جِنينُ ..الحقُ آتٍ
فايز حميدي | شاعر فلسطيني مغترب
-١-
يَا وَطن الشَّغف الداميَّ والفُقراء الحَزانى
يا وجهَ النُّورِ ، وَكعبةَ الكَون ، وحكايةَ الإنسانِ ..
ما زال الزمان غربةٌ عتيقةٌ من عُمر الطوفانِ ..
وما زالت النَّوارس تحنُّ للشطآن
كلابُ – عَابرو البحرِ* – تُداهمنا
وسياط الحاكم العربي
وَكم طاردتنا كلابُ الطُغاة !!
وَجِراحُنا تَضيءُ ليلَ التَائهين أرجوحةٌ للصباحِ
يا جنين* يا موقدَ الجَّمر في
مُقلتيك شَيءٌ ، رُبما عَتبٌ، لا يُقال .
أزفرُ بِحرقَةٍ :
جنينُ سيّدة الحقِّ الوَاثق تُنادينا ،
ضِيمتْ ولم تَهُنِ
تُغالبُ جِراحها وَحقائب الأوجاعِ ..
والغضبُ من مآقي البلاد يَنهمرُ ..
سَطوة الصوت تَجلدُّني !!
يا قُدس زمّليني !!
زرعتِ بذورَ الفداء
وفي الغدِ جذورٌ وَثِمار
تُسافِرُ في آفاقِ الوَعد
أعدتِ للكلماتَ نَضارتُها
واخبرتِ من جاءَ لِقتلي
كمن يحرث الملح
واغتيالُ الحلم النائم في محراب القلب
والزهرَ الظامئَ في شفتي
وَهمٌ وَهم
يُزهرُ التاريخُ في ثورةٍ كالبَحر مَدُّ
أرضُ كنعانَ الشّاهد الأبديَ
وَطني يَا زَمن الأسرلةِ هو وَطني
من النّهرِ الى البَحرِ
وشمٌ على صَفحةِ المجدِ والجسدِ
-٢-
أتعلمين يا جنين ؟
يا مُشرقةٌ كَسَنا الله في رُوحي
إلى أينَ يُشردنا الرَّحيل؟!
دُروبُنا واحدةٌ
والدروبُ تقودُ الدُّروب
تجتازينَ مُخاضاً وتمدينَ يديكِ للحياةِ
نحنُ الغُرباء لفظتنا عَباءةُ الصَّحراء
والرملُّ يُشاغبنا
طُوبى لمن يَبني القلاعَ
طُوبى لمن يضمدُ جراحَ العَاشقين
في دروبِ وأزقةِ مُخيم جِنين
طُوبى – لأقمارِ رَمضان^ – يَسندونَ رؤوسهمُ على صدرِ الشَّمس ..
أنتمْ السَّيف والمَعنى في لِحاءِ الذَّاكرة ..
والدَّمُ المَسفوح في الحقولِ الحَزينة
والمدنُ المَغدورة
أليست الورود أنبياءُ النباتِ ؟
أنتم أنبياءُ الدَّم العاريّ وضوءُ النَّهار
من الخليجِ المُرَوَّع إلى مُحيط الظُلمة
يا بلادي :
عندما يزحفُ اللاَمَعنى على جِنَّةِ المَعنى !!
يندرُ انتاجَ المَعنى !!
تُزهرُ – سُلطة الوهمِ^ – ، وتضيعُ الخَيمة
ويضيعُ الصوتَ والصَدى ..
ويبتعدُ الوطنُ !!
والبلادُ سيدةُ الوجعِ الشَّاهق هشّةٌ كالجُّرحِ ..
والحلمُ يسافرُ في أمواجِ الغيبِ
والشَّعبُ في بساتينِ العارِ
-٣-
جنينُ يا سيِّدة النُّور
لا تَدع مَزاج الرِّيحِ يعصفُ بكِ
كوني لحناً ذهبيَّ الإيقاعِ
تُغالبينَ الجُرح
كوني النُّورَ الكامِنَ في الأعماقِ ..
قسماً ، قناديلُ الأحلام ستتقدُّ
صهيلَ جوادٍ ..
ارنو إلى الأُفقِ البَعيّدِ
وليلهُ المنذورُ للجنونِ
هل حقاً لا زيتَ في مَصَابيحنا ؟!
وثديُّ الأمِ لم يَعدْ كَما كَانا ؟!
يا سُلطةَ الهَراوةِ والوَهمِِ والتَّلحيدِ^ !
بلادُنا مسَّها الجَفاف والكفنُ !!
وانطفاءُ أشعةَ الشَّمس في العُيونِ !!
في ازمنةِ الأستيطانِ والضَمِ والقتلِ والليل الطويل لأسرانا خلف أسوار الحنين
ما بين الجُرحِ والجُرحِ جُرحُ
نهرٌ من الدَّمِ ، تأتي أغنية – ملاك السلام^- !!
كغربانٍ ضائعةٍ في العَماءِ !!
يا جُمهوريةَ التنسيقَ الأمنيَّ واحتقار الذات !!
مَاذا فعلتمْ بأرضِ كَنعَان وَبِنا ؟
كيف نجمعُ بينَ طَهارة القَضية والسُّلطة ؟!
البيتُ يَتداعى ويَحترقُ
أتَحرى الدُّروب ، وأختَنقُ !!
روحُ الجَليلِ والضفةَ وغزةَ
واليرموكَ تُناديني
فأرى دُخاناً ودَمعاً وَدماً
وأمضي هَائماً على وَجهيَّ
والبلدانُ تنكمشُ
طعمُ المرُّ في فَمي يؤرقُني
وأصابعُ الأيامُ تلدغُني والليلَ والقدرُ
نكبةٌ ونكسةٌ وتغريبةٌ جديدةٌ ودمُ
يا إلهي …كم تغرَّبنا !!
يا إلهي ..كم عَانقتنا الذكرياتُ وغمرنا الحَنين ؟!
امرأةٌ تعانقُ حُزنها !!
يَا بلادي ..كم سَامك القمعُ والقهرُ
من قال :
( إن الحقَ مَات ؟!
لم يَمتْ بل هوَ آتٍ ، آتْ )
^^^^^^^^^^
^ عابرو البحر : دولة الا حت لال .
^جنين ومخيمها ..
أقمار رمضان : شه د اء شهر رمضان /٢٠٢٢م/ في فلسطين .
^سلطة الوهم : السلطة الوطنية .
^التلحيد : نسبة إلى انطوان لحد .
^أغنية ملاك السلام : أغنية جماعية انتجتها الفضائية الفلسطينية تمجد بالسلام وبرئيس السلطة .
( القدس الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية ) ..