آخر من يموت
شعر: د. معتز علي القطب | فلسطين
يَمْضِي مِنْ القُدْسِ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ
قَدْ قَاوَمَ اللَّيْلَ بالتَّكبيرِ للسَّحَرِ
===
رُوحٌ مُكَرَّمَةٌ فِي كُلِّ زِينَتِهَا
عَادَتْ لبارئِها فِي أَجْمَلِ الصُّوَرِ
===
اليَوْمَ تَمْضِي وَتَرْضَى أَنْ تُفارقًنا
فالرُّوحُ تَضْطَرُّ وَقْتَ الظُّلْمِ للسَّفرِ
===
عَاشَتْ تُرَابِطُ فِي بُسْتَانِ فَاكِهَةٍ
فاللصُ يَسْرِقُ كُلَّ الزَّهْرِ والثَّمَرِ
===
مَا زَالَ حَيّاً يُنَادِي كُلَّ مُجْتَهِدٍ
كَيْ يُلْحِقُوهُ بِلَا خَوْفٍ وَلَا ضَرَرِ
===
قَدْ أَخْرَجَ الرُّوحَ فِي الدُّنْيَا وَقَدَّمَهَا
فِدَاءَ رُوحٍ عَلَى البُنْيَانِ وَالحَجَرِ
===
فِي سَاعَةِ اللَّيْلِ أَهْلُ القُدْسِ خَائِفَةٌ
فَجَاءَ يُؤْنِسُهُمْ بِالذِّكْرِ وَالسَّهَرِ
===
عَمَّ الجَفَافُ وَأَرْضُ القُدْسِ يَابِسَةٌ
فَعَادَ يَسْقِيهَا بِالمَاءِ وَالمَطَرِ
===
هَبَّتْ عَلَى القُدْسِ رِيحُ المِسْكِ مِنْ جَسَدٍ
فَطَابَتْ الأَرْضُ مِنْ رِيفٍ إِلَى حَضَرِ
===
كَمْ كَانَ يَحْرُسُهَا مِنْ كُلِّ نَازِلَةٍ
مِنْ النوازِلِ مِنْ غَدْرٍ وَمِنْ شَرَرِ
===
الجِسْمُ فِي لِذةٍ مِنْ فَضْلِ خَالِقِهِ
وَالرُّوحُ تَصْعَدُ لِلياقوتِ والدُّررِ
===
مَعَ السَلَامَةِ يَا رُوحاً مُمَيِّزَةً
سَلِّمْ عَلَى الوَرْدِ فِي الفِرْدَوْسِ والشَّجرِ
===
مَعَ السَلَامَةِ لَا حُزْنٌ وَلَا أَلَمٌ
العَدْلُ لِلهِ لَيْسَ العَدْلُ لِلبَشَرِ
===
مَشَتْ إِلَى الحقِ أَرْوَاحٌ مُبَارَكَةٌ
فَالنُّورُ فِي القَلْبِ قَبْلَ العَيْنِ وَالبَصَرِ
===
نَادَتْ عَلَى الحُرِّ فِرْدَوْسٌ مُمَيِّزَةٌ
وَالعَبْدُ نَادَاهُ قَعَرُ النَّارِ فِي سَقَرِ
===
اِحْمِلْ إِلَى اللهِ شَكْوَى أَنْتِ تَعْرِفُهَا
أَصَابَتْ الرُّوحَ قَبْلَ الجِسْمِ بِالضَّرَر
===
يَا رَبِّ اِحْفَظْ شُمُوسًا فِي مَجَرَّتِنَا
كَيْ تُنْقِذَ الفَجْر مِنْ لَيْلٍ وَمِنْ خَطَرِ
===
اِرْحَمْ شَهِيدًا مَضَى فِي دَرْبِ عِزَّتِنَا
إِشْتَاقَ فِي القُدْسِ لِلتَّارِيخِ وَالأَثَرِ
===
يَا رَبِّ وَعْدُكَ أَنَّ تُعطِيهِ منزلةً
فَضْلٌ مِنْ الدِّينِ وَالإِحْسَانِ وَالقَدْرِ
===
نَلْقَاكَ يَا أُسْدًا إِنْ شَاءَ خَالِقُنَا
مَتَى نُسَاقُ إِلَى الفِرْدَوْسِ فِي زُمَرِ