شغف الولادة

عبير محمد | مصر  – المنصورة

حِين

ينْطِق الصّمتُ

دمًا ورصاصًا، نارًا ورياحًا،

فتصيرُ النجومُ رَمادًا،

نَجِدُنا عالقيْنَ في أُسطوْرةِ الضوءِ،

في ذاكِرةِ الشمسِ كَيْمَا نتحرَّرَ

منْ الظّلامِ المُطْلقِ، رَغمَ

الاحتراقِ بَينَ انْتظارٍ

وحُلم.

***

تدقُّ نواقيسُ

التمرُّدِ بجنُونِ المجازِ،

وَلُهاثِ خيالٍ يبتكِرُ النّهايَةْ.

غُصْنا في انْكسارِنا صاغِريْنَ،

يَتجرَّعُنا الضّياعُ بَينما نَمْتطِي الألَمَ،

وَيُبعثرُنا الشّتاتُ بلا أَشرِعَةٍ،

والأَسَى صَبغَ الأُفُقَ بأحزانِنا،

وَالفرحُ نومٌ كَهْفيٌّ.

***

لا زالَتِ العَصافيْرُ

صامتةً مُنْذُ الدّمِ الأَوّل،

مُنْذُ جهلِ قابيلَ، والأرضُ

لا تسع لتواريَ سَوْءَةَ أخيه.

ومازالت الرّياحُ تَبكِي، ومازال

يوْسُفُ في جبِّ خَيباتِنا،

لَملَمْنا هناكَ دموعَنا

عَنْ أنقاضِ إِنْسانِيَّتِنا،

هناكَ حَيثُ أحالوا الأرْضَ

جَحيْمًا والقمْحَ جياعًا،

تَحْتَ أعيُنِ الشّمسِ

أذهلتها ألوان البيادر.

***

أنْتمُ…

طُفيْلِيّاتُ دمائِنا،

تحْسبُونَ أَنّكُمْ خالدُونَ،

لا كِتابَ تُدْعَوْنَ إليهِ،

نَسيْتُمْ هُداكُمْ وغيَّبْتمُ

الضّوءَ عن نبْضِ الياسَمينَ،

صلاتُكمْ منْفانا وَلغاتُ الحُروبِ،

وَالغرقُ الدّائمُ في الغروبِ،

وتاريخُ كلِّ شياطينِ الزمان.

فالْفُظي يا أَرضُ ضحاياكِ نَحوَ

الغيْمِ الثائِرِ فما زالَ صُراخُنا مُعلّقًا

على تِلكَ الشّبابِيكِ العَتيْقةِ،

وما زالَتْ قلوبُنا بينَ اليقْظةِ

وَالفَناءِ تُزيّنُ مَسْرحَ

الفَجِيْعة…

***

طُفولتُنا المُشرّدَةُ

دموعُ الذُّهوْلِ، مجْبولَةً

بشَجنِ الأرامِلِ وتأْبينِ الأمّهاتِ،

أَلمْ تَسمَعُوا أنِينَ الأَفْئِدَةِ المَكْلوْمةِ،

عِندما اقْتلَعْتُمْ رَعْشةَ عَصافِيرِ أَحْلامِها،

أحْلامٍ تُوْأَدُ بذُلّ الرّغيفِ، وأنْتمْ تلهونَ

بنسفِ بُيوتنا الصّغيرةِ، ونظْمِ قصائدِ

الحسْرةِ لِعواصِمِ الرَّذيلةِ…

***

أَيُّها المسوخُ

تَلْتفّونَ كالوباء

حَولَ مفاصِلِ الكَونِ،

أَنْتُمْ نفاياتُ الحَضاراتِ وَالخطِيْئَةُ

كُلُّ الآهاتِ تتبرَّأُ مِنكمْ،

فلا تقايضوا السّماءِ بأحلامكمُ الشاحِبَةِ،

جَعلْتُمُ الأرْضَ غاباتِ غرائِزَ وكابُوسًا مقيْمًا،

سَتُلاقُوْنَ يَوْمَكُمْ، وَتتعَرَّى منكم الأوقاتُ،

سنطهركم من رجس الأرض،

وتسْتعيد المآذِن نداءاتَها،

وَيَخلَعُ الياسَمين الغصونَ الزائفَة،

وَتُحْبَسُونَ في أوهامِكمْ.

***

ستُزْهرُ سماءُ

الحبِّ ليلَةَ القَدْرِ،

وَتُشرِقُ وجوهُ الأَوّابيْنَ بالبقاء،

وَينْكشِفُ المَحْجُوبُ، وتُضِيْءُ طُهْرًا القلوبُ.

فضُمَّ قصائِدَنا بِأَجْنِحَتِكَ يا إِلَهِ الرُّوح،

تخْرُجِ الطّيورُ البيضاءُ،

وَينْتَصِرْ بِكَ أَبْناءُ النُّور…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى