عزفٌ على إيقاع الكلمات!
د. روز اليوسف شعبان | فلسطين
هكذا خلتها، تعزف برويّةٍ دون كلل،
تَطربُ لإيقاعها النفوس، تنتشي من سحرها القلوب، ثمّ تجمع نفسها، تلملم إيقاعها وتعود أدراجها…
أين تختفي الكلمات؟ كيف تنجح في إخفاء ألحانها؟ من يوقف إيقاعها؟
أتراها تتحكّم في ذبذبات أصواتها، فتكتمها حين تشاء؟ وتطلقها حين تشاء؟
كيف إذن نسمع أهازيجها تخرج من الحناجر ؟
كيف نسمع آهاتها وهي تجوب الحقول والبيادر؟
أتراها تعي ما يجول في نفسي من حيرة؟ وما يعتمل فيها من توقٍ إلى إيقاعها؟
كيف ألقاها إذا ابتسمت حروفها في وجهي، وبدأت تتراقص على إيقاع لحنها الفريد؟
أتقبلني شريكةً لها في العزف والرقص والغناء؟
هكذا خلتها!
تدنو مني في ألق، تتحلّق حولي ناثرةً حروفها، لا أدري كيف نجحتُ بالإمساك بها، أخذت أدور وأدور معها في رقصة صوفيّة، كانت الكلمات تعزف إيقاعًا فريدًا، لم أسمعه من قبل! لا أعرف نوتاته، ولا آلاته، لكنّه كان عزفًا خاصًّا، حلّقتُ مع الحروف والكلمات ، بدأنا نعلو ونعلو… تجمّعت حولنا البلابل والحساسين، شدت معنا، فخلتني في جوقةٍ موسيقيّة فريدة.
ومن بعيد كانت الصقور ترقبنا، تتحيّن فرصةً لاقتناصنا، لم أكترث لها، فقد كانت الكلمات تحيطني، تعزف لي، وكانت الصقور تبتعد …تحلّق بعيدًا بعيدًا في الآفاق….!