فردة حذاء
قصة: ياسمين كنعان
رميت الصنارة وانتظرت أن يهتز الخيط ويحالفني الحظ، أدرت البكرة الصغيرة وسحبت الخيط، لم تكن سمكة ذهبية ولا فضية، لا حمراء ولا زرقاء كما تمنيت وأملت، كانت فردة حذاء، ورغم خيبتي الكبيرة قلت معزية نفسي غنمت، وقلت في سري فردة حذاء أفضل من الحفاء التام، دلقت الماء، حشرت قدمي في الحذاء وفرحت فرح طفل بحذاء العيد الجديد، فردة حذاء خير من العدم، بها أستطيع أن أمارس الحجل والقفز إلى مواعيدي التي لن أصلها إلا بعد حين أو عندما تغادر القطارات محطاتها ويتلاشى صفيرها، فردة حذاء تكفي لأغنم من الحياة نصف حياة، ومن الطرقات نصف طريق، ومن المشاوير نصف مشوار، ومن التعب حصتي كاملة أو يزيد، فردة حذاء لن أصل بها إلى مبتغاي وإلى ما أريد، فردة حذاء تكفي لأقذف بها أقداري البائسة وأيامي اليابسة التي تعتليها الغربان، وتكفي لقتل الجرذ الذي يقرض أوراقي، وسحق الأفاعي والعقارب التي تختبىء تحت السرير..!
ما الذي أستطيع فعله بفردة حذاء؟! أستطيع أن أضع فيها الماء لتشرب منها القطط والكلاب الضالة، أو أضع فيها التراب وزهرة توليب على الشرفة، فردة حذاء تكون الدليل على محاولتي اليائسة والمتكررة للوقوف على هذه الأرض الرخوة، يمكنها أن تصنع بصمة لقدمي المترددة بين المضي قدما في حقل الشوك والعودة ألف ميل للوراء..!