لماذا يحذر الأطباء من مخاطر أدوية الملاريا في علاج “كورونا”؟

د. فيصل رضوان| أستاذ وباحث التكنولوجيا الحيوية والسموم البحرية-  الولايات المتحدة الأمريكية

رغم تصريح  FDAلماذا يحذر الأطباء والخبراء من مخاطر استخدام أدوية الملاريا لعلاج  COVID-19 ؟ وما آلية عمل الدواء كما يراها العلماء؟

أدى تحول زوج من أدوية الملاريا إلى أدوية لعلاج COVID-19 قبل أن يتم اختبارهما بدقة، إلى عاصفة من تحذيرات السلامة safety warnings من أخصائيي القلب والأطباء الآخرين. وصف الرئيس ترامب فى تغريدة له أن عقاقير الكلوروكين وهيدروكسي كلوروكوين chloroquine/hydroxychloroquine CQ/HCQ  بأنها ” Game changer ” للمرضى الذين يعانون العدوى (ربما ساند رأيه على نتائج علمية نشرت حديثا لفريق بحثى بريطانى وآخر فرنسى). ومع إجازة ترامب هذه، فقد طلب المسؤولون الفيدراليون من مصنعي الأدوية إتاحة مخزونهم من هذه الأدوية للاستخدام الفورى وأعلنت FDA التصريح المؤقت لصرفه والبدء فى التجارب السريرية لاحقا.

أضرار جانبية متوقعة

ولكن يعتقد الخبراء انه حينما تبدأ الأدوية في التدفق إلى صيدليات المستشفيات ويبدأ الأطباء في وصفها للمرضى، فإن آثارها الجانبية المحتملة ربما تثير الانتباه.

يحذر مقال نُشر هذا الأسبوع في Mayo Clinic Proceedings من أن كل من عقاقير الكلوروكين وهيدروكسي كلوروكوين يمكن أن تؤدي إلى اضطراب نظم القلب الخطير heart arrhythmias في 3 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من حالة قلبية خلقية – تسمى متلازمة QT الطويلة long QT syndrome – والتي يمكن أن تتسبب في ضربات القلب بشكل غير منتظم وقيادة صاحبها إلى الموت المفاجئ.

بالإضافة إلى ذلك ، يتناول ملايين الأشخاص في الولايات المتحدة أدوية تطيل “فترة QT” للقلب ، وهي الفترة الزمنية التي يستغرقها النظام الكهربائي للقلب لإعادة الشحن بين النبضات. هؤلاء الأشخاص – بما في ذلك المرضى الذين يتناولون مضادات الاكتئاب الشائعة antidepressants والأدوية المضادة للذهان antipsychotic أو الكثير من المضادات الحيوية الشائعة – ربما أيضا يكونون عرضة لخطر الإصابة بضربات قلب غير منتظمة بشكل خطير إذا تناولوا أحد أدوية الملاريا دون أن يتابعهم الطبيب عن كثب.

من المعروف أن ما يقرب من 13٪ من الأمريكيين فوق سن 12 سنة يتناولون أدوية مضادة للاكتئاب. ولكن ليس من المعروف عدد الأمريكيين الذين لديهم تفاعل ال QT والذين تستجيب قلوبهم لبعض الأدوية بتغيرات كهربائية يمكن أن تؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب arrhythmias والموت المفاجئ للقلب.

وفي الوقت نفسه ، حذر تقرير علمى نشر هذا الأسبوع فىMedPage Today ، وهي مدونة شهيرة وخدمة أخبار طبية يقرأها الأطباء على نطاق واسع، من أن الكلوروكين يمكن أن يسبب فقر الدم الانحلالي hemolyticanemia إذا تم إعطاؤه للأشخاص الذين يعانون من حالة وراثية شائعة تسمى نقص G6PD ( هو أنزيم glucose-6-phosphate dehydrogenase) يمكن أن يؤدي فقر الدم هذا إلى ضيق التنفس وسرعة ضربات القلب، وفي الحالات الشديدة، الفشل الكلوي والوفاة.

المشكلة: الكثير من هؤلاء المرضى ربما لا يعرفون أن لديهم G6PD حتى يتسبب دواء جديد أو نظام غذائى مثلا في حدوث أزمة تدفع خلايا الدم الحمراء إلى التحلل بشكل أسرع مما يمكن تصنيعه. يصيب هذا الاضطراب ما بين 10 ٪ و 14 ٪ من الرجال الأمريكيين من أصل أفريقي في الولايات المتحدة، وهو شائع لدى الأشخاص من منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا وآسيا. تقريبا جميع المرضى الذين يعانون من G6PD هم من الذكور (لأنه مرتبط بالكروموسوم( X)

وحتى يطمئن الجميع فإنه تقوم الان حوالي 17 تجربة سريرية حول العالم لإختبار سلامة وفعالية CQ/HCQ  ضد COVID-19. تهدف تجربتان إكلينيكيتان في الولايات المتحدة إلى اختبار ما إذا كان هيدروكسي كلوروكين قد يمنع المرض لدى العاملين في الرعاية الصحية في الولايات المتحدة أو مقدمي الرعاية الذين تعرضوا لمرض  COVID-19

ونشير أيضا الى رسالة خاصة من الدكتور حمادة العزازى جراح وأخصائي الكلى والمسالك البولية المعروف (سوهاج- مصر) والذى حذر من خطورة الإسراف فى تناول CQ و HCQ بدون رقابة والذى قد يسبب فشل الكبد والكلى خصوصا عند كبار السن. ويبنى هذا الفرض على أبحاث تقول ان تغير طبيعة كيميائي metabolism لكل من CQ و HCQ في الكبد تزيد من السمية، ومع الإفراز الى الكلى يمكن ان يتضرر كلاهما، وبالتالي يجب أن يوصف هذا العلاج بعناية للذين يعانون من ضعف الكبد أو الفشل الكلوي.

 

الآلية البيولوجية لعمل CQ/HCQ

تم افتراض عدد من آليات العمل المحتملة لـ CQ / HCQ ضد SARS-CoV-2. يعتقد أن الفيروس يدخل الخلايا عن طريق الارتباط بإنزيم سطح الخلية يسمى الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (ACE2). يُعتقد أيضًا أن إنتاج عالى لـ ACE2 يتم تنظيمه عن طريق الإصابة بالعدوى. قد يقلل الكلوروكين من عملية glycosylation لـ ACE2، وبالتالي يمنع COVID-19 من الارتباط الفعال بالخلايا المضيفة. علاوة على ذلك، يفترض بحث اخر أن CQ قد يمنع إنتاج السيتوكينات المؤيدة للالتهابات IL6، وبالتالي يعوق المسار الذي يؤدي لاحقًا إلى متلازمة الضائقة التنفسية الحادة respiratory distress syndrome (ARDS).

بعض الفيروسات تدخل الخلايا المضيفة من خلال كثرة الخلايا. يتم نقل الفيروس داخل الخلية المضيفة في حويصلة مشتقة من غشاء الخلية تسمى إندوسوم endosome حيث يحدث التكاثر. بعدها يندمج هذا الجسيم مع الجسيم الحمضي lysosome داخل الخلية، مما يؤدي إلى تمزق الجسيم وإطلاق المحتويات الفيروسية لتعاود الهجوم.

وقد وجد أن الكلوروكين يتراكم في الليزوزومات ، مما يتداخل مع هذه العملية نتيجة لرفع مستوى الأس الهيدروجيني pH للاندوسوم (أى جعله أكثر قاعدية) وهنا فأن الدواء يتداخل مع دخول الفيروس أو خروجه من الخلايا المضيفة.

***
المراجع:

Kerstin Frie and KomeGbinigie, Chloroquine and hydroxychloroquine: Current evidence for their effectiveness in treating COVID-19 https://bit.ly/39siuB6

Philippe G et al., Hydroxychloroquine and azithromycin as a treatment of COVID-19: results of an open-label non-randomized clinical trial

https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0924857920300996

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى