محاورة د. بوسي الشوبكي حول تجربتها في الدراسات التاريخية

لقاء: أبو الحسن الجمال – كاتب ومؤرخ مصري

عُرف عن الدكتور بوسي الشوبكي النشاط الجم في الدراسات التاريخية وفي العمل المجتمعي، وقد تميزت في كل هذا وذاك بفضل إصرارها على الوصول إلى الغايات والأهداف التي وضعتها نصب أعينها، ورغم أنها لم تُعيًّن في الجامعة إلا أنها أصرّت أن تكمل دراساتها العليا في تخصص رفيع ودقيق؛ هو الدراسات اليونانية واليونانية في جامعة طنطا، التي تميزت في هذا المجال وهي ظل من ظلال مدرسة الإسكندرية التاريخية العريقة في هذا المجال.

في حوارنا التالي مع الدكتورة بوسي الشوبكي، تعرضنا فيه لنشأتها في مدينة طنطا عاصمة الدلتا- لأسرة متوسطة، وكان لأمها الفضل الأكبر في نشأتها وتعلمها فهي قدوتها في الحياة، والتي وفّرت لها كل وسائل الراحة والهدوء لتكمل تعليمها، ثم دراساتها العليا التي حصلت على شهادتها في سن مبكرة، كما حدثتنا عن دور مدرسة جامعة طنطا في مجال التاريخ وذكرياتها مع أساتذتها وعلى الأخص الدكتور السيد محمد جاد، أستاذ التاريخ والحضارة اليونانية والرومانية بجامعة طنطا، الذي علمها الدقة والصبر، ثم حدثتنا عن الدراسات العليا وكيف أفادتها في عملها المجتمعي الحالي.

النشأة وكيف كان لها الأثر في حياتك العلمية بعد ذلك؟

– نشأت في أسرة تحب العلم وتقديره، فكانت أسرتي حريصة كل الحرص على الاهتمام بالتعليم وتوفير الجو المناسب للدراسة والتعليم، وتوفير كل ما يلزم من متطلبات العملية التعليمية، وأسرتي كانت تطمح بي كثيراً ، ودوما ما كانت تتوسم النجاح والفلاح، وكانت والدتي دائما تتمنى وتتخيل أن المستقبل سيحمل لي الكثير من النجاح، ومن اهتمام أسرتي وحبها للعلم وطموح الكبير أخذت منهم هذا الاهتمام وأصبح لدي طموح كبير واكتسبت ثقة في نفسي كبيرة جدا وأخذت على عاتقي مهمة تحقيق آمالهم وطموحاتي. ويرجع هذا النجاح الذي حققته الي والدتي فلها دوراً كبير في هذا وفي حياتي بشكل عام، وأيضاً أثرّت في بناء وتكوين شخصيتي بشكل كبير، فقد أخذت من أمي قوة الشخصية، وتحّمل المسئولية، وقوة اتخاذ القرارات وتحمل نتيجة هذا القرارات، والإصرار على النجاح مهما كانت الصعاب، وكيفية مواجهة الحياة بصلابة وقوة، وأخذت منها أيضا الجدية في العمل، سواء أثناء الدراسة والبحث أو العمل العام.

ما الدوافع التي جعلتك تتجهين الي الدراسات فوق الجامعية، والتاريخ القديم علي وجه الخصوص؟

– دائما لدي شغف دائما للوصول إلى الأسمى والأفضل في كل شيء، وأثناء دراستي الجامعية بدأ حلم الدراسات العليا يراودني حتى تمكّن مني وسيطر على كل مشاعري وجوارحي، فكانت نظرتي للأستاذ الجامعي تحمل كل فخر واعتزاز، الأستاذ الجامعي يمثل ليّ مكانة مرموقة وقدر عظيم لأنسان عالم وصل الي أعلي الدرجات العلمية، وبالفعل بنهاية سنة التخرج بدأت أولى خطوات تحقيق حلمي هو الالتحاق بالدراسات العليا، وبدأت الرحلة، وكانت رحلة شاقة وصعبة ومميزة انتهت خطواتها بالنجاح وتحقيق الهدف والطموح منها والنجاح الذي تكلل بالفرحة والسرور على نفسي.

أما فيما يخص التاريخ القديم بصفة خاصة، فأنا شخصية كلاسيكية إلي أبعد الحدود أعشق كل ما هو عتيق وله طابع مختلف، وأعيش مع الماضي بتراثه وحضارته في خيالي وكثيراً ما تراودني فكرة ليتني كنت أعيش في هذه العصور القديمة بجمالها الطبيعي وهدوئها، ومن حب للأثار والتاريخ القديم جاءت دراستي للتاريخ القديم اليوناني والروماني والذي يناسب شخصيتي وخيالي، فدرست ما أحب ولدي شغف به.

وما دور مدرسة جامعة طنطا في هذا المجال؟ ومن هم أساتذتك؟

– أكيد كانت لمدرسة طنطا دور كبير في حياتي العلمية، فمن فضل ربنا عليّ وكرمه أنه أكرمني بمشرف ذو خلق ودين وعلم.. إنه الأستاذ الدكتور السيد محمد جاد، أستاذ التاريخ والحضارة اليونانية والرومانية في جامعة طنطا، فنشأت بيني وبين أستاذي علاقة الأب بابنته، فقد تبناني علمياً، وكانت لديه ثقة كبيرة فيّ وفي نجاحي، فقد تعلمت على يده الكثير والكثير، وكان هو الدافع والسبب الأول في نجاحي وتميزي فقد اقتنع بي وبقدراتي، وكانت لديه دائما ثقة كبيرة في قدراتي، وأنه كان يري في ما لا أراه في نفسي، فأحيانا كان يقسو علي لإخراج أفضل ما عندي، وإلي الآن لا أستطيع أن أنسي موقف حدث بيني وبينه فقد عنفني فيه كثيراً، وكان على حق؛ لأنه كان عندي الكثير والكثير لإخراجه، فكنت الطالبة النجيبة، والطالبة البكرية، هذه بعض الألقاب التي لقبني بها أستاذي، ولا أستطيع أن أنساها، فهي عزيزة على قلبي، ولا أنسى أيضاً عندما كان يتركني أنا وزملائي للدراسة فكان يقول دائما أترككم في “أيد أمينة.. أيد بوسي”. فهو له فضل كبير عليا في كل ما وصلت إليه وحققت من نجاحات.

من يمثل لك القدوة في حياتك؟

– أمي هي قدوتي في الحياة؛ لأنها استطاعت أن تحقق نجاحات كثيرة وبمفردها، وتمكنت من مواجهة الحياة بكل ما فيها من حلوها ومرها، كما تحملت الكثير والكثير حتى تمكنت من تحقيق حلمها وإكمال رسالتها أن توصلنا لبر الأمان، وعندما أقارن نفسي معها أقول إن أمي إنسانة بطلة.. أنا لا أستطيع أن أتحمل ما تحملته، ولا أستطيع أن أفعل ما فعلته، فهي بطلة حقيقة، وتمثل بالنسبة لي وأخوتي أسطورة صبر ونجاح ومحبة وعطاء ووفاء. أما بالنسبة للأستاذ قدوتي فهو أكيد وبلا شك أستاذي الدكتور سيد جاد فدائما كنت أحلم أن أكون مثله أو أحقق نصف ما حققه فهو قامة علمية عظيمة جدا، وشخصية حليمة وبسيطة.

ماذا أفادت الدراسات العليا في عملك المجتمعي الحالي؟

– أفادتني كثيراً في دراسة أي موضوع يتم عرضه، وكيفية ترتيب الأفكار وعرضها، وكيفية العمل بطريقة منظمة، وكيفية معالجة الأمور والنظر إلى جميع الأبعاد… باختصار استطاعت الدراسات العليا أن توسع مداركي وأفكاري وطريقة النظر إلى الأمور ومعالجتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى