ذاكرة الطفولة والمدرسة والعوز
عبد الكريم الطراونة |كاتب تربوي – الأردن
قل لمن يشتكي الفقر هل جربته
أم أنه البطر الذي خامرته
هل مر عليك عام لم تذق فيه طعم اللحمة وإن كان قد حصل فنزر يسير من شاة هرمة عجفاء الله أعلم بحالها وبطريقة ذبحها .الحمد لله.
هل قضيت عامك كاملا شتاء وصيفا ببنطال رث ورثته عن أخيك الذي قد ورثه عن أخيك الأكبر،وكان هو لباس المدرسة والعمل والبجامة.الحمد لله.
هل ذهبت للمدرسة خاوي البطن إلا من كاسة شاي وكسرة خبز جافة بلباس رث وحذاء متهالك ينتظرك عقاب مدير أو معلم سادي لا يعرف من أصول التربية إلا استعمال العصا بقسوة ولأتفه الأسباب ليثبت شخصيته الجاهلة المهزوزة إلا من رحم الله منهم.
هل جلست القرفصاء بدون وسادة أو مسند لتنسخ الدرس مرات ومرات ببقية من قلم فقد قوامه،يبرى بشفرة بالدة، كثيرا ما أكلت من لحم أصابعك بقدر ما أكلت من جلدة رأسك عند التسفير مع عدد من الكفوف إن شكوت الوجع.الحمد لله
هل تركك أهلك أشهرا في رحلة الرببع الشقية دون متاع أو زاد سوى الشاي اليسير والخبز وأهلهم يدعون الكرم والغنى.
هل أنهيت عطلتك الصيفية في ممارسة أشق أنواع العمل من حصاد ودراس ورجاد دون مقابل ،ليأتي تاجر مراب لا يخاف الله فينهب كل محصولك بأبخس الاثمان سحتا وتجبرا .
هل تمنيت حبة التفاح في الورقة الزرقاء ولم تنلها,, وقس على ذلك ما خلق الله من فواكه وخضار .ذلك غيض من فيض يا جيل الشاورما والبرغر وووووو والله يعلم .
كم من هل سأستهل بها حديثي .
ذلك الجيل لم يشتك ما قرأت وأكثر ولم يقصروا بواجب طلب منهم ولو كان فوق طاقتهم. رحم الله من قضى منهم وبارك بمن بقي يتجرع ذكريات الحرمان شاكرا وقد نال بصبره وجهده خيرا كثيرا ونالوا المراتب العليا.
للحديث بقية
أكتب ذلك وأنا والحمد لله لم أجرب عُريا ولا جوعا ولم أكن غنيا ولست ممن يدعون الغنى وهم الفقراء حقا ولكنني كنت شاهدا على ذلك. الحمد لله .