قراءة في ” منتجع الساحرات “لـ ” أمير تاج السر “

مجدولين الجرماني | كاتبة سورية

صدرت الرواية لأوّل مرة عام 2015 عن دار الساقي في لندن. ودخلت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2017، المعروفة باسم “جائزة بوكر العربية”.

بدءا من مقدمة الرواية يطرح الكاتب نفسه كحكاية من بلاد السودان المليء بالسحر، لكنه سحر موجع و مؤلم فيقول لنا عن روايته.

أنا جسر الحطب

أنا النخلة التي داستها ذبابة

انا الرقدة الطويلة

لراقد في رقدة طويلة

والرقدة القصيرة جدا لمتعجل

يود اللحاق بفتاة

انا قصيدة الشاعر

والشاعر قصيدتي

كتبت نفسي وكتبني الشاعر

وسنكتب معا فتاة الجيران

وربما نكتب تلك الغجرية

نسميها حمامة … بجعة

أو دكة الطين

وسنكتب في اي وقت

لا نكون مشغولين فيه

رائحة انتصار

أو رائحة خيبة لا فرق

تتميز الرواية بسرد طويل للأشخاص والأمكنة ومحادثات تحاكي الواقع المرّ في السودان، موضحة الفقر والفقراء، المشردين واللاجئين واستمرار معاناتهم وطبعهم بصيغة خاصة لا يمكن تجاوزها بسهولة.

هي قصة فتاة اريترية لاجئة شديدة الجمال (أببا تسفاي) أقصتها الحرب عن بلادها لتلجأ إلى بقعة في السودان دون دراية منها بأن ما ينتظرها يفوق توقعات فتاة لا تملك وطنا ولا أهل ولا انتماء. تصبح كرقم عشوائي على هامش الحياة.

عندما تبدأ بالعنوان يهيء لك انها أسطورة ما ستغذي خيالك بالأشياء الخارقة للطبيعة أو تظن أنه مكان للترفيه أو مسرح لفصل أرستقراطي .. يصدمك واقع مر، أشخاص منتهي الصلاحية ؛ مثل عبد الباسط شجر رئيس تلك البقعة، وعباس سالم عامل الصحة، والدرويش، وبائعات الشاي المسنات وناهوم، وعبد القيوم الذي غيره حب ” أببا ” اللاجئة من لص محترف إلى عاشق يبحث عن الأمان لحبيبته ويتقصى درب الاستقامة، طبعا مع المفارقات البيئية العديدة..

فهذه البقعة المنسية من كل أنواع الحضارة والإنسانية حتى تنقل بمصداقية الواقع في تلك الفترة، طرحت مشاكل عديدة من التلاعب بالقوانين، والاستهتار بحياة الإنسان كأنه لم يكن مثل الأحداث التي تجري في حي الصهاريج ليلا وتختفي حتى أثارها نهارا ويمر العابرون عليها كأنها لم تكن.

لم يتحفنا الكاتب بنهاية رومانسية أو سعيدة، بل خاتل توقعاتنا بواقع مأساوي يفرض نفسه بقوة ويجعلنا نتفكر بوجود هذه البقعة الغريبة على وجه البسيطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى