمسُ في أذن الجميعِ :الحياة جميلةٌ ،علينا أن نمضي كلّ ثانيةٍ بأقصى متعةٍ ممكنة، لأن العمرَ واحدٌ والربُّ واحدٌ!
ألف رجلٍ عادلٍ اجتمعوا برجاجةِ عقلهِ،وألف عاشقةٍ سكنت هدبَ مشاعرهِ، وألف دمعةُ عتبٍ وشفقةٍ على أولئكَ الفقراءِ الّذين لم تسنحْ لهم الحياة بمفارقةِ سريرِ الرّاحةِ طالبين الخلود دون أن ينزفوا قطرة شعورٍ واحدةٍ!

هوميروس مابين العالم الافتراضي وبناءُ مملكةِ المحبّةِ بصقلِ الموهبةِ وضبط إيقاع الحوارِ والتفاعلِ الخلّاقِ الرّاقي
في مجتمعٍ أدبي أسّسهُ بعروقهِ..بأوردتهِ يمنحُ أماناً لهذا العالمِ من ركنهِ الحزينِ المظلمِ،يخلقُ شعاعَ نورهِ فيعود العالمُ محملاً بالضّوءِ والمحبّةِ لينير جهاتَ الكوكبِ..

إلى حقلٍ يجتمعُ فيهِ الشّجرُ نشاذاً تنتظرُ فيه كلّ شجرةٍ حضوره المبارك،فهو الذي أقامَ قيامةَ أرواحِ العاشقاتِ بالمحبّة بعبارةٍ واحدةٍ كتبها ومضى لا ينتظرُ منهنَّ مقابلاً سوى أن يكنّ وحسبْ..

قائدٍ أوركسترا الشّجرِ يتدّخلُ اليومَ في كنهِ الترابِ وماهيّة الشّجرِ وإيقاعِ الأغصانِ وهسهسةِ الورقِ الذّابلِ ليزرعَ الرّوحَ في زيتونةٍ!
في زمنٍ لم يعد فيه حبرُ القصيدةِ كافياً بل حبر الجدّ والعملِ واقتلاع الشّوكِ المتأججِ في أعماقِ الحياةِ !
يقلّمُ أغصان شجرةً، ويعمدُ أوراقها ،يطبطبُ على جذعِها لترقَّ وتمنحَ المواسمَ سحرَ قصيدةٍ مباركةٍ!

سيلهمكَ إلى بعلٍ ولكنهُ هذا المرّة سيقول لكم : اكسروا أقلامكم وهيّا بنا ننتظرُ شروقَ الشّمس،ونعدّ للحقولِ طرحتها،ونطرزُ ثوبها الأخضرَ بعنايةِ الشّغفِ والمحبةِ،هيّا معاً نرفضُ الحربَ والحصارَ ونطلقُ زنودنا كؤوساً تقرعُ نخبَ الفصولِ لتزهرَ البلدُ بالمحبّةِ والجمالِ..

هوميروس الذي أمضى أوقاتاً طويلةً في تصويبِ القصائدِ للبشرِ لاينتظرُ شكراً ولاثناءً!
توجّهَ بركعتهِ ليقبّلَ وجهَ تّراب حقلٍ لطالما ماحجّ إليهِ يدعو الله أن تطأهُ خطاهُ،اليومَ يغزلهُ قصيدةً وغداً سيكونُ الكتابَ

هوميروس العبقريةُ في إعادةِ خرابِ الرّوح في البشرِ،في الأشياءِ،في يبابِ الأرضِ إلى جنّاتِ تشهقُ بالحياةِ !

للأبديةِ بشرها الأنقياءِ..
هنيئاً لمن نال لقبَ المعلّمِ حين أنكر ذاته لتلبسها ذوات الآخرين…

هوميروس الرّسالة تقولُ: أي عالمِ مهما زاد حجمهُ يتسّعُ بالرّحمةِ بالمحبّةِ بالاحتواءِ وبعقوبةِ التّجاهل لبعضِ الدّقائقِ المؤلمة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى