ما بين الطريقين
معالي التميمي | العراق
البعضُ ينظرُ إلى الصورةِ مُتَنائِياً، دون أن يُبحر في لُجَةِ المكنون يُطلِق أحكامه مُتغَطرِساً، معتقداً إنهُ على صوابٍ سابغٍ فيُقصي كل فكرٍ مُعارضٍ، وكأن الذي أعطاهُ عقلهُ لم يعطي لسواه!.
لطالما تكرر هذا المشهد على مرِّ الزمان، أما آن الأوان لرداءِ العتمَةِ أن ينجلي، أما آن لواقعٍ عَكَرٍ أن يصفو، وكيف له أن يصفو مادام البشر يلقون فيه حجارةَ الجهل عمداً باستمرار إذ أغلب البشر يحيون بعقولٍ منفية خارج مدائِن الإدراك، فيشمئزون من الرذيلةِ وكأنهم ملائكةٌ من السماءِ ترجلَتْ، لكنَّما مِن أحدٍ سأل لِمَ تحدثُ هذه ألآفات بكثرة حتى بعد كلَّ هذه الحداثة! لم يصبحُ هذا سارقاً و ذاك مجرماً أو مغتصباً أو متعاطياً، و لماذا تنزاح هذه الفئة إلى ما بين الطريقين إلى رصيفِ المنقصةِ؟ بالتأكيد لا مبرر لمثلِ هذه الأفعالِ لكن هنالك مُسَبِبَاتٍ دفعتهم لذاك،
علَّها غُرِزَت في أغوارِ نفوسِهِم منذ الوَلُوديّة، من خلال تربية الأهل الجِلفَة، المُعاملة القاسية، القمع و التنمر عليهِم فزخُرَت سواقيهم بالمطرِ الأسودِ، و غشتْ أعيهنم بالدجن،
غالباً ما يحمل الوالدين جُل مسؤولية نجاح أو فشل الأبناء وذلك لأنهم هم الذين ملأوا تلك الصفائحِ بأقلامهم كما أبتغوا ولهم مُعظم ثِقل الحسنات والآثام، فهم الجذورُ التي نمت عليها الأغصان، إن ساء جوهرِهِم وبخاصة الأم ساء لُبابُ الأبناءِ باطِناً و ظاهراً.