أسير الشفق
شعر: محمد القاضي | مصر
عقود توالت فهاجت وسالت
وقالت كلاما شجيا مقل
–
وإني عليم بما قد أبانت
وبالدمع قالت وما لم تقل
–
أضعت الليالي بأبواب ظن
وألقى عليك السراب الأمل
–
أطعت انهزاما حماقات زيف
فأفسدت قلبا وشاه العمل
–
وأسرفت لما دعتك الأماني
وكم من جموح المنى ما قتل
–
وباركت جهلا جنايات نفس
فكم من سواد الهوى تحتمل
–
وكم سوف تبقى أسيرا لوهم
يهادي إليك إنطلاء الدجل
–
وأنت الذي لم يبال بميل
عن الحق يوما أفق يا رجل
–
أما قد كفاك اغتراب الليالي
أما قد نهاك اقتراب الأجل
–
أيا ويح عمر طوته الليالي
أجل يا زماني كفاني أجل
–
لقد غاب عني بريق الأماني
وأضنى فؤادي لهيب الوجل
–
وقد خلت أني سألهو طويلا
ولكن عمري مضى في عجل
–
فهلا يفيد انكسار بدمع
وهلا يفيد احمرار الخجل
–
طيوف الليالي ألا اخبرينا
بما قد دهانا بما قد حصل
–
أشارت بكف وفي العين دمع
ألا يا رفيق الدجى لا تسل
–
تأخرت دهرا وما عاد يجدي
فهذا قطار المنايا وصل
–
وما عاد يغني حديث الأماني
ولا عاد يغني اختلاق الحيل
–
فيا ليل عمر ترفق قليلا
لقد غاب عنا السنا وارتحل
–
فهلا رحمت انطفاء الأماني
وعمرا توارى وحلما أفل
–
ونبضا تهاوى بأسوار قلب
به قد تنامى الأسى واشتعل
–
وإني لأدري بأني غريم
وأن ليس يغني طويل الجدل
–
وإني لأدري بأني غريب
كسير المطايا أسير الزلل
–
ولكن رجائي بعفو قريب
عظيم العطايا قديم الأزل
–
ولو أن بابا بأرض توارى
فباب الذي بالسما لم يزل
–
سأمضي وحيدا إلى حيث ألقى
كريما لمن في قراه نزل
–
فيارب سهل علي انتقالي
وهون علي المسار الجلل
–
وسامح شريدا طريد الخطايا
بحق الذي قد تعالى جهل
–
فأنت العفو الرؤوف الذي ما
لعبد أتاه انكسارا خذل