الإتيكيت: أهمية آداب السلوك والتقارب الثقافى (3)
د. فيصل رضوان | الولايات المتحدة الأمريكية
منذ الطفولة علمونا أن الأخلاق الحميدة مهمة جداً. البدايات كانت تدور حول عادات بسيطة. لا تطلب الشيء بدون القول “من فضلك”، وتحتاج ان تقول “شكرًا”، وتعلمنا أن “نشارك” الأشياء واللعب مع الأطفال الآخرين، تعلمنا أن نمضغ الطعام وأفواهنا مغلقة. هكذا، الأخلاق تنمو معنا وتُزهر فى صورة مجموعة متكاملة من السلوكيات والآداب الاجتماعية المحترمة. ولا يمكن لعاقل التشكيك في أهمية الآداب.
والآن ونحن شباب بالغ عاقل، أصبحت آداب السلوك جزء مهم في حياتنا، ومكمل هام لشخصيتنا. ربما الفرق الوحيد هو أننا الآن لدينا القدرة على تحديد قدر ونوع السلوك اللائق الملائم لطبيعتنا، وتحديد القواعد التي يمكن إتباعها للتعامل مع الآخرين في أي موقف معين. ومع وجود فارق فى الثقافات والأعراف، قد يكون الأمر ليس بهذه السهولة، إلا أنه على الأقل يمثل نقطة البداية عندما لا نعرف ما يمكن توقعه وكيف نتصرف حياله. ورغم ذلك كله، لا يوجد شخص مثالى. لكنه يوجد شخص يتفق الكثيرون على حُسن سلوكه وذوقه قولًا وفعلًا. هذا الشخص يعامل الناس باللطف ويجعل الآخرين يشعرون بالراحة. بينما على الجانب الأخر، عندما نواجه شخص وقحًا يتصرف بطريقة غير لائقة، نشعر جميعًا على الفور بالقرف والمرض والحزن.
لكن، هل تختلف الآداب الاجتماعية على أساس ثقافي؟
قبل مائة عام ، كان لمبادئ الآداب والاتيكيت علاقة كبيرة بسلوك الطبقات الأرستقراطية والسلطة أكثر من كونها تفاصيل إجتماعية. حيث وضع المسؤولون القواعد وسموها بروتوكول. وكان على كل شخص آخر إتباعها. حيث تم إستخدام الاتيكيت كوسيلة للتحكم فى سلوك العامة فى حضرة ذوى الجاه والنفوذ.
إذا تناولنا الاختلافات بين الثقافات حول العالم، فلا يمكننا القول بشكل صحيح أن الإتيكيت هو مجرد كونك إنسان لطيف فقط. حيث تظهر أهمية حسن النية جنبًا لجنب مع الالتزام بالبروتوكول لهذه المجتمعات. على سبيل المثال ، قد يكون الوقوف بالقرب من شخص ما في أوروبا أمرًا طبيعيًا ، ولكن في أمريكا قد يكون الأمر غير مريح. حتى مع وجود نوايا طيبة ، فقد يتسبب ذلك في الدخول فى موقف محرج. لذا فهناك أنواع مختلفة من الآداب بناءً على طبيعة الثقافة التي تتفاعل معها.
إذنً، لماذا الإتيكيت وآداب السلوك مهم فى حياتنا؟
للإجابة السريعة على هذا السؤال الهام، إليك هذه الأسباب الأربعة :
1. الإتيكيت يخلق الثقة بالنفس. عندما نعرف كيف يتوقع منا الآخرون كيفية التصرف حيال موقف معين تسهل الحياة ، ونشعر براحة أكبر ضمن تلك الحدود.
2. الإتيكيت يعزز التواصل الفعال بين الناس أو الجماعات ويفتح لنا طريق للقبول داخل الثقافات الأُخرى. فغالبية آداب السلوك الحضارى لا يختلف عليها الشرق والغرب.
3. آداب السلوك تساعد الأطفال على تعلم كيفية الاندماج في المجتمع. نتعلم منذ الصغر قواعد الاحترام والتصرف بشكل مناسب تجاه الآخرين، قبل تشغلنا الحياة فى تأسيس أفعالنا حول احتياجاتنا الخاصة بشكل أساسى.
4. الإتيكيت يحمي مشاعر الآخرين. تخبرنا آداب السلوك الصحيحة، ألا نذكر أبدًا عيبًا في شخص آخر ؛ ويجب أن نتعامل دائمًا مع الآخرين بشكل إيجابي.
وأخيرا يمكننا القول بصراحة انه لا يوجد شخص مثالى. ولا يمكن لأي شخص أن يحافظ على آداب سلوك (إتيكيت) كامل طوال الوقت. لكن إذا استطعنا تحسين أنفسنا أمام الاخرين؛ فلماذا لا نحاول؟ والأهم — هو كيف أن أفعالنا اللائقة الحسنة، هذه، تجعلنا نشعر بالراحة والحب تجاه أنفسنا.
أرجو الاطلاع على المقالين السابقين عن الاتيكيت فى الروابط الآتية:
الإتيكيت (1)
الإتيكيت: السلوك السوي (2)
https://www.worldofculture2020.com/?p=79512