عاشق الليل.. قراءة في قصيدة عارف الأحمر “فصول سرية في مدونة الليل”

بقلم: الأستاذ عمار بالخضرة | تونس

قاتل هو العشق رائع.. يطوي الشمس والقمر وينسي الليل والنهار.. فلا عنوان له ولا ديار.. غريبة قصة العشق عند شاعرنا كانه يزرع شيئا لا يُحكى لا يُفهم إذ كيف نفهمه ونحن نرى ما لايراه فهو (الكلي في العشق.. وكل القناديل من روحه تضاء)… يبدأ العشق عنده وإليه ينتهي، يبني به قصورا من ورد وحلما من عطر وزبرجد.. هكذا هو العشق اختصار للمعنى وعمق في الدلالة يطوح به صاحبنا بين سكنات الليل وعتمته، وخفقات الفجر ونسمته.. ففي النص جاء زمن الليل طاغيا على كل الازمنة إطارا رومنسيا ومصدرا للالهام ومادة له، وفي الليل تداخلت مفردات العشق وتناثرت نجوما تضيء من روح الشاعر (كقنديل كاد زيته ينضب) بيد أن صاحبنا بتجاوز هذي الحدود ليتنافذ في إيقاع يجمع الأمل بالألم فإذا (بالقناديل من روحه تضاء) أما (النوارس فقد أضاعت طريق عودتها)، وقد ترددت هذه المعاني في كثير من قصائده حتى لكأن شاعرنا لا يعرف في الحب إلا الجهاد على طريقة الصوفيين يتعبد وجدا حتى بتوحد به ويذوب.. وإذا كانت الدروب لا تواتيه والعشق لا يوافيه فان الزمن قد علمه (أن يخوض عباب الموت ولا يخشى شيئا في الأهوال).
وليس أدل على ذلك من تواتر ثنائية النفي والاثبات في خطاب الشاعر (لا أحتمل، لا أقوى، لا أخشى، لست أخاف) (أمد، أمسح، يطير، الوي، أمتطي)  هذه الثنائية التي تبني شعرية النص تنقلب تحديا فإذا الذات العاشقة تحاور نفسها وتتحداها حين يصير العشق جنونا في الرأس فيصرخ الشاعر العاشق (أنا المنتصر) و(نرفع نحن العاشقين للنص وللشعر رايات الانبهار والانصهار في نصوص بديعة فريدة تهفو إلى أن تحط الرحال في واقع جديد متجدد (مشرق وضاء) هذا هو نصنا يرفل في بساتين العشق والنار.. وهذا هو شاعرنا يكتوي بلهيب العشق ويركب صهوة القصيد ينهل من من أناث الشعر القديم ويضع قدما ثابتة في رحاب نصوص تقوى على الشعر والدهر.

القصيدة:
فصول سرية في مدونة الليل
أنا الكلي في العشق.
وفي عينايا يختصر الليل.
وكل القناديل من روحي تضاء.
وفي دمي اذبت اجنحة الفراشات.
لتسطع فوق كفي ألوان قوس قزح.
وشعاع الضياء.
ومن الوجد ذابت روحي.
كشمعة من توقدها.
لتنير الطريق لخطايا.
فالليل في بلدي قد اطال البقاء.
والنوارس اضاعت طريق عودتها.
ولم يعد لخفق اجنحتها افق.
والموانىء اختفت خلف ضباب الفناء.
فاي الدروب لقلبي ممكنة ؟!
واي وعد له بأن يتم اللقاء؟!..
واي دليل يرشد اشرعتي ؟!
ويمنح روحي مفاتيح ما اغلقته السماء.
ومن بعيد أرى وجهك.
من دون ملامح شاحبا.
كقنديل كاد زيته ينضب.
وشعلته تقاوم في عجز نهايتها والانطفاء.
وانهمر القطر على وجهي.
من دون غيم والسماء عارية زرقاء.
وامد يدي لامسح عن مقلتيك.
بقية الدمع الأسود والاحزان.
فيطير من تحت الاهداب حمام.
ويصير الهديل دمعا وبكاء.
اه أه… أنا لا احتمل حزنك.
ولا أقوى على صمتك والاوجاع.
فهي لقلبي انكسار وعناء.
فانا قد علمني زمني.
أن اخوض عباب الموت.
لا اخشى شيءا في الاهوال.
وكيف ما كان حجم البلاء.
الوي اعنة الاقدار على رسغي
وامتطي صهوتها كمهر
من الانساب جامحة حمراء
لكن مهلا…
الا تخاف العشق؟!.
حين يصير جنونا في الراس
وكساحا في الاعضاء
وحين يكون وهما؟!..
بلى.. لكن قلبي مما عصفت به الضنون جرب مما يكون الدواء
والليل والذءاب وخيانة القباءل؟؟..
لست اخاف..
فبالعشق وما علمني اياه جرحي والانبياء
أنا المنتصر
ورايتي الحمراء سوف تخفق
فوق هامات الجبال
والمدى لخطايا سوف ينفتح
مشرقا وضاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى