بيت الرباط العُمانيّ الزنجباري في مكة.. شيّده السيد حمود البوسعيدي ورعاه السلطان قابوس
د. صالح محروس محمد | مؤرخ وباحث مصري
بيت الرباط سكن حجاج أهل عمان وزنجبار في مكة المكرمة
من الذي أقام بيت الرباط سكن حجاج أهل عمان وزنجبار الذي مازال قائما حتى الآن؟ هو السيد المحسن حمود بن أحمد بن سيف البوسعيدي، ابن خال السيد سعيد بن سلطان_ـ والدة السيد سعيد بن سلطان، هي السيدة غني بنت سيف، عمة السيد المحسن حمود بن أحمد”؛ وصدق المغيري في جهينته التاريخية حينما عد ذكر مآثر السيد حمود في كتابه، نوعًا من التزيين لصفحاته؛ ولا غرو في ذلك، إذا علمنا أن الرجل عرف بكثير من المآثر التي يتقرب بها لوجه الله تعال، والأوقاف الطائلة التي أوقفها من أملاكه في سبيل البر والرحمة، ولعل من أعماله الجليلة التي تخلد ذكراه إلي يومنا هذا، بيت الرباط، ذلك البيت اشتراه في حارة الباب في قلب مكة المكرمة، في عام 1289 هـ، الموافق 1871 م، وأوقفه لفقراء الإباضية من أهل عمان وزنجبار، كسكن للوافدين إلي الديار المقدسة من الحجاج والمتعمرين؛ وأوقف له أموالًا وأراضي لإدارته، ومما يذكر فإنه، أي السيد حمود، رافق السلطان السيد برغش بن سعيد إلي مكة المكرمة في عام 1288 هـ، لأداء فريضة الحج؛ ثم زارا معًا الطائف ومصر والشام والقدس الشريف.
يذكر أيضًا أن السيد حمود تزوج من أخت السلطان، السيدة زمزم بنت سعيد بن سلطان. كما بني في حي بوبوبو في زنجبار مدرسة لتعليم القرآن الكريم، وكذا مسجدًا عرف باسمه وعد من أغنى مساجد زنجبار، بالنظر إلي الأموال التي أوقفها له.
ولقد زهد في أواخر أيامه، وسكن بيتًا من بيوته المجاورة للمسجد ، في حي بوبوبو ، ولزم إلى أن توفاه الله تعالى، في اليوم العاشر من ربيع الأول من عام 1298 ه الموافق 1880. ومما يذكر، أن السيد حمود أعتق ألفًا ومائتين مملوكًا في زمن امتلاك الأرقاء أمرًا منبوذًا بعد. ومن الأهمية أن نعلم، أن هؤلاء الأرقاء، لم يكونوا جميعًا من أرقاء، لم يكونوا جميعًا من أرقائه، وإنما كان يشتريهم، من حر ماله، لغرض إعتاقهم لوجه الله. رغم أن ما اطلعت عليه من أخبار هذا السيد المحسن الجليل، نسبيًّا بالمقارنة بأخبار غيره( ) فإنها، مع قلتها، لكفيلة بوضعه في مكانة متميزة، لمن عاصره من الرجال ، وربما لمن سبقه أيضًا. يقول المغيري: إن السيد حمود وإن كان قد مات ، إلا أنه حي بمآثره الجميلة ؛ وغيره ميت وإن كان حيًّا!
السلطان قابوس يعيد بناء بيت الرباط:
ونظرًا لقِدم مبنى بيت الرباط وتهالكه، فلقد أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله – سلطان عمان، توجيهاته في عام 1973 م ، بهدم البيت وإعادة بنائه على نفقة جلالته الخاصة ، فتم ذلك بالفعل، واكتمل البنيان في عام 1984 م ( ).
يبقى هذا الرباط علامة على رقي وحضارة الشعب العماني وما يقدم من أعمال خيرية متمثلا في جهود السيد حمود البوسعيدي وما قام به من أعمال خيرية وقفية وما يزال هذا الرباط موجود بمكة المكرمة.