المنهج النقدي العربي الذرائعي وإشكالية النقد الانشائي الانطباعي الكفيف

عرض: هيثم محسن الجاسم

تفاقمت مشكلة النقد الأدبي وباتت تهدد كينونة النص العربي بالخراب لغياب منهجية نقدية علمية تحليلية، تبرز السمات الأسلوبية والأدبية، والسردية، والشعرية، والعناصر الاخرى للعمل الأدبي العربي.
وكرد فعل لشغل الفراغ النقدي, انبرى المنظر د. عبد الرزاق عودة الغالبي للتصدي بعد دراسة وتقصي للساحة الادبية العربية, واستعان في رؤيته الذرائعية بالقرآن الكريم سيدا للنصوص وحسب تفسير سورة الشعراء, وجد أن الله سبحانه وتعالى قسم الذرائعية إلى قسمين المعنى السلبي المقيت المتعلق بالنفعية السلبية وأشار اليه بالآيات البينات 224 ,225, 226 . والمعنى الايجابي المتعلق بالمنفعة الايجابية التي حملتها الذرائعية وأشار إليه بالآية 227. وأخذها كمرتكز لنظريته ومنهجه النقدي العلمي وحجاجية في الاجراء التحليلي الذرائعي.
وركز المنظر الغالبي في منهجه النقدي العلمي الذرائعي على ان سمة الادب التواصلية والاسلوبية لتشكل الجانب الايحائي من لغته ,ولهذا فان الدراسة الذرائعية للادب العربي تسعى الى اكتشاف التقنيات العملية في النص من ايحاء واقتناع وخيال ورمز وافتراضات مسبقة .
اثار مصطلح الذرائعية خلافا وظيفيا بين الباحثين العرب فمنهم من قربه للسانية واعتبره وظيفته تداولية واخرين ربطوه بمفاهيم اخرى جمالية . وكانت الخلافات تدور حول ترجمة المصطلح مما ابعدته عن اصله اللغوي ومفهومه, ففي لغة الادب هي (الذرائعية اللغوية الجديدة) التي يقابلها المصطلح(Pragmatics) بمعنى ذرائعية كمنهج فكري ولغوي نقدي.

وصدر عن دار مداد للطباعة والنشر ج5 من سلسلة الذرائعية بعنوان (الذرائعية والتحليل النقدي العلمي),كتاب ضم بين صفحاته ثلاث ابواب بعشرة فصول كما قدم له المؤلف الدكتور عبد الرزاق عودة الغالبي .وجاء في الباب الاول اربعة فصول تناول فيها معنى الادب بمنظور ذرائعي واعتبره نتاجا اخلاقيا وصناعة حسية وتضمن تعريفات مفصلة لمكونات الادب الاساسية وعلاقة الخيال بالإنسان واهميته بتطور المعارف وقدرته في اثراء الكاتب اوالناقد ابداعيا في العمل الادبي .
وذكر في الفصل الثالث العلوم التي يقوم المنهج الذرائعي العلمي اللغوي بالتنسيق معها لتحقيق التكامل عن طريق الإغناء والتوازي والبحث والتناصبإحاطة الأدب واللغة وأمور أخرى متعلقة فيهما.باعتقاد منه ليس هناك نقدا علميا دون منهج يساهم في التنسيق بين جميع العلوم المحيطة بالأدب.
واعتبر كل مايكتب خارج دائرة المنهج ليس له علاقة بعلم النقد ووصفه بأنشاء أو مقالة تعبر عن رأي ثقافي او انطباعي لشخص واحد. وسماه انتقادا وليس نقدا.وهذه المشكلة المتفاقمة التي تسقط النص الأدبي الى أسفل الدرجات بل تخربه.
وخص الحجاجية فصلا كاملا ,كيف نشأت واصلها وماهية الجدل ووظيفة الحجاج والبعد الحجاجي الذرائعي وهل الذرائعية بحد ذاتها حجاج قائم بنفسه.
وعرف المؤلف الدلالة ذرائعيا بأنها الوعاء الذي يحمل المعارف من العالم الخارجي الى العالم الداخلي لإيصال المعنى الذي تبحث عنه الدلالة.
وأفرد لها فصلا كاملا ,تناول تاريخية الدلالة عربيا وغربيا ونظرتهما من خلال الدلالة المعجمية والدلالة الايحائية .واشادبنظرية الجرجاني العالم العربي, واعتبره الافضل بدراساته لعلم الدلالة الذي تجاوزت البحوث الغربية في هذا المجال واخذوا منه الكثير خصوصا في حركتها بين العالمين الداخلي والخارجي .
اما حول الاخلاق في الادب بمفهوم ذرائعي, فص7 من الباب الثاني. رأى المؤلف ان العالم العربي بمواجهة للموجة اللا أخلاقية الغربية ويحتاج الى منهج اخلاقي عربي يقف حاجزا بين الجدارين وان الذرائعية العربية الأخلاقية هي الإسفين الفاصل بين العالمين الغربي والعربي, وأن الفرق بينهما هو اختلاف جذري ووصفه بالهوة العميقة التي لايمكن ردمها لوجود التناقض الانساني بين المجتمعين فما يراه المجتمع الغربي اخلاقيا يراه العربي بشكل معاكس تماما .
أما الباب الثالث والأخير والذي ترك مفتوحا لجزء جديد في سلسلة الذرائعية, فأفرده للجدل الفلسفي حول بنية وأصل الخطاب ولغة الخطاب والتحليل اللغوي. وهو باب مهم جدا للدراسين والمهتمين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى