مَاهِيَّةُ الإِنْبَاءِ الكَوْنِيِّ: وتِلكَ أَلاعِيبُ النِّفَاقِ وتِلكَ أَكَاذِيبُ الرِّفَاقِ؟ (4)
د. آصال أبسال | كوبنهاغن (الدنمارك)
في مستهلِّ ذلك اليومِ البارحِ بالذاتِ، اليومِ الخامسِ والعشرين من شهرِ أيلولَ (سبتمبر) عامَ 2022، صدر فيما يُسَمَّى بـ«القسم الأسبوعي» من صحيفةِ «القدس العربي» تلك الغنيةِ عن التعريفِ بألاعيبِ النفاقِ تارةً وبأكاذيبِ الرفاقِ طورًا، صدر تقريرٌ صحافيٌّ رئيسٌ يحاولُ فيهِ كاتبُهُ المخضرمُ صبحي حديدي قدرَ المستطاعِ أن يُبديَ شيئا (أو، بالأحرى، أن يصوِّرَ إبداءَ شيءٍ) من العدلِ والإنصافِ إزاءَ تقييمِ «حالِ» الملكية البريطانية من المنظور الأخلاقي حاضرا وماضيا على حدٍّ سواءٍ، وعلى الأخص بعد رحيل إليزابيث الثانية (1926-2022) عن هذِهِ الدنيا في اليوم الثامن من شهرِ أيلولَ (سبتمبر) ذاتِهِ.. فمن طرف أول، جاء هكذا تقييمٌ من قبيل الاجتناب الإنساني لأيِّ شكل من أشكال الشَّمَاتِ بهكذا رحيلٍ «ملكيٍّ» وقد كلَّف إذَّاكَ المبلغَ الخياليَّ من المالِ اللابِدِ، ومن قبيل الالتزام الضميري من ثم بإدراكِ السلوك العاطفي الفاجعي وتقديرِهِ أسىً مؤسيًا فرديًّا أو جمعيًّا، حتى وإن كانت تتخلل هذا السلوكَ مسحةٌ، أو مسحاتٌ، من الغُلُوِّ والإغراقِ في التعظيم والتبجيل والتفخيم والتجليل، وما شابه ذلك.. ومن طرف آخر، جاء هكذا تقييمٌ كذاك من سبيل التذكير الجوهري بالتاريخ الاستعماري والإمبريالي المديدِ الذي قضى قضاءً على تواريخ العديدِ من بلدان ذاك العالمِ المُسَمَّى بـ«العالمِ الثالثِ» في ذلك المآلِ الآبِدِ، ومن سبيل التشهير الضروري بالتالي بالجانب البهيمي والوحشي والحوشي والهمجي لهذا التاريخ وما يقتضيه، سواءً اقتضاءً خارجيًّا أم داخليًّا، من نزعاتِ سُفُولٍ عنصريٍّ وعنفيٍّ وإجراميٍّ وجنسيٍّ، وما أشبه ذلك.. وعلى نطاقٍ شعبي واسعٍ جدًّا من ألبابِ المدركينَ والمدركاتِ جيدًا، ثَمَّةَ فيما يبدو، إذن، جدلٌ أو تنافٍ علائقيٌّ بين النظرِ المُمْعِنِ إلى وضعيةِ ذاك «التاجِ المقدَّسِ» من جرَّاءِ مرارِ التلميعِ والتجميلِ الملكيَّيْنِ النظاميَّيْنِ وما نتج عنهما من روائع ذاتِ النعيم الاستزادي والمزادي على مدى أكثرَ من سبعين عاما لزاما وبين النظرِ الأشدِّ إمعانًا إلى وضعيةِ ذلك «التاجِ المدنَّسِ» من خلالِ تكرارِ التشنيعِ والتقتيلِ الملكيَّيْنِ الذُّهَانِيَّيْنِ وما أسفر عنهما من فظائع ذاتِ الجحيم الاستعبادي والإبادي في ميداءِ أكثرَ من خمسين بلدًا «عالم-ثالثِيًّا» مستعمَرًا، في المقابل – ناهيك عن نوبات السلب والنهب الملكيَّيْنِ العُصَابِيَّيْنِ اللذين لولا حدوثُهُمَا، على مرِّ تلك الأزمنةِ العِفَافِ وعلى جَرِّ تلك الأمكنةِ العِجَافِ في واقعِ الحالِ، لما صارتِ «الإمبراطوريةُ البريطانيةُ» واحدةً جدَّ مُتَبَجِّحَةٍ من الدول الثرية «العظمى» في العالم بأسرِهِ، أو هكذا في ظاهرِ الشأنِ يظهرُ (يُنْظَرُ التقريرُ الصحافيُّ الأسبوعيُّ المعنيُّ في هذِهِ القرينةِ: «الملكية البريطانية: عروش الاستعباد والنهب والحروب»، من إصدار «القدس العربي» في يوم 24 أيلول (سبتمبر) عام 2022)..
كلُّ ذاك الكلامِ، بعدَ إجراءِ ترتيبِهِ المنطقي واللغوي بالطبع، كان قد جاء من عين ذلك الكاتبِ الصحافيِّ المخضرمِ المعنيِّ الذي يستحقُّ الثناءَ، والحقُّ لا بُدَّ من أن يتجلَّى، على الأقلِّ ها هنا على الجانب الكشفي والفضحي من قبائحِ التاريخ الاستعماري والإمبريالي لهذِهِ الدولةِ الثريةِ «العظمى» في حدِّ ذاتها – فضلا، أولا، عن الإشارةِ إلى «تفكيك» تلك المغالطة التاريخية (أو، بالحريِّ، اللاتاريخيةِ) الصارخةِ التي تمَّت أسطرتُها حثيثًا على مدارِ أربعةٍ من القرونِ الزمنيةِ الطوالِ، أو يزيدُ، على غرارِ مقولةٍ تعويميةٍ تمويهيةٍ قائلةٍ بـ«الفصل الصريح بين التاج الملكي والحكم السياسي»، هذا فيما لو نُظر مليًّا وحسبُ إلى مسألةٍ حساسةٍ جدًّا إبَّانَئِذٍ، مسألةِ الاتجارِ بالعبيدِ وشحنهم من ثَمَّةَ من أفريقيا الأصلِ إلى أمريكا الفرعِ من طريقِ شركاتِ رقيقٍ ملكيةٍ بريطانيةٍ بامتيازٍ – وفضلا، ثانيا، عن التلميحِ إلى الدورِ الملكي البريطاني الحاسمِ، دورِ إليزابيث الثانية الشخصيِّ بالذاتِ، في إعدادِ وتنصيبِ شاهِ إيرانَ محمد رضا بهلوي بدءًا من اليومِ السادسَ عشرَ من شهرِ أيلولَ (سبتمبر) عامَ 1941، وذلك من أجل التمهيدِ الدؤوبِ لتجميدِ وإقصاءِ حكومة محمد مصدَّق، وهي الحكومةُ المنتخبَةُ انتخابًا ديمقراطيًّا وقتَها، ومن أجل التيسيرِ اللعُوبِ لمهامِّ «وكالة الاستخبارات المركزية (الأمريكية)» CIA، وبالأخص في التخطيطِ الأكثر دأبًا والأكثر لعبًا بغيةَ الانقلابِ المسرحيِّ على حكومةِ هذا الأخيرِ إلى غيرِ إيابٍ – وفضلا، ثالثا، عن الإلماعِ إلى قيامِ إليزابيث الثانية ذاتِها أيضًا بِشَقِّ عَصَا الاتِّزانِ والتحفُّظِ المزعومَيْنِ قدَّامَ العالمِ المغبونِ من خلالِ سعيِها اللهيفِ وراءَ تأييدِ ودعمِ رئيسةِ الوزراءِ حينَها مارغريت تاتشر في التحطيمِ القميءِ قصدًا وعمدًا لكافَّةِ حقوقِ الاحتجاجِ والإضرابِ الشعبيَّيْنِ بالإضافةِ إلى حقوقِ النشاطِ النقابيِّ حتى يسقطَ القناعُ من على القناع بالحُذْفُورِ والحذافيرِ، ناهيك عن قوموميَّتِها الأشدِّ قماءَةً، قومويةِ هذِهِ الـ«إليزابيث الثانية» عينِها، حينَما تجلَّت أيَّمَا تجلٍّ في اعتراضِها الحَرُونِ على حقوقِ الاستقلالِ الوطنيِّ لكلٍّ من الويلْزيِّينَ والأسكتْلنديِّينَ وكذاك الإيرلنديِّينَ الشماليِّين – وفضلا، أخيرًا لا آخرًا، عن التلميحِ إلى مهمَّاتِ كَتَبَةِ الارتزاقِ والانهباطِ والانحطاطِ من البريطانيِّينَ ذواتِهم، ومن «نظرائِهم» كذاك من الأوروبيينَ والأمريكيينَ وأشباهِهم، في ذلك التبييضِ الهُجَاسِيِّ لكلِّ صفحةٍ غبراءَ مَشُوبَةٍ من صفحاتِ الفعلِ الملكيِّ البريطانيِّ ضمنَ مقولةِ التزييفِ والافْتِئَاتِ والعَمَايَةِ قائلةً قولاً صادمًا وصاعقًا بمَا يُدعى بـ«المهمَّة التمدينية» في صفحةٍ استعماريةٍ جدِّ خاصَّةٍ، تلك المهمَّةِ التي أُنِيطَتْ بالافتراضِ كُلاًّ بِعُهْدَةِ الرجلِ الأبيضِ، وخاصَّةً بِعُهْدَةِ الرجلِ الملكيِّ البريطانيِّ بالذاتِ، إزاءَ غوغاءِ «النُّقَطَاءِ العَتُوفِينَ» ودهماءِ «الهَمَجِ البدائيِّينَ» من شعوبِ «العالمِ الثالثِ» ذاك، إذْ كانَ رئيسُ الوزراءِ ونستون تشيرْتشل متسلِّمًا منصبَهُ هذا للمرَّةِ الثانيةِ عندما تمَّ تتويجُ إليزابيث الثانيةِ ملكةً للبلادِ عامَ 1952، وكانَ، أيَّامَ كانَ وزيرًا لشؤونِ الحربِ، أوَّلَ مَنْ أوعزَ إلى الجنودِ المحتلِّينَ باستخدامِ الأسلحةِ الكيميائيةِ تلك المحرَّمةِ دوليًّا ضدَّ الثائرينَ من العربِ والأكرادِ إبَّانَ «الثورةِ العراقيةِ الكبرى» عامَ 1920، ومَا مَنْحُهُ جائزةَ نوبل للأدبِ أيَّامَئذٍ، وبمعيَّةِ ذلك الشاعرِ الذي قدْ تمَّ تطويبُهُ كذاك بـ«شاعرِ الإمبراطوريةِ» روديارْد كيبلينغ، مَا مَنْحُهُمَا ذاك إلا دليلٌ دامغٌ وقاطعٌ على كلِّ أشكالِ التزييفِ والافْتِئَاتِ والعَمَايَةِ التي كانت تتَّسمُ بها تلك «المقولةُ» البهيميةُ والوحشيةُ والحوشيةُ والهمجيةُ في حدِّ ذاتِها (يُنْظَرُ، أيضًا، كتابُ نعوم تشومسكي اللافتُ: World Orders Old and New «المناظم العالمية قديمًا وحديثًا»، طباعة جامعة كولومبيا عامَ 1994، وتحديث عامَ 1996)..
هُنَا، إذن، مثالٌ ملموسُ محسوسٌ لا ريبَ فيهِ على شيءٍ لاإنسانيٍّ ولاأخلاقيٍّ من كَتَبَةِ الارتزاقِ والانهباطِ والانحطاطِ من البريطانيِّينَ ذواتِهم، ومن «نظرائِهم» كذاك من الأوروبيينَ والأمريكيينَ وأشباهِهم، وليسَ هناك مثالٌ أدلُّ على شيءٍ أكثرَ لاإنسانيَّةً وأكثرَ لاأخلاقيَّةً بكثيرٍ في عالمِنا العربيِّ المنكوبِ من كلِّ حَدَبٍ وصَوْبٍ، من أولئك أشباهِ الكَتَبَةِ الأدعياءِ الأزرياءِ الأدنياءِ بالذواتِ، أولئك السِّفْلَةِ السَّفَلَةِ الفُسَلاءِ بالنَّوَاةِ، أولئك العِسَفَةِ العاتفينَ القادمينَ من قُمَامَاتِ مَا يُسَمَّى افتراءً وتخرُّصًا وترقيعًا بـ«اتحاد الكُتَّاب العرب»، حيثُ يتبدِّى المحترفونَ المحنَّكونَ بكلِّ «ألاعيبِ النفاقِ» أعضاءً مترسِّخينَ مستتِبِّينَ، وحيثُ يتمدَّى المترَفُونَ المركَّنُونَ كذاك بِرُمِّ «أكاذيبِ الرفاقِ» رؤسَاءَ أشدَّ ترسُّخًا وأشدَّ استتبابًا، على حدٍّ سِوًى – إذْ يتراتبُونَ كافَّتُهُم، والمَآلُ هذا، تراتُبًا في إطارِ هرميَّةٍ بيروقراطيةٍ غايةٍ في الدَّمَامَةِ غايةٍ في الذَّمَامَةِ، تمامًا مثلما هي الحالُ في طاقمِ تحريرِ هذِهِ الصحيفةِ «العربيةِ» و«الفلسطينيةِ» المُسَمَّاةِ شوقًا وتوقًا بـ«القدس العربي» بالاسمِ ليسَ إلاَّ، كما سبقَ ذكرُهُ في مواضعَ عدَّةٍ أُخرى من قبلُ، ومَا على الشأنِ المعنيِّ في آخِرِ المطافِ إلا أنْ يشوِّهَ، لا بلْ أنْ يشنِّعَ، وجهَ الحقيقةِ عينِها، وإلا أنْ يحثَّ المتلقِّيَ أو المتلقِّيةَ بالتالي على المساهمةِ في التلويثِ بهكذا تشويهٍ أو هكذا تشنيعٍ، لكيما يبقيا قِنَّيْنِ مَاهِنَيْنِ خنوعَيْنِ مُتَّضَعَيْنِ جدَّ آسِنَيْنِ في مستنقعاتِ الدَّسِيسَةِ والمَكِيدَةِ والانتهازِ والوُصُولِ وكلِّ أشكالِ التكسُّبِ.. فقد حُثَّ أحدُ المتلقِّينَ الواهنينَ على «إبداءِ» رأيٍ ماثلٍ، وعلى الاعترافِ بتواضعِ هكذا رأيٍ ماثلٍ، قائلٍ بأنَّ النظامَ الملكيَّ البريطانيَّ، على الرغمِ من كلِّ مساوئِهِ وقبائحِهِ التاريخيةِ ممَّا ذُكر آنفًا ومن غيرِهِ كذلك، إنما يظلُّ مكوِّنًا مهمًّا وفاعلا وجاعلا من مكوِّناتِ ذاتِ «الهويةِ الوطنيةِ»، على الخلافِ الكُلِّيِّ من الرأيِ الآخَرِ القائلِ بأنَّ ميزانيةَ هكذا نظامٍ ملكيٍّ عاليةٌ نسبيًّا (وتُقدَّرُ إذَّاك بمئاتِ الملايين من الجنيهات)، ممَّا يشكِّلُ عبئًا ماليًّا ثقيلاً يستوجبُ التخلِّي عن هكذا نظامٍ بكُلِّيَّتِهِ.. وحسبما يراهُ المتلقِّي المعنيُّ في هذِهِ العَيِّنَةِ البَيِّنَةِ، فإنَّ هذا الرأيَ الآخَرَ لَفِي غيرِ محلِّهِ حقًّا ولكنْ قدْ يُقْدِمُ عليهِ أصحابُهُ إنِ اتَّسَعَت قاعدتُهم الشعبيةُ، فيرتكبونَ بالتالي غلطًا فادحًا شبيهًا بغلطِ ذلك الخروجِ المعروفِ حينًا بـ«خروج بريطانيا» Brexit، وبالأخص حينما تَسُوءُ الأوضاعُ مَسَاءَةً على الصَّعيدِ الداخليِّ، فتزدادُ من ثَمَّةَ أطماحُ أو حتى مطالبُ ذلك التخلِّي، أو هكذا ينجلي.. ومَهْمَا يَكُنْ من أمرٍ، فإنَّ النظامَ الملكيَّ البريطانيَّ هذا إنَّمَا يختزلُ جزءًا كبيرًا من تاريخِ البلادِ (كافيك من هويَّةِ الأكثريَّةِ الجارفةِ) – الأمرِ الذي قدْ يقلِّلُ من أخطارِ تمييعِ ذاتِ النظامِ في مقابلِ أنظمةٍ لاملكيَّةٍ غيرِهِ، من جهةٍ أولى، والذي قدْ يخفِّفُ بالتالي من أضغاثِ التوجُّسِ من الآخَرِ المختلفِ، على النقيضِ مِمَّا هي الحالُ في نظامٍ جمهوريٍّ كمثلِ فرنسا (إذْ قطعتْ رأسَ آخرِ رجلٍ ملكيٍّ لديها ثُمَّ عَلَّقَتْهُ بأمعاءِ آخرِ رجلٍ دينيٍّ بينَ يديها، فأصبحتْ تتوجَّسُ الآنَ من أيِّمَا مسلمٍ قدْ يرتقي سُدَّةَ الحكمِ)، من جهةٍ أُخرى!!..
وفي الأخيرِ، كَرَدٍّ نقديٍّ لا يدَّعي أيَّمَا تواضعٍ بقدرِ مَا يَنْبَرِي للالتزامِ بقولِ الحقيقةِ أيَّةً كانتْ، ثَمَّةَ على أقلِّ تقديرٍ، هَا هُنَا، ثلاثةٌ من مؤشِّراتٍ فعليَّةٍ «مُضَادَّةٍ» يمكنُ إيرادُهَا بإيجَازٍ شديدٍ على النحوِ الآتي: أولا، إنَّ الأغلبيةَ الساحقةَ من شعوبِ «الإمبراطوريةِ البريطانيةِ» كَكُلٍّ، وليسَ فقط من الشعبِ الإنكليزيِّ كَجُزْءٍ، لا تريدُ النظامَ الملكيَّ بالمطلقِ، لا بلْ تتمنَّى إقصاءَهُ كليًّا حتى – ومَا حَالُ رئيسةِ الوزراءِ الجديدةِ في الصفِّ «اليمينيِّ المحافظِ» الآنَ، ليز تراس، وهي التي كانتْ تطالبُ جَادَّةً بإلغاءِ النظامِ الملكيِّ بَتَّةً أيَّامَ انخراطِها كعنصرٍ «جدِّ نَشِطٍ» في الصفِّ «الديمقراطيِّ الاجتماعيِّ»، والتي حدتْ بها ذاتُ الحَالِ أخيرًا إلى زيارةِ قصرِ بَكِينغْهَام بُعَيْدَ «انتخابِها» اللاديمقراطيِّ بغيةَ الانحناءِ بكلِّ خضوعٍ وبكلِّ خنوعٍ أمامَ الملكةِ بالعَيْنِ (قبلَ أن وافتْها المنيَّةُ) وبغيةَ تقبيلِ يدَيْها ولَعْقِ نَعْلَيْهَا كذلك، مَا حَالُ هكذا رئيسةِ وزاءَ بئيسةٍ إلا حالٌ مستثناةُ لا تستحقُّ الاهتمامَ ولا تستأْهلُ حتى النظرَ.. ثانيا، إنَّ المؤسَّسَةَ الملكيةَ البريطانيةَ بالذاتِ، وهي كذاك المؤسَّسَةُ الملكيةُ المعروفةُ جدًّا بعنصريَّتِها وشوفينيَّتِها المفرطتَيْنِ إفراطًا تاريخيًّا لمْ يسبقْ لَهُ مثيلٌ، إنَّمَا هي، في الخَفَاءِ المُفَاءِ، أوَّلُ هيئةٍ بريطانيةٍ «قُحَّةٍ» كانتْ قدْ رحَّبَتْ بكلِّ رحابةِ صَدْرٍ بفكرةِ ذلك الخروجِ المذكورِ قبلَ هُنَيْهَةٍ بـ«خروج بريطانيا» Brexit، هذا إنْ لمْ تَكُنْ هكذا فكرةٌ تفرُّديةٌ تميُّزيةٌ فكرتَها في الحَيِّزِ الأوَّلِ أصلاً، وذلك من أجلِ أن تبقى دولةُ «بريطانيا العظمى» هذِهِ دولةً متفرِّدةً متميِّزةً عن سَائرِ الدولِ الأوروبيةِ بلا منازعٍ.. ثالثا، إنَّ عنصريَّةَ وشوفينيَّةَ المؤسَّسَةِ الملكيةِ البريطانيةِ هٰتَيْنِ قدْ تبلغانِ ذروتَيْهِمَا حقيقةً من حيثُ الإفراطُ التاريخيُّ المعنيُّ إزاءَ المسلمِ ذاتِهِ وإلى حدِّ القتلِ المبينِ، وذاك مقارنةً بتوجُّسِ المؤسَّسَةِ الجمهوريةِ الفرنسيةِ من هذا المسلمِ وحسبُ، إذْ هناك تسريباتٌ حتى من «جهاز الاستخبارات العسكرية (البريطانية)» MI6 بالذاتِ، تسريباتٌ توحي إيحاءً رهيفًا بتدبيرٍ ملكيٍّ خفيٍّ لذلك الحادثِ الباريسيِّ الشهيرِ الذي أودى بحياةِ كلٍّ من الأميرةِ ديانا و«عشيقِها» عماد الفايد في اليومِ الأخيرِ من شهرِ آبَ (أغسطس) عامَ 1997.. فمَنْ بحقِّ السماءِ، مَنْ بحقِّ السماءِ، من العربِ الشرفاءِ الذين لا يكذبونَ ولا ينافقونَ لوجهِ «الإمبراطوريةِ البريطانيةِ» هذِهِ بَتًّا سوى أولئك الذين يُسْكَتُونَ بالفِعْلِ أو بالقُوَّةِ أو يُقْصَوْنَ بالإجْبَارِ أو بالإقْصَارِ أو حتى يُمْنَعُ نشرُ كتاباتِهم منعًا باتًّا في أيٍّ من تلك الصحائفِ «العربيةِ» الرسميةِ في الداخلِ والخارجِ؟؟.. حتى هذِهِ الصحيفةُ المأجورةُ الحقيرةُ بالعَيْنِ، هذِهِ الصحيفةُ «العربيةُ» و«الفلسطينيةُ» المُسَمَّاةُ شوقًا وتوقًا بـ«القدس العربي» بالاسمِ ليسَ إلاَّ، حتى هذِهِ الصحيفةُ المأجورةُ الحقيرةُ كانتْ قدْ أنفقتْ يومًا «إنبائيًّا كونيًّا» بأكملِهِ على النشرِ الصَّاغِرِيِّ لخبرِ تأبينِ إليزابيث الثانيةِ في صدارةِ الصفحةِ الرئيسيةِ الأولى تحديدًا، في حينِ أنَّ أخبارَ قتلِ العربِ في كلِّ مكانٍ على اختلافِ أنواعِهِ كانتْ قدْ هُمِّشتْ بالكاملِ في المقابلِ – حتى هذِهِ الصحيفةُ المأجورةُ الحقيرةُ التي تعلمُ علمَ اليقينِ أنَّ «الإمبراطوريةَ البريطانيةَ» هذِهِ في حدِّ ذاتِها لَهي التجسيدُ الشِّرِّيرُ الأشرُّ وقدْ تسبَّبَ في كافَّةِ محنِ ومصائبِ وكوارثِ الشعوبِ العربيةِ المستعمَرةِ كافَّةً، بمَا فيها الشعبُ الفلسطينيُّ منذُ أيَّامِ تصريحِ أو وعدِ بلفورَ الشؤمِ عامَ 1917، ومنذُ أيَّامِ مَا قبلَ هذا التصريحِ أو الوعدِ الشؤمِ حتى!!..
تعريف بالكاتبة
ولدتُ في مدينة باجة بتونس من أب تونسي وأم دنماركية.. وحصلتُ على الليسانس والماجستير في علوم وآداب اللغة الفرنسية من جامعة قرطاج بتونس.. وحصلتُ بعدها على الدكتوراه في الدراسات الإعلامية من جامعة كوبنهاغن بالدنمارك.. وتتمحور أطروحة الدكتوراه التي قدمتها حول موضوع «بلاغيات التعمية والتضليل في الصحافة الغربية» بشكل عام.. ومنذ ذلك الحين وأنا مهتمة أيضا بموضوع «بلاغيات التعمية والتضليل في الصحافة العربية» بشكل خاص.
كتابات جريئة ومعمقة تفضح آثام كل الأنظمة الديكتاتورية الفاشية في الشرق
وتفضح أيضا شرور كل الأنظمة الرأسمالية بأغطية “ديمقراطية مزيفة في الغرب
وتفضح بجرأة أكثر الحقائق الزرية المستترة للصحافة الحقيرة كجريدة القدس العربي في الخارج والمجلة المعروفة بقطيع تحريرها الذكور الخنازير النجسين في ماخور “المجلة الثقافية الجزائرية” في الداخل
تُشكر الدكتورة الكاتبة كل الشكر على المجهود اللافت وعلى الأسلوب المنطقي الرائع في الكلام الشجاع عن الكثير من المسكوت عنه في هذا العالم المحطم بأيدي عصابات قذرة منتشرة في كل مكان!!؟
الى الامام يا اختنا الجميلة الدكتورة آصال أبسال بهذا التألق الكتابي العميق
من النادر ان نقرا كتابات جريئة وفاضحة لانظمة الغرب وعملائها من انظمة (العرب)
اتفق كليا مع الاخ بلقاسم الصيهاجي فيما قاله عن (الصحافة “العربية” الحقيرة كجريدة القدس العربي في الخارج والمجلة المعروفة بقطيع تحريرها الذكور الخنازير النجسين في ماخور “المجلة الثقافية الجزائرية” في الداخل) وهناك جرائد “عربية” اخرى بنفس الحقارة بالطبع
وعلى فكرة، كديل على انحطاط المستوى الصحافي في جريدة مأجورة حقيرة مثل “القدس العربي”، يكتب الإعلامي المصنوع فيصل القاسم في هراء تقريره الأخير “سحقا لكم أيها الكذابون الأفاقون” وهو المنشور في نفس الجريد من باب توجيه “النقد” إلى الساسة والحكام كما يدل عليه العنوان، يكتب ما يلي:
(إن تعيير السياسيين والحكام بالكذب والانقلاب وتغيير المواقف أشبه في واقع الأمر بتعيير بنات الهوى بـ«العهر». هل ستنزعج «العاهرة» إذا قلت لها إنها عاهرة؟ بالطبع لا. وقد لخص الشاعر الكبير أحمد مطر هذا الوضع بأبيات لا تنسى، حيث قال: «اشتموا منذ حلول الليل حتى الفجر، لن يهتز كرسي، ولن ينهار باب…هذه الأوساخ، لا يندى لها بالسب وجه أبدا، فاحترموا وجه السباب…عبثاً إن البغايا ليس يخجلن إذا سميتموهن قحاب».) … اه
بهذا التعميم الجارف والساحق وبهذا القصد الذكوري والشوفيني الحقير، يكتب هذا الإعلامي المصنوع بهكذا أسلوب رديء قميء وبهكذا سفالة وانحطاط ناسيا، هو و”الشعرور” الذي استشهد به، بأن هناك الكثير ممن يعتبرهن هو وأمثاله “عاهرات” لَهُنَّ أشرف بأضعاف مضاعفة من الكثير من الساسة والحكام ورجال الدين الذين “ينتقدهم” وحتى أشرف بأضعاف مضاعفة أيضا من الكثير من الإعلاميين الذين هو واحد مصنوع منهم !!
وعلى فكرة، كدليل ملموس وأكيد على انحطاط المستوى الصحافي في جريدة مأجورة حقيرة مثل “القدس العربي”، يكتب الإعلامي المصنوع فيصل القاسم في هراء تقريره الأخير “سحقا لكم أيها الكذابون الأفاقون” وهو المنشور في نفس الجريدة المأجورة الحقيرة من باب توجيه “النقد” إلى الساسة والحكام كما يدل عليه العنوان، يكتب ما يلي:
(إن تعيير السياسيين والحكام بالكذب والانقلاب وتغيير المواقف أشبه في واقع الأمر بتعيير بنات الهوى بـ«العهر». هل ستنزعج «العاهرة» إذا قلت لها إنها عاهرة؟ بالطبع لا. وقد لخص الشاعر الكبير أحمد مطر هذا الوضع بأبيات لا تنسى، حيث قال: «اشتموا منذ حلول الليل حتى الفجر، لن يهتز كرسي، ولن ينهار باب…هذه الأوساخ، لا يندى لها بالسب وجه أبدا، فاحترموا وجه السباب…عبثاً إن البغايا ليس يخجلن إذا سميتموهن قحاب».) … اه
بهذا التعميم الجارف والساحق وبهذا القصد الذكوري والشوفيني الحقير، يكتب هذا الإعلامي المصنوع بهكذا أسلوب رديء قميء وبهكذا سفالة وانحطاط ناسيا، هو و”الشعرور” الذي استشهد به كذلك، بأن هناك الكثير ممن يعتبرهن هو وأمثاله “عاهرات” لَهُنَّ أشرف بأضعاف مضاعفة من الكثير من الساسة والحكام ورجال الدين الذين “ينتقدهم” وحتى أشرف بأضعاف مضاعفة أيضا من الكثير من الإعلاميين الذين هو واحد مصنوع منهم !!