الحب حياة
الفنانة التشكيلية: أميرة عبد العزيز
الله سبحانه وتعالى خلق الشيء وضده خلق النور والظلام، الخير والشر، خلق الملائكة من نور والجان والشياطين من نار مع أن الجان في منهم المؤمن والدليل على ذلك في سورة الجن يقول الله سبحانه وتعالى: “قل أوحي إلىَّ أنه استمع نفرُُ من الجن فقالوا إنا سمعنا قرءاناً عجبا يهدي إلى الرشد فأمنَّا به ولن نشرك بربنا أحدا“
الآيه رقم (١ : ٢) و في السورة الكريمة نفسها يقول جل جلاله: “وأنَّا لما سمعنا الهدى آمنَّا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا وأنّا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا” الآيه رقم (١٣ : ١٤).
يعطينا الله عز وجل الدليل القاطع بأنه أوجد بقدرته ومشيئته في هذه المخلوقات المؤمن والعادل والقاسط، سبحانه لا يعجزه شئ وهو على كل شئ قدير لقد آمنوا وقالوا: (لن نشرك بربنا أحدا)، والمقصود من ذكري لهذه الآيات الشريفة هو فكرة الخير والشر، النور والظلام، العدل والظلم وإلى آخره من التناقضات التي لا حصر لها ليظهر الله لك مدى جمال وأهمية وجود الحق والخير والعدل وكيفية إحساسك وشعورك بتلك القيم النبيلة ومقارنتها بنواقضها.
نأتي للإنسان الذي خلقه الله من طين ونفخ فيه من روحه وعرض عليه الأمانة بعدما عرضها على السماوات والأرض فأبين وأشفق الله عليهن من حملها الذي شق عليهن وأتعبهن تلك الأمانة الكبرى، فخلق سبحانه وتعالى آدم وعلمه الأسماء كلها وقال للملائكة في سورة البقرة: ” إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ” الآيه رقم (٣٠ : ٣٢).
والمقصود بالخلافة هنا خلافة معنوية بمعنى أن الإنسان خلقة الله للعبادة وتعمير الأرض يعني العبادة والعمل ولذلك العمل في حد ذاته عبادة لأنه الهدف الثاني من خلق الإنسان، لقد خلق الله في الإنسان كل التناقضات الخير والشر، العدل والظلم، النور والظلام وأوجد بقدرته القلب الذي يشعر ويحب ويميز بين الجمال والخير والنفس التي تميل والعقل الذي ميزَ الله به الإنسان عن باقي المخلوقات.
الإنسان يولَدُ بفطرته على الخير ولكن الحياة بخيرها وشرها وحلوها ومرها وقسوتها بما تحمله من قيم أخرى كالعدالة والظلم والحق والحب تجعله بما أنه مخلوق من طين ذو مسام يشرب منها كيفما شاء وبعقلك وقلبك أيها الإنسان اختار هل ستشرب من كأس الخير والعدل والحق والحب وبكل ما يحمله من قيم جميله وعندئذ سيغلب عليك الجانب النوراني، أو ستتناول كأس الشر والظلم بكل ما يحمله من ظلمة وستكون قد اخترت أن يتغلب عليك الجانب المظلم..؟ أم ستأخذ الكأس الممزوج من الأثنين الخير والشر..؟ إذن ما الذي تريده..؟! أنت من يقرر في النهاية..! هل تريد الخير أم الشر أو أنك تريد الأثنين معاً..؟ ولكن لتعلم أن الله خلقك واعطاك حرية الإختيار بين الخير والشر ويعلم الذي سوف تختاره قبل أن تختاره، كل شئ مكتوب عند الله في كتابك قبل حدوثه واختيارك وفعلك له، جل جلاله أعطاك حرية الإختيار ويعلم ما الذي ستختاره.
والآن أمامك طريقين وأنت من تختار أمامك الطريق المؤدي إلى الجانب النوراني والخير والحق وأمامك طريق الظلم والظلام هل ستختار الحب أم ماذا..!؟.
وفي سورة طه لموسى عليه السلام يقول الحق: “وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني“، ما أروع هذا الحب..!؟ ما كل هذه البلاغة والروعة في دقة اختيار المعنى إنه الحب (ألقيت عليك محبة مني.. الحب حياه ).
إن الحب يشمل كل معنى جميل في الحياة يشمل كل القيم النبيلة، لن يقسو من يحب لن يخون من يحب لن يقتل من يحب والقتل هنا ليس القتل الحسي فقط فقد يكون قتلا وذبحاً للقلب وإنطفاءاً للروح، تموت في كل لحظة وانت مازلت على قيد الحياة..! لن يظلم أبدا من يحب.
الله محبة.. إن الحب نوراني ينبع من بئر علوي قوامه الخير والحق والعدل.