حكايا من القرايا.. مال السلب يُسلَب

عمر عبد الرحمن نمر | فلسطين

كان محمد بن خليل الفاطمة، يدرس تحت التوتة الكبيرة في خلة حنيش، خلة دار (أبو ساري) حيث امتحانات التوجيهي مقرط العصا، ومحمد شادد حاله، على الله يمزط من المدارس، ويشوف له جامعة… وبينما محمد يعيد ويزيد حتى يحفظ… إذ سمع صوتاً قوياً من قاع الدست… وبعد الصوت أصوات… أصوات تنطلق من دار الحج نوح الصابر، أركن محمد كتابه تحت التوتة، ووضع حجراً عليه كي لا يتطاير، وانطلق كالبرق إلى مصدر الصوت… ويا للهول! أهل الحارة كلهم هناك… والحج نوح الثمانيني، يرتجف جسده كله، ويهدر صوته، في سباب وشتم، والحجة السبعينية تلملم أغراضها، وقد وقع عليها طلاق لا فكاك منه… والناس يقومون بتبريد الأجواء وتلطيفها، ولكن الحجة غادرت المنزل إلى بيوت أولادها، وتركت الثمانيني لقدره…
بعد أسبوع كان الحج يبحث عن نصيبه، يرمي شباكه هنا… وهناك… والخطّابات يغرين النساء بالاقتران بالرجل، صاحب الأراضي، وصاحب الأموال والبيوت… وصاحب أكبر بيادر في البلدة…
وقسم النصيب، ورضيت الأرملة أم السعيد المحمد أن تكون للحج نوح سكناً، وأم السعيد جاوزت الستين من العمر… وتم الزواج على عجل… وجهز المطلق للأرملة بيتها… ودبت حياة الهناءة بين العروسين… ولكن عمره زين ما كمل… بعد ستة أشهر حردت أم السعيد، وغادرت عشها إلى معاهدها الأولى… ولم يكن سبب حردها سراً كبيراً، إذ أعلمت جاهة الصلح بينها وبين الحج… أنها حامل… وأن الحاجة تقتضي بأن يسجّل الحج نوح شيئا لولده المقبل… بكل سرور خارجي، وعلى مضض داخلي رضي الحج بالشرط، وطوّب لأم السعيد، بيتاً من بيوته، وقطعة أرض بجوار البيت… وعادت أم السعيد إلى زوجها راضية مرضية… بعد أشهر ثلاث، ادعت أنها ستذهب لزيارة أختها التي تسكن بلداً بعيداً… وراحت تاركة الحج نوح يتلمظ البعد والفراق… وبعد ثلاثة أيام عادت، وادعت أنها كانت في المستشفى واضطرت إلى الإجهاض… لم يصدق خالد بن الحج نوح هذا الادعاء، وذهب إلى المستشفى يستفسر ويتأكد، لكن المستشفى أكد له أن لا اسم لأم السعيد في ملفاته، ولا عملية إجهاض جرت في المستشفى منذ أشهر… تأكد من كذب زوجة أبيه، ولكن بعد أن وقعت الفاس في الراس…
بعد أشهر خمسة… خلعت أم السعيد الحج نوح، وأبقته وحيداً… وغادرت… باعت أملاكها التي طوّبها لها الزوج المغفل بآلاف… وغادرت المنطقة إلى الدولة المجاورة… وهناك قسم النصيب وتزوجت أبو إبراهيم الهادي، وبعد أيام من الزواج… استطاع أبو إبراهيم وولده إبراهيم، استطاعا تقشيط الزوجة أموالها… استطاعا ذلك بالمليح والقبيح… أكلت ما أكلت لكماً وشتماً… ووعداً ووعيداً… أعطتهما المال بشرط أن لا يطلقها أبو إبراهيم… ويرميها في الشارع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى