ماذا قال الشيخ أمين الخولي في مسألة التجديد في الإسلام

د. صالح محروس محمد | كاتب وأكاديمي مصري أستاذ مساعد بالجامعة الاسلامية بولاية منيسوتا الأمريكية

الشيخ أمين الخولي (1895-1966) شيخ أزهري مصري. من الشيوخ المجددين التقدميين كالشيخ محمد عبده، والشيخ علي عبد الرازق، والشيخ خالد محمد خالد وغيرهم كثير من شيوخ الأزهر. والشيخ أمين الخولي، كان أستاذ الدراسات القرآنية والبلاغية والنقدية، في جامعة القاهرة. وكانت عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطيء 1912-1998، وأول امرأة عربية تنال جائزة الملك فيصل) من ضمن طلبته. فأحبها وأحبته، وتزوجا فيما بعد. وكانت له الزوجة الثالثة. والشيخ أمين الخولي، مفكر، وأديب نشيط. وكان له أثره الكبير في تجديد مناهج التدريس، ونقد المناهج العلمية، وتجديد الأساليب التفسيرية والبلاغية.

وكان الشيخ أمين الخولي، يقول عن منهجه الجديد: ” طفقتُ أتعرف على معالم الدراسة الفنية الحديثة عامة، والأدبي منها خاصة، وأرجع الى كل ما يجدي في ذلك، من عمل الغربيين، وكتبهم. وأوازن بينه وبين صنيع أسلافنا، وأبناء عصرنا في هذا كله. وكانت نظرتي الى القديم – تلك النظرة غير اليائسة – دافعة الى التأمل الناقد فيه، وإلى العناية بتاريخ هذه البلاغة، أسأله عن خطوات سيرها، ومتحرجات طريقها. أستعين بذلك على تبين عقدها، وتفهم مشكلاتها، ومعرفة أوجه الحاجة إلى الإصلاح فيها. وكنت أقابل القديم بالجديد، فأنقد القديم، وأنفي غثه، وأضم سمينه إلى صالح جديد. لذا قاربت أن أفرغ من النظر في القديم، بعدما ضممت خياره إلى الجديد، فألفت منها نسقاً كاملاً، يُرجى أن يكون دستور البلاغة في درسها. “

    في كتاب الشيخ أمين الخولي “المجددون في الإسلام”، يقدم لنا الشيخ الخولي نماذج إسلامية قديمة قامت بالتجديد، منها الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز نموذج للحاكم المسلم المجدد  فيري فيه الشعور بالمسئولية  حيث كان يبكى في مصلاه فتسأله زوجته فيقول ( إني تقلدت من أمر أمة محمد صلي الله عليه وسلم أسودها وأحمرها فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود والمظلوم المقهور والغريب الأسير والشيخ الكبير وذوى العيال الكثير والمال القليل وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد فعلمت أن ربي سائلي عنهم  يوم القيامة فخشيت ألا تثبت لى حجة فبكيت ). وأنه كان لعمر بن عبدالعزيز صورة في حرية الرأى والاعتقاد لم يعرفها عصره في مفكريه ولا حكامه فلما كتب إليه عامله على خُراسان أن أهلها لا يصلحون إلا بالسيف فقال كذبت بل يصلحهم العدل والحق  وضرب عمر بن عبد العزيز مثلا  رائعاً في العدل الاجتماعي والإصلاح الثائر مما أصلح به البلاد والعباد.

وأيضا الإمام الشافعي رآه مجددا في تفكيره ومنهجه حيث إجلاله العلم وتقديمه على العباده كصلاة النافله و يقول الشافعى من أراد الدُنيا فعليه بالعلم ولم يعط الإنسان في الدنيا بعد النبوة  أفضل من العلم وأعلى الشافعى من العقل فانكر الشافعى رؤية الجن وقال بأن الكفاءة في الدين لا في الحسب وقال بأن كتمان النصيحة للحاكم ككتمان العلة المرضية ، ومن المجددين الذى ذكرهم أمين الخولى أبو الحسن الأشعري وتسامحه الديني وجمع أهل السنة على كلمته ، وأورد أيضاً ابن سريج القاضى البغدادى  المجدد وهو فقيه شافعى والذى عُرف بعلمه فلُقب بفارس العلم وتناول أيضا من المجددين أبوسهل الصعلوكى النيسابوري المتوفي عام 369ه وذكر نواحى  تجديده في أنه كان صوفي عملي فلم يكف عن نشر العلم رغم زهده وأنه يري أن صوفي لا يعتزل الحياة بل يسهم فيها . ، وذكر أبو بكر الباقلاني المجدد من أهل البصرة متوفي عام 403ه  فاعتبره مجدد القرن الرابع حيث كان لا يأخذ اجرًا على علمه ويحتسبه لله وعمل سفيرًا دبلوماسيًا  للباقته وهو نموذج لرجل دين يعمل في منصب سياسي وكان ناجحا حين بعثه عضد الدوله إلى ملك الروم في عام 371ه ، وغيرهم من المجددين القدامى، الذين كانوا من منارات الإسلام التجديدي.

ووضح إن فكرة التجديد، لا تُلزم العقيدة الإسلامية بشيء خاص، ولا تُكلفها قليلاً أو كثيراً من الشطط. فتقرير فكرة التجديد، هو قبول لأصل حيوي، لا يهون إنكاره، إذ أنه واقع لا يُجمَّد، ومشاهد لا تُطمس. وذلك هو مبدأ التطور في الحياة، والأحياء.

ولقد قدم المجددون الأوائل (الخليفة عمر بن عبد العزيز، الإمام الشافعي، الفقيه أبو الحسن الأشعري، الفقيه البقلاني، وغيرهم) للحياة الدينية ظاهرة التسامح الديني، الرحب الأفق، المُسالم، والذي يمثله عمل أبي الحسن الأشعري، وقوله، حين يشهد على نفسه، وهو على باب الآخرة. وإذا اطمأنت النفوس الى وقوع التطور مع هذا التسامح، وتلك الحرية، وسلامة الفهم، أمكن تحرر العقيدة الإسلامية تحريراً يحميها من عداء الواقع لها، وبمكن إيمانها بالعلم المدرك لطبائع الكون ولكن التسامح لن يتأتى إلا بمعرفة عقائد الآخرين معرفة تامة، ودراستها دراسة عميقة.

 ووضح من الأجدى ما قدم المجددون الأوائل للحياة الدينية، فهمهم للدين على أنه إصلاح للحياة، لا طقوس وأشكال. وهو ما قام به الخليفة عمر بن عبد العزيز، حين أطعم الأفواه الجائعة بدلاً من أداء بعض الطقوس. كما يتجلّى فيما قام به الإمام الشافعي، الذي أمضى الليلة يفكر في حلول لمسائل فقهية، مؤثراً ذلك على أداء بعض الطقوس.

وعن مسألة فصل الدين عن السياسة قال لا فصل للدين عن الدولة في ظل الحكم الرشيد، الذي يقوم على “العدل، والإحسان”. وهي الديمقراطية الإسلامية بالمفهوم الحديث. وأن فصل الدين عن الدولة تمّ “للحيلولة بين الحكام وتأييد سلطانهم برجال الدين وأن معنى فصل الدين عن الدولة في العالم العربي، هو عدم السماح لرجال الدين بممارسة السياسة، حيث من الصعب على السلطة، أن تحاسبهم، وتعاقبهم، لأنهم يحتمون دائماً بمظلة الدين. فإما أن يظلوا رجال دين فقط. وإما أن يصبحوا ساسة فقط.

 ويتضح من كتابه أن الدين الإسلامي منهج حياة وأن تطبيق تعاليمه في مجال المعاملات وإصلاح الحياة والتسامح وحرية العقيدة والرأي هو ما تدعو إليه الليبرالية الغربي وهي جزء أصيل من الإسلام والوصول لهذا التطبيق هو التجديد وفق ما رآه الشيخ أمين الخولى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى