الْبَيْتُ يَبْكي

شعر: خالد شوملي
مُقَلْقَلٌ
مُقْلِقٌ
وَمُخْتَنِقُ
وَمُرْهَقٌ مَوْطِني
وَيَحْتَرِقُ
نِصْفٌ عَلى نِصْفٍ في عَواصِمِنا
فَرِّقْ تَسُدْ وَالْخِلافُ مُخْتَلَقُ
يا كِذْبَةَ الْعَصْرِ مَلَّ سامِعُها
كَمْ وَعَدوا أَنْ يَفُوا
وَما صَدَقوا

حالُ بِلادي تَغْمي عَلى الْبَصَرِ
وَالْبَيْتُ يَبْكي مِنْ حَسْرَةِ الْحَجَرِ
بَعْضُ الْمآسي أَسْبابُها قَدَرٌ
إِلّا مَآسيكِ
صُنْعَةُ الْبَشَرِ

سَيِّدَتي ..
مُرْهَقٌ أَنا
تَعِبُ
لي بَلَدٌ مَسْروقٌ
وَمُنْتَكَبُ
لي وَطَنٌ لا يَغيبُ عَنْ نَظَري
أَعيشُهُ
وَهْوَ فِيَّ مُغْتَرِبُ

ما زِلْتِ ما قيلَ عَنْكِ في الْكُتُبِ
أُسْطورَةً
وَالثَّرى مِنَ الذَّهَبِ
فَيا بِلادي سَنَلْتَقيكِ غَدًا
في قُدْسِنا وَالْخَليلِ وَالنَّقَبِ
سَيَرْحَلُ الْإِحْتِلالُ مُنْهَزِمًا
لَنْ تَحْجُبَ الشَّمْسَ فِتْنَةُ السُّحُبِ

قُلْ
كَيْفَ لي يا صَديقُ أبْتَسِمُ؟
وَالْقَلْبُ يَبْكي يَشُقُّهُ الْألَمُ
إِنَّ قَصيدي كَساهُ ثَوْبُ أسًى
وَمِنْ حُروفي تَساقَطَ الْحُلُمُ

إِنْ كُنْتَ تَرْجو الْجِنانَ يا إِنْسُ
أَوَّلُ دَرْبِ السَّما
هُوَ الْقُدْسُ

ما جِئْتُ أَرْجوكَ كَيْ تُواسيني
وَإِنَّما جِئْتُ النّارُ تَكْويني
وَاعْذُرْ كَلامي
إِذا بَدا تَعِبًا
قَدْ هَدَّ جِسْمي سُمُّ الثَّعابينِ
يا مَنْ رَمَيْتُمْ عَلى الْبَريءِ رَدى
لا تَحْضُروا يا أَشْباحُ تَأْبيني

يا أُمَّةً لا تَسْتَوْعِبُ الْعِبَرا
تَزْحَفُ لِلْمَوْتِ لا تَرى الْخَطَرا
وَهَلْ يَجورُ الزَّمانُ في لُغَتي
أَمْ هِيَ مَجْرورَةٌ لِتَنْتَحِرا
مَهْما تَمادى ظَلامُ ظالِمِنا
إِلّا وَعادَ الصَّباحُ وَانْتَصَرا

حُلْمَ أَمانيكِ الذِّئْبُ قد نَهَشا
وَحامِلُ السَّيْفِ
بِالنَّدى بَطَشا
أَنْتِ بِلادٌ تَموتُ واقِفَةً
فَالرَّأْس جَزّوا
وَالنَّبْضُ ما ارْتَعَشا
قَدْ عاثَ فيكِ الظَّلامُ فَانْتَفَضَتْ
غَيْماتُ حُبٍّ لِتُطْفِئَ الْعَطَشا

لا وَقْتَ لِلْأُمْنِياتِ وَالْقُبَلِ
فَقَدْ أَتانا الرَّدى على عَجَلِ
رَصاصَةُ الْغَدْرِ لِلْفَتَى شَرَفٌ
وَالْغادِرونَ النَّدى إِلى فَشَلِ
لَنْ تَقْتُلوا الرّوحَ وَالْإِباءَ بِنا
فَفي أَيادينا شُعْلَةُ الْأَمَلِ

عَلى الْخُدودِ الدُّموعُ تَنْهَمِرُ
وَالْأُمُّ خَلْفَ الْحُدودِ تَنْتَظِرُ
وَفي الْفُؤادِ الْحَنينُ مُشْتَعِلٌ
لَها وَلَوْ طالَ الْبُعْدُ وَالسَّفَرُ
مُلَأْلِئًا وَالنُّجومُ تَسْبِقُهُ
يُطِلُّ مِنْ عَيْنَيِّ الْفَتى الْقَمَرُ

وَكُلَّما نامَ
جاءَهُ الْحُلُمُ
في وَسَطِ الْقُدْسِ
يَخْفُقُ الْعَلَمُ
وَحينَ يَصْحو يَهُدُّهُ الْأَلَمُ
وَيَذْرِفُ الدَّمْعَ مِثْلَهُ الْقَلَمُ

لا تَذْرِفي الْدَّمْعَ يَوْمَ تَكْفيني
فَإِنَّ حُزْنَ الْفُؤادِ يَكْفيني
أَنْتِ الْجَناحُ الّذي أَطيرُ بِهِ
فَلْتَحْمِليني إِلى فِلِسْطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى