أنثى بنكهة الحياة
هند يوسف خضر | سورية
فوق أهداب الليل تغفو أحلامنا ،تمتد أنامل خفية لتشقّ الظلام القابع من كل نفس أرهقها السفر إلى المجهول.. أحلام معتقة كنبيذ في زجاجات القلوب تنتظر الفرصة كي تخرج إلى الضوء فتثمل بها العقول وتزهو بها النبضات ..
وسام شاب في مقتبل العمر، لطالما رسم بأصابع راجفة على أوراق الزمان وجه حلم بلون البنفسج بطعم اللهفة علق أمانيه على حبال الهواء وانتظر ولادة الربيع من رحم الشتاء ..
ذات نهار لفحت الشمس النوافذ العتيقة، ارتفعت معها حرارة قلب وسام، أصيب برعشة في يديه ليس لها مثيلاً، أحسّ أن روحه تكاد تطير من مكانها لتحلق في عالم آخر عند قدوم شغف إلى منزل أهله..
أطلّت تلك الأنثى صاحبة الملامح الشرقية وكأن نوراً سماوياً انبعث من وجهها ،بشرتها ناعمة كطفل حديث الولادة تزينها شامة ساحرة، عيناها سبحان المعبود اجتمع فيهما سحر الكون،كانت ترتدي سترة خضراء عكست بهجة الربيع على وجنتيها الشهيتين وبنطالاً من الجنز ..
ربّاه !ما كل هذا الجمال ؟أليس هذا ما يسمونه الوقوع في الحب ؟هذا ما ردده وسام بينه وبين نفسه ،سرح قليلاً بجمالها ثم جلس الجميع ليتبادلوا الأحاديث ..
ما اكتشفه وسام خلال هذه الجلسة كان كافياً ليرجعه عشر خطوات إلى الخلف ،انكسر حلمه عندما علم أن شغف مخطوبة وستتزوج قريباً ..
صحيح أنها ليست سوى الجلسة الأولى لهما ولكن شعر معها أن شيئاً ما سُرِقَ من ضلوعه ..
مرت الأيام و السنين ،في الروح عين لا تنام وفي العين غيم لا يُمطر -لقد تزوجت شغف وأنجبت طفلة -أكمل وسام حياته على بقايا أنفاسها التي علقت منذ زمن على جدران رئتيه إلى أن جاءه خبر انفصالها عن زوجها ..
مشاعر مبعثرة اعترته حينها ،التهابات عاطفية أصابت صدره فهو يحبها ولكن ما مصير هذا الحب في مجتمعنا الذي مازال متمسكاً بتقاليده البالية ؟
تساؤلات كثيرة و تناقضات راودته إلى أن قرر البوح لها بمشاعره و بفرحة أساريره منذ التقى بها أول مرة وبأنها الأنثى الوحيدة في هذا الزمان التي استقرت تحت جلده كرذاذ العطر ،كانت إجابتها بمثابة بصيص أمل وضعته أمام عينيه ،نعم لقد وقعت في غرامه هي أيضاً ،تبادلا الكثير من الأحاديث الممزوجة بالحب حيناً وباللوعة حيناً آخر ..
وسام : دعيني أخبرك بأنك سلبتِ عقلي، و سيطرتِ على حنايا روحي من أول زيارة لك إلى منزلنا وحتى الآن مازلتِ حلمي العتيق المختبئ في صندوق فؤادي..
شغف: يبدو أن القدر لعب لعبته وتمكن من غرس الحسرة في أفئدتنا، لقد جمعنا الحب وستفرقنا الظروف، رغم عشقي السري لك و رغم أنك لن تتكرر في عمري إلأ أنني أرفض أن أضعك في هذا التحدي فأنت شاب والمستقبل ينتظرك ..
أنثى بنكهة الحياة أنهت كلماتها على إيقاع حزين ولم ينتهِ أمل وسام بأن ينصف القدر حبهما ويكملا معاً المشوار رغم الهالات السوداء الجاثية تحت عيون النصيب .