كيف نربي أبناءنا؟
خالد رمضان | تربوي مصري – عُمان
إن أبناءنا فِلذاتُ أكبادنا، وماءُ أعيُنِنا، ونورُ أبصارنا،هم زينةُ الحياةِ الدنيا،وبهجتُها، وسعادةُ القلوبِ،وفرحتُها، فقد قال تعالى: “المالُ والبنون زينةُ الحياةِ الدنيا”
إذن، كيف نربي أبناءنا؟
في زمنٍ اختلطَ فيه الحابلُ بالنابلِ، وأصبح العالمُ كلّه قريةً صغيرةً،وانفجرت الثورةُ المعلوماتيةُ، وامتزجت الحضارةُ الشرقيةُ بالحضارةِ الغربيةِ، وانفلت لجامُ القيادةِ من بين أيدينا، وأطلق أبناؤنا العنانَ لأنفسهم نحو الحداثةِ العقليةِ،والملبسيةِ،والسلوكيةِ، ووقف الٱباءُ، والأمهاتُ مكتوفي الأيدي، مكبلين، يتلعثمون،ويتعثّرون أمام ذلك الواقع المباغت للأسماع، والعقول.
ماذا نفعلُ؟
هل نعودُ بأبنائنا للوراءِ فنصرفَهم عما هم إليه سائرون؟أم ننطلقُ بهم في ركب الحضارةِ تاركين خلف ظهورنا كلَّ موروثٍ عقدي، أو أخلاقي، أو اجتماعي؟
هكذا يفكر محدثو الأبوّةِ، والأمومة، وحُقّ لهم ذلك، لكن الأمر ليس منا ببعيدٍ.
فليس من المعقول أن نحيدَ بهم عن ركبِ الحضارةِ الحديثةِ، فيكونوا أميّين متخلفين عن أقرانهم، وبالطبع لن يصلوا بأوطاننا إلى ما وصل إليه غيرُنا من انتفاضةٍ تكنولوجيّةٍ غمرت أرجاء المعمورةِ،ولا ينبغي أيضًا أن نتخلى عن ما ورثناه من عقائدَ، ومبادئَ، وقيمٍ حياتية.
العلاج يكمن في قوله تعالى:”وكذلك جعلناكم أمة وسطا”؛فالوسطيةَ الوسطيةَ في كل أمورنا، فالأمرُ يكون بين الإفراط، والتفريط.
علّم ابنك مبادئ دينك، وقيمك، ورسّخ داخله حبَّه لأهله،ووطنه،ودينه، وازرع بذور الأخلاقِ في نفسه حتى تنموَ شجرةُ الاستقامةِ، والرشادِ، فيستقيمَ أمرُه، ويهتدي عقله إلى نور العلم، وحسن الحال والحالة؛ فعلّمه احترامَ معلمه، وحسنَ الخضوعِ له.
أتى الخليفةُ هارون الرشيد بالكسائي ليعلم ولديه، الأمين، والمأمون، وكان يراقبهما معه، فوجد ولديه كليهما يتسابقان لحمل نعل المعلم، فاستقر بهم الأمرُ على أن يحمل كل واحد منهما فردةً من الحذاء، وحينما دخل الكسائي على الخليفة قال الخليفة له: يا كسائي مَن أكرمُ الناسِ؟
فقال الكسائي:حفظ الله الخليفةَ، فقال الخليفةُ:لا، أكرم الناس من يتسابق وليا العهد على حمل حذائه..انظر إلى حسن التربية،فلم ينهر الخليفة ولديه، ولم يعنف المعلم.
ومن الأمور الهامة أيضًا في صلاح الأبناء صلاحُ الآباء، فقد قال تعالى:”وكان أبوهما صالحا”، فإذا حفظتَ الله في نفسك، حفظك في عقبك، فيُروى عن الخليفة عمرَ بن عبد العزيز حينما حضرته الوفاة، ودخل عليه أبناؤه، وكانوا صغارًا في أعمارٍ متفاوتةٍ، فبكى بكاء تنخلعُ له القلوبُ، وضمّهم إليه وقال لهم : والله ما منعتُكم حقًّا هو لكم، ولا أعطيتُكم ما ليس لكم، وإنما تركتُ لكم الله ورسوله.
يقول الراوي: لقد عشتُ حتى رأيتُ أحدَ أبناء عمر بن عبد العزيز يحملُ على مئة فرسٍ في سبيل الله. فاحرص على حسن تصرّفك أمام أبنائك، فافعل أمامهم الخيرَ، وتفكّر فيما تفعل، فالأبناء يقلّدونك، وأنت لا تشعر، فلا تلفظ فحشًا، ولا تقل كذبا، ولا تأكل سحتًا، وقتها سيكون أبناؤك على نفس منوالك، وسيسلكون طريقك نفسه، وفي الختام نقول:”فالله خيرٌ حافظًا وهو أرحمُ الراحمين”
وشكرا وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.