النور العظيم
شعر: علي الخفاجي
ما كانَ قَبلهُما ما كانَ بَعدَهما .
حَرفانِ ما وُصِلا إلا لِيتصلا
///
أصلُ الوجودِ هُما في كُلِّ حِكمتهِ
بل أصلُ مُنعَدَمٍ في قهرِ ما وُصِلا
///
حرفانِ ما اقترنا إلا ليجتلدا
شاءت مشيئتهُ التكوينَ فافَتعِلا
///
كَافٌ . وسِرُّ وُجُودٍ رَاحَ يُكْمِلُهُ
نُونٌ . فَأَكْمَلَتِ الْإِيجَادَ فَاكْتَمَلَا
///
أرادَ من عَدمٍ بالكُنِّ يَخلقُهم
قبلَ الوجودِ إلى الإيجادِ ثُمَّ ألا
///
بل شاءَ مُبتدِعاً للنَّوعِ في حُجُمٍ
ما مُسهُ لغَبٌ و الشأنُ ما مَللا
///
سبحانهُ عِلَّةُ التعليلِ في عِلَلٍ
بل علَّةٌ أعجزت أفهَامَهُمْ عِلَلَا
///
قل للحَيارى لماذا التيه شتَّتكمْ
فالشمسُ طلعةٌ و الصبح قد طللا
///
إن الصباحَ دَليلُ الشمسِ يأخذكمْ
نحو الحقيةِ رشداً يدحض الجهلا
///
الكلُّ مُبتدعٌ في صَنعةٍ سُبكت
فيهِ الدليلُ عليهِ كلما عَملا
///
و سنّةُ اللهِ للإنسانِ أنَّ بها
تعريفَ خالقِهمْ في صـُنعِ ما فَعَلا
///
و دونما أسُسٍ ما قامَ من عَملٍ
بل دونما سَببُ التسبيبِ ما عُمِلا
///
تعريفُ غَايتهِ للخلقِ أجمعهِ
أنَّ الأساسَ على التوحيدِ قـد جُبِلا
///
من خلقِ آدمَ كانت حكمةً و بها
أن شاءَ كلَّفهُ إصلاحَ ما عطلا
///
لا ريب عن عِلَلٍ ما امتازَ مُختَبَرٌ
والمرءُ لولا اختبارُ اللهِ قد فشلا
///
ما كانَ يَتركهم إلا و مَحَّصَهم
مثلَ الدَقيقِ بذا الغربالِ قد نَخلا
///
غِربالُ مُرتجفٍ تلكَ الدنا فبهِا
أعدادُ صَاعدةٌ و الكُلُّ قد هطلا
///
لا حيلةً قربت للمرءِ أو بَعُدَت
نحو الهروبِ من التمحيص ما ارتحلا
///
و كيفَ يهربُ من تكليفِ مَنطِقهِ
و العقلُ حُجتهُ للعقلِ ما اختزلا
///
قد يَفلتُ العبدُ من أعرافِ مَحكمةٍ
لكنـَّما عبثاً و الله قد عدلا
///
حَاشاهُ ما أخذَ الأقوامَ في زمنٍ
بالرسلِ أنذرهم و اللهُ ما هَملا
///
فالأنبياء أتت تترى بسنتهِ
كانوا لها قَدَرَاً يرجونَ ما أمِلا
///
و الحاملونَ لواءَ العهدِ من قدمٍ
هم عازمون على تجديدِ ما سَمَلا
///
و المدركونَ بأنَّ الله َ كافلُهمْ
و الله ناصرهمْ ما دامَ قد كفَلا
///
جاؤوا بسنَّتهِ في هديهمْ أُمَمٌ
طوعاً لمَا نَزَلتْ مِنهُ وما نُقِلا
///
بل شاهدينَ على ما أنزلتْ كتبٌ
و العارفونَ حَبيباً يُكمِلُ الرُّسُلا
///
جاءت شمائلهُ في هيبةٍ رُفعت
كالشمسِ ظاهرةً للآنَ ما أفلا
///
اللهُ خَصصَهُ بالختمِ يعقبهم
بل شاء فضَّلهُ أن سادهم كملا
///
ما جلَّ مُتَّصفٌ في آيةٍ مَثُلت
في قولِ خالقهِ إلا و قد مَثُلا
///
في هَيّبَةٍ برزت بين الرجالِ ولا
عينٌ ترىٰ شهدت أمثالَ مَن مَثَلا
///
من مثلهُ جبلٌ من مثلهُ شَمَمٌ
من مثلهُ عِظَمٌ لم يرتدِ الخُيَلا
///
إن سارَ متَّجهاً للناسِ يُنْذرهم
كأنهُ صَبَبٌ من فوقِهم نزلا
///
أو مَالَ يخبرهم مالت جَوانبهُ
كالسيفِ في وهَجٍ في ميلهِ اعتدلا
///
أو قالَ من خطبٍ بانت محاسنهُ
زَهْرىُّ منظرُها قد ابهرت مِللا
///
صَلتُ الجبينِ عظيمُ الهامِ أن لها
نوراً يَزيدُ جمالاً كلما ابتهلا
///
و العينُ واسعةٌ دعجاء قد أخذت
كلَّ القلوبِ بهاءً حُسنها اكتَحَلا
///
سَمحٌ رَضيٌ زكيُّ الطيبِ أن لهُ
ختمَ النبوةِ تِبياناً كما نَسَلا
///
مُنحتَ أجمل ما أعطاكَ من كرمٍ
و رُبَّ مَكرمةٍ فاقتهمُ طِوَلا
///
أو أن مَكرمةً ترقى فَضائلُها
في سيدٍ خُتِمَت فيهِ الورى أجلا
///
يا حُسنَ من خلقَ القهارُ من أزلٍ
بل وجهُ رحمتهِ مُذ أوجدَ الأزلا
///
يا شعلةَ اللهِ و الأكوانُ لو فُنيت
تبقى تضيءُ بنورٍ يكشفُ السُبُلا
///
يا روحَ آمنةٍ واللهُ فضلها
بحملِ مُنتجبٍ قد أنجبت. بطلا
///
يا خير من ولدت بدراً وقد. عجزت
كلُّ النساءِ. على إنجابها بدَلا
///
يا عاليَ المجدِ لا قالَ العلى جدلاً
بل قالَ مفتخراً المجدُ فيكَ. علا
///
يا زاهرَ الوجه و الأوصاف عاجزةٌ
عن مَدحِ أحمدَ شعرٌ لستحى خَجَلا
///
يا سِرَّ مَنْ خُلقت من أجلهِ حُجبٌ
بل سُرَّ سرُّ وجودِ الكونِ ياجـدلا
///
يا كُنَّ تسميةٍ في لفظها أخَذت
حَمداً وقد تعبت ألبابهم حِيلا
///
يا ساعةَ اللهِ إنْ قامت وإنْ قعدت
حتى وإن ظهرت فالأمرُ منكَ تلا
///
ياربِّ صلِّ على خير الورى رُسلاً
و آلهٍ قممُ الأعرافِ مِنكَ صَلا
///
مُشَرِّفٌ ذِكْرُ آباءٍ لِذي علمٍ
أبناءُ. خيرِ خليلٍ قامَ فاتكلا
///
تشرّفت أظهرُ الأجدادِ تحملهُ
وقد تَقلَّبَ بين الساجدينَ تلى
///
أبناءُ من سَجدت للهِ جبهته
لا فعلَ من فعلوا أو قولَ مَن عَذلا
///
نورانِ قد رُزِقا بدراً وقد شَرُفَ ال
بيتُ الحرامُ بِمَن قَد جاءَ ثُمَّ علا
///
في مولدٍ برزت أنوارُهُ قُدُماً
أضاءَ مولدهُ الأكوانَ فامتثلا
///
من نسلهم ولدَ المُختارُ و انصدعت
أركانُ كسرى وسادَ الرعبُ و اسْتَتَلا
///
والعرشُ قد هُدِمت أوتاد عِزَّتهِ
من بعد ما هَدَمَ الأرجاءَ قد هدلا
///
و كيفَ حَالُ إلهٍ نارهُ. خَمدت
من بعدِ ما عُبِدت نيرانهُ.. دَجَلا
///
وقد تساقطَ ما في الأرضِ من صَنَمٍ
على الوجوهِ وما للنارِ قد أُكِلا
///
وَ سَاوَةَ انتقلت من عزِّها عَطشاً
غارت بُحَيرَتَها صارت تُرى طَلَلَا
///
و قد تحققَ ما يرويهِ قائلُهم
لما تَفرسَ قالَ الحقُ قد جَذَلا
///
حتى تَبَيَّنَ للكُهانِ. ماشهدت
عيناهُ ماكذبت أوما تَرَى المُقلا
///
و أشرقت سنةُ الرحمنِ شافيةً
لتطردَ الكسحَ حتى لن تَرى الشللا
///
و كيف لا وهو الأقدارُ أجمَعها
و هو الرسولُ علا فامتازَ و احتملا
///
في خلوةٍ عَزلَ المختارُ طلَّتهُ
كعادةٍ عُرفت يَخلو بِما أمِلا
///
لمَّا تأملَ بالكونِ العَظيمِ. رأى
نوراً أتى فَدَنى و العقلُ ما خَيُلا
///
و نوديَ اقرأْ لِما جَاءتكَ من سورٍ
إيَّاكَ مصطفياً ربي و قد وَكِلا
///
هُناكَ أثقلهُ ما كانَ من كلمٍ
و قد تَزلزَل مما قد رأى ثَقُلا
///
لا يستطيعُ بما لاقاهُ من عِظمٍ
حِفظُ التوازنِ مِمَن قد رقى ذُهِلا
///
حتَّى تَفَصَّدَ من ذاكَ الجبينِ كما
لو أنها دُررٌ قد أُنزلت بللا
///
هناك قد بُعِثَ المختارُ يُنذِرُهم
و كيفَ حالُ قريشٍ دونما هُبَلا
///
بل كيف كانَ وقوعُ الذِكرِ في سمعٍ
إلا و كانَ كما الإعصار قد نفلا
///
و يعلمونَ جواباً دونَ أسئلةٍ
أنت الصَدوقُ و حاشا أن ترى الزَللا
///
وخَيرُمن نَطَقَ الضادَ الفصيح على ال
أقوامِ قاطبةً و العيبُ منكَ خلا
///
و خيرُ من بسطَ الكفينِ يأخذهم
نحو النجاةِ لمن يسعى بأن يَصلا
///
و يومَ دعوتهِ للأقربينَ لهُ
على مُؤازرةِ التمهيدِ مُذ جُعِلا
///
يَرى العشيرةَ حَيرى و النفورُ بهم
لما أفاضَ عليهم صَادقاً خُذِلا
///
إلا القليلَ من الأهلينَ صَدَّقهُ
قاموا لنصرتهِ صدقاً لما. نَزلا
///
سَلِ القدامى أبا جهلٍ وما شهدت
عيناهُ من فَزَعٍ حتَّى رقى الخَبَلا
///
لمَّا أرادَ فَساداً مثلَ عادتهِ
شاءَ القديرُ يُريهِ خَندقاً نُكُلا
///
فارتدَّ مُرتعباً من هولِ ما اطلعت
عيناهُ من حَرَسٍ قد عُدِّدُوا دُبُلا
///
و الكلُّ يملَؤهم كيداً بدعوتهِ
و الشِّعبُ يشهدُ أعواماً بمن. عـُزِلا
///
بما رأى الصحبَ بالأوتادِ قد صُلبوا
بين التبري و موتٍ جاءَ ما ارتحلا
///
و قد. تألم حزناً حين فارقهُ
مُناصِراهُ و فاضت روحهم نُبُلا
///
مازادَ في البحرِ قَطرٌ من سحائبهم
أو نَقصُ لُجَّتهِ لو واردٌ نَشَلا
///
كُلُّ الخلائقِ للمبعوثِ مرجعها
كلُّ المعاجزِ طوع الأمرِ لو هَجَلا
///
ظِلُّ الغمامة يوم الحرِّ تحفظهُ
تخشى عليهِ هجيراً طالما اشتعلا
///
و آيةٌ صَدحت للناسِ معجزةٌ
في شقهِ قَمرٌ و الكُلُّ قد وجلا
///
و الصحبُ في أُحُدٍ لمَّا تذَكرهم
صرعىٰ على جَبلٍ صلى لمن. رَحلا
///
فاهتزَّ تحتَ عظيمٍ خاشعاً وهِلاً
لمَّا تبسَّمَ قالَ اثبت فما وهِلا
///
وقد وَ ضَعتَ كُفوف النصرِ تخبرهُم
قُربَ القُلَيبِ ببدرٍ موتُ مَنْ قُتِلا
///
وقد تحققَ ما أخبرتهم سلفاً
نحوَ المَصَارِعِ إثراً يرفضُ الحِولا
///
و الجذع مُرتقياً أعلاهُ تَخطُبُهُم
لمَّا نزلتَ بكى شوقاً لمن نَزلا
حتى إذا سمعَ الأصحابُ أنَّتَهُ
و افاهُ مُحتضناً إياهُ ما خذلا
///
ويومَ جاءَ إليكَ الصحبُ أجمعهم
يشكونَ حَرَّاً و ماءُ الأرضِ قد وَشِلا
///
رويتهم غَدقاً من بين راحتكَ ال
مِهياع قاطِبةً بل جَدَدَوا غُسُلا
///
ما قلتُ ممتدحاً إياهُ في كلمٍ
لكنما عِظماً للحرِّ ما حَملا
///
ولست أُمدحهُ سجع الملوك لكي
أحضى بمكرمةٍ منه لمن زَجَلا
///
و لن أقولَ كبيرٌ في فضائلهِ
ما للعظيمِ شبيهٌ أينما انتقلا
///
و لا المعاجز فيهِ بين دعوتهِ
أعطاهُ خالقهُ عن كُلِّ ما سَألا
///
و ليس مدحي لهُ أُخفي لمثلبةٍ
حَاشَاهُ حَضرَتهُ مَعصُومُ ما غفلا
///
و كيف أمدحُ من كانَ الأمينُ لهُ
رهنَ الإشارةِ في تنفيذِ ما فَصلا
///
ولن نُجازيَ من تُثري خزائنهُ
فقد تكرَّمَ بالإنعامِ ما بَخلا
///
بما تَكبَّدَ في جنبيهِ من ألمٍ
يخفيهِ مُبتَسِماً حتى إذا سُئِلا
///
بما تَجرَّعَ مِمَّن ساقهُ وجعاً
أرادَ ينجيهم فاستنهضوا جَهلا
///
بما تعذبَ و الاقوامُ ترجِمهُ
بجنبِ مَكَّةَ مِمن كادَ أو شَكِلا
///
بما تألمَ حين الصحب أرسلهم
في هجرةٍ لِيَفُكَّ القيدَ وَ الغلَلَا
///
حتى تعاونَ من بالجهلِ موطنهُ
من كُلِّ شرذمةٍ جاؤوا لهم رَجُلا
///
و اللهُ يعلمُ بالأعرابِ ما مَكروا
أنجاهُ ليلتها و الكيدُ قد بَطُلا
///
يمشي و ذي دُهمِ اليهماءِ ترقـبهُ
بالأمرِ مُتَّجهاً نحو المغارِ خَلا
///
في ليلةٍ تركَ المرضيَّ حَيدرةً
بِبيتهِ و سُيوفُ الكافرينَ جُلا
///
هل كانَ يعلمُ أن جاءت منيَّتهُ
أم أنهُم علموا قد قابلوا الأجلا
///
لكِنَّ مَن عَلِمَ الرحمن مدركهُ
يزدادُ صدق يقينٍ كُلما جَفَلا
///
من باعَ مهجَته للـه مُتَّكِلا
يبغي رضاء إلهٍ منهُ قد قَبَلا
///
و اللهُ عاصمكم حتى اذا كرهَ ال
أعرابُ نُصرتُكم اللهُ قد فَعَلا
///
مَشى يكابدُ ظلماً نالهُ فرنا
غاراً ويحذرُ حتى الرملَ إن حَثَلا
///
و الوحيُ يخبرهُ .. أللهُ مَاهِلهُم
و النورُ يُتمِمُهُ مادامَ قد مَهَلا
///
لَطالما كرهوا شيئاً يُمخّـضهم
و اللهُ يعلمُ خيراً ساقَ ثُمَّ بَلا
///
كأنهم خَطِلوا من بعدِ سكرتِهِم
والدهر يُصحي بمن قد نامَ أو خَطَلَا
///
تهفو المعاجزُ تصديقاً لدعوتهِ
جاءَ العروجُ لهُ أمراً و قد عَجَلا
///
مَسرَاكَ ليلتها نحو العلى قُرُباً
سِواكَ ما جاءَ من آتٍ و ما وَصَلا
///
تطوي الكثيبَ كطيِّ الريحِ مُتجِهَاً
من بطنِ مَكَّةَ تخطو الأرضَ لا مَيَلا
///
والقدسُ تنتظرُ التشريف في شغفٍ
و المسجدُ امتلأت باحاتهُ رُسُلا
///
لمَّا أهَلَّ أحاطوا حَوله نُجُمَاً
كالبدرِ بينهمُ و الجمعُ قـد حَفَلا
///
صلى بهم و رقى نحو الطباقٍ وما
قد حاز غيركمُ نالَ العـلا و عـلا
///
طفت السماواتِ و الأكوان مُمتَطياً
سطحَ البراقِ عـُلاً لم تمتطِ جَمَلا
///
والفلكُ قد زهرت أقمارهُ وهَجاً
و ازدانَ مُتَّـشِحَاً إستبرقاً حـُلَلَا
///
و الملكُ يومئذٍ مصفوفُ منتظمٌ
مثلَ الجيوشِ لأمرِ القائدِ امتثلا
///
لما وقفت بهم طافوا بقائدهم
طوفَ الحَجيجِ كبيتِ الله إذ أهَلا
///
جسماً و روحاً إلى أبوابِ عِزَّتهِ
و الله قابلَهُ أدناهُ ثُمَّ دلى
///
أدناكَ مُقترباً من ذاتِ حَضرتهِ
في قابِ منتصفٍ أدناكَ فارتجلا
///
أعطاكَ من نعمٍ ما كان حائزهُ
من قبلكم رسلاً إلاك قد حَصَلا
///
مُحمدٌ خيرةُ الرحمنِ حُجتَهُ
و سَيِّدُ الكونِ من ماضٍ وما فَضَلا
///
بل مالك الوِرْد عندَ الحوضِ واردهُ
تَسقيهمُ كرماً و الفيضُ ما وشلا
///
ياربِّ صَلِّ على طٰهٰ العُلى أبداً
وآلهِ عـُدل القرآنِ مِنكَ صلا
///
شوقٌ يَزيدُ إليهِمْ دُونَ رُؤيتِهِم
فالأُذن تعشقُ قبلَ العينِ مَن بَجُلا
///
فكيفَ لو نظرت عَيني لحضرتهم
أو كنتُ مقترباً نحو الذي كَمُلا
///
لو عشتُ في سعةِ الخيراتِ مُنفرداً
ما كنتُ مبتهجاً من غيرهم رَفِلا
///
ياليتها طرفت عينايَ تلمحُهم
لكنتُ مُغتنياً حتى و لو عَجَلا
///
ما عَادَ يشغلني خوفٌ و لا مرضٌ
إذا رأوني سقيماً طِبتُ مُندَمِلا
///
ما عَادَ ينقصني إن كنتُ مُرتوياً
من كفِّهِم غدقاً أو شربةً عَسَلا
///
هانَ المَمَات إذا قد جَاءَ مُتَّخِذَاً
إيَّايَ مُعتقلاً روحاً فما عَبَلا
///
ما خابَ من عَرَفَ الآلَ الكرامَ وقد
جاءت طهارتهم في ذكرهم عُدُلا
///
أهلُ الكساءِ و شمسُ الله بينَهُمُ
و حولَهُ أزهرت أقمارُهم ثُلَلَا
///
مُحمدُ المصطفى و الطهرُ فاطمةٌ
و الكفؤ حيدرةٌ و الفرقدانِ تلى
///
ما يَنطقونَ عن الأهواءِ أنفُسُهُمْ
معصومةٌ جُعِلت باللطفِ دونَ قَلَى
///
حتَّى إذا عرض الرحمن كُنيتهم
على الملائةِ احتاروا بما اعتللا
///
و اللهُ عَلَّمها من قَبْلِهِم رَجُلاً
حتى يُنَبِّئَهُمْ فضلاً إذا سُئلا
///
لمَّا تَلَا آدَمُ الأسماءَ أخبرهمْ
عن فَضلهِم و نشوءِ الخلقِ مُذ حَدَلا
///
وَ قد توسَّلَ للهِ الرحيم بهم
من بعد زلَّتهِ بالعفوِ كي يَصِلا
///
و كيف لا يصفح الرحمنُ لو ظَهَرت
تلكَ الكواكِبُ أمناً للَّذي ضَلَلا
///
طوبى لمن شفعَ المختارُ أو شفعَ ال
آلُ العظامُ لمن بالذنبِ قد دخلا
///
بالوعدِ ما خلفوا بالعهدِ قد صَدَقوا
و الحُرُّ حتَّى إذا ما لم يَقُلْ فعلا
///
أطروحةٌ لقديرٍ شاء يجعلهم
أبوابُ طاعتهِ لو فُرِّقت مِلَلا
///
و الناسُ تعرفهم أوفوا بما وعدوا
لكنهم قعدوا عن نصرهم كسلا
///
سَلِ الحروبَ على ما قامَ حيدرةٌ
ويومَ قد شهدت بدرٌ بما حملا
///
يخبركَ مَنْ شَهدَ الأهوالَ مُرتعباً
عن ضربةٍ وظفيرُ الحربِ قد فُتِلا
///
في كلِّ معركةٍ كانت لهُ. حصَصٌ
مثلَ العَزيمِ إذا ما الخيلُ قد صَهَلا
///
و يومَ مُذ نزلَ الأصحابُ من أُحُدٍ
و التَفَّ جيشُ قريشٍ خلفهم مَيَلَا
///
ظنَّ القريبُ من الأصحابِ قد رَجَحَت
كفُّ الغزاةِ و دينُ اللهِ قد هَدَلا
///
و اللهُ ناصِرهم في سيفِ من ثَبُتَت
أقدامهُ بوطيسٍ طالما اقتتلا
///
حتى إذا شهدَ الأحزاب مُذ عبرت
تلكَ الخيولُ و عَمرٌو سادَ فارتجلا
///
و قالَ مُرتجزاً مُستهزئاً و لقد
بُحَّت قَريحتهُ من جمعهم هَزُلَا
///
والصحبُ في و جفٍ قد راعهم أسدٌ
مِنْ جُوعهِ نَفَرَت أعدادُهم إيَلَا
///
فالكفرُ يبرزُ في الميدانِ يطلبهم
وَالصَّحْبُ قد عجزوا لمَّا رؤوا فَحلا
///
كأنَّما اختُبِروا في دينهم و أتى ال
تحقيقُ يخبرهم من منهمُ خَمَلَا
///
لمَّا تأكَّدَ للمختارِ موقفَهم
أعطى البروزَ إلى الميدانِ من بَذَلا
///
و قد تفرَّد بالإيمانِ أجمعِهِ
حتى أطاحَ برأسٍ طالما احتَفَلَا
///
يا ضربةً عَجِزت عن ردِّ صَاحبها
كُلُّ الجحافلِ ما اسطاعوا لها قِبَلا
///
و يومَ خيبرَ ما خابت بيارقهُ
في كفِّهِ و كُفوفٍ رامها حَجَلَا
///
و فاتحٌ لحصونٍ حينما عَجِزَت
عنها الجيوشُ و بابٌ طالما قُفِلا
///
أنَّى بحالِ صَياصي الشِركِ مُذ خُلعت
بابُ القلاعِ و رأسُ الكفرِ قد بُتِلا
///
و يومَ أن جُمِعَت أعدادُكم فبدا
يومُ التلاقي وضاقَ الرحبُ مذ أهلا
///
دَقَّت مسامعكم تلكَ الطبولُ و يا
ليتَ الذينَ أتوا أوفوهُ ما فعلا
///
قد أدبروا و حُنَينٌ عينُها شهدت
تلكَ الحشودَ غدا بنيانُها فَلَلَا
///
و قد تَشَتَّتَ هذا الجمعُ مُضطرباً
و راحَ يُدبرُ نحو البيدِ فانتعَلَا
///
لم يبقَ مُنتعِلٌ إلا و غبرتهُ
كأنَّما شررٌ ينزو كما وَعَلَا
///
هنالك امتُحِنوا و النصرُ غادرهم
لولا بسالةُ مَنْ كالليثِ قد بَسَلا
///
كأنَّ أجوبةً للهِ تُخبرهم
مَن سارَ خَلفَ وصيِّ الله ما خُذِلا
///
صِدِّيقُ أصدقهم فاروقُ أعلمِهم
صنديدُ أشجعِهم كرارُ ما جَفَلَا
///
بابُ النبيِّ و علمُ الحقِّ أجمعهِ
نفسُ الرسولِ و ذو النورينِ لا عَذَلا
///
و اللهُ نصَّبهُ يومَ الغديرِ و قد
جاءت ولايتهُ التكميلَ فَاكتملا
///
أكرم بمنزلةٍ للآلِ باقيةٍ
ما خابَ من تَبِعَ الأبرارَ و الأُصَلَا
///
إنَّ المياهَ تعيدُ الروحَ مِن عَدمٍ
و الروحُ يروِيَهَا رؤياكمُ نُهُلا
///
يا شاعراً في ربى الأطهارِ تمدحهم
من قبلِ قد مدحَ القرآنُ بل جَزَلا
///
ياربِّ صلِّ على الأطهارِ و الشهدا
محمدٍ و نفوسِ الآلِ منكَ صلا
///
يا صاحبَ البردةِ الشمَّاء مَعذرةً
رَقشاء قد لمست آثارها الرملا
///
تبدو كراقصةٍ في ميلها بَرَماً …..
رقطاءَ زاحفةٍ تغريهمُ غَزَلَا
///
و المرءُ يتبعُها في كلِّ ناحيةٍ
يسعى فَجُرِّعَ كأساً هائماً فَحَلا
///
والنفسُ قد حَرَصت في حُبِّ ما مُنِعَت
تحبو إلى شَغفِ اللذاتِ ما رذلا
///
كالطفلِ تؤنسهُ الأثداءُ يَرشفها
تغنيهِ عن عطشٍ في شربِ مَن زَغِلَا
///
للآنَ ما فُطِمت أفواهُهُم ولعاً
ما زالَ يؤنسهم ثَديُ الشقا ثَمَلا
///
كأنَّما علِموا لا موتَ يُدركهم
والمرءُ لولا احتضارُ الوعدِ قد سُطِلا
///
إنَّى بصحوتهم من حُلمِ ما فُتِنوا
إن المُكِبَّ على الأحلامِ قد خملا
///
كم حالمٍ يَرقبُ الأحلامَ عن أملٍ
لولا الكَرى ما تراءى قَدْرُ مَن أمِلا
///
فالنوم يمنعُ نبْلَ النصحِ في أُذُنٍ
و رُبَّ مُستمعٍ يصبو بأن يصلا
///
نصحت من دُررِ الأقوالِ مكرمةً
إن المحبَّ بِحَملِ الثقْلِ قد شُغِلا
///
حتى إذا تَعِبَت تلك النفوسُ سعت
نحو الضيا تركت من رُوحِهم أَسَلَا
///
ضاقت مصائرهم شُقَّت لواعجهم
قبلَ الدروعِ و قبلَ الثوبِ اذ وغَلا
///
قامت على نَغمِ الأنَّاتِ زُخرُفُها
و النفسُ لو طربت إستحكمت ثَوَلَا
///
من ظلمها سَعَلت أرواحهم غُصَصَاً
لو لا السُعالُ لضاقَ الصدرُ ما سَعَلا
///
يا نفسُ ما أدمعت في الدهرِ باكيةٌ
إلا وقد أضحكت من نوحها مُقَلا
///
إلا و قد علمت من بعد وقعتها
أنَّ الرخيصَ لذيذٌ جادَ ما بَخِلَا
///
من رامَ ذا سَنمٍ لم يخشَ نهضتهُ
أو يخشَ مَحملهُ للعبدِ ما عَقِلا
///
للكلِّ مركبهُ و الدربُ خِيرتهُ
للكلِّ قِبلتهُ يهنا بما أكلا
///
إن عشتَ ذا لبَبٍ روحاً منعَّمةً
فالعبدُ ممتحنٌ إن راح أو عَولَا
///
أو عشتَ في شرهِ اللذاتِ تَطـْلبها
يأتِ عليكَ ظلامٌ طالما سُدِلا
///
تسليمُ أمركَ للمعبودِ يُصلحهُ
خَيْرُ الرُّجُوعِ شَبَابُ العُمْرِ لا كَهِلَا
///
إِنْ قَامَ ذَنْبٌ بِذَا الْمِيزَانِ يُثْقِلُهُ
ركضتُ نحو شفيعٍ قائمٍ وَكِلَا
///
اللوذُ فيك .. أمانُ المرءِ من خِضَمٍ
و خيرُ سترٍ لمن قد لاذ أو خَتلا
///
ما غيرُ شأنكَ إلا الله كرَّمهُ
و الله يَعلمُ عبد الذنبِ قد زَلَلا
///
طرقتُ بابَ مكينٍ في تفضلهِ
ما رَدَّ قاصِدهُ إلا و قد دَخَلا
///
ناديتُ حَضرتهُ شوقاً ألوذُ بهِ
والأهلُ مانفعوا حتى و لا النُجُلا
///
ما أخطأ البدرُ لو نالت مَحاسنهُ
من هيبةٍ و بهاءِ النورِ فانتحلا
///
ياخيرَ من قطعَ البيداءَ مُحتفياً
و خيرَ من عَرَجَ الأفلاكَ فانتَعَلا
///
رقاهُ في أظهرِ العُبَّادِ أرسلُهُ
بظهرِ مُنتخبٍ للبطنِ فاكتملا
///
يا ناظرينَ إلى النورينِ معذرةً
غطى لنورِهما المُختارُ مذ جُعِلا
///
فقال رَبُّكَ كُلٌّ في مَكانتهِ
جاءَ الحبيبُ و هَاكَ العرشَ قد ذَلُلَا
///
كأنَّ بَانكَ فوقَ العرشِ شمسُ ضحىً
أضاء ساحةَ من بالعرضِ قد جَللَا
///
لمَّا أتيتَ رأى المظلومُ مُنجيهُ
و راعَ قلبُ طغاةِ الأرضِ و انفصلا
///
كالاعبينَ بفكرِ الناسِ ما صَعـُبَت
تحويل نظرتهم نحو الردى حَوَلَا
///
هم عارفون قِراءَ العينِ ما هَجلت
من كلِّ طارفةٍ في قصدِ مَن هَجَلَا
///
فالآمرون بحكمِ الجورِ من صَنعوا
كلَّ الحروبِ و باتَ الدَهرُ مُعتَقَلَا
///
الرومُ قد غَلبت من بعدِ ما غُلِبَت
و قد تسيَّدت الطغيانَ مُذ حَسَلا
///
لَمَّا تَزعَّمهم أحفادُ من عبدوا
عِجلاً فقد حَكموا الأمصارَ و الدُوَلا
///
سادوا على أممِ الأجناسِ قد حجبوا
صُبحاً كما سُحُباً مَطارةً صَلَلَا
///
و أودعَ السامريُّ الناسَ ما صنعت
كَفَّاهُ من صَنمٍ بينَ الورى هُبَلا
///
و عادةُ المرءِ للأصنامِ قد رجعت
فاليومَ قد عبدوا الحُكَّامَ و الخَوَلَا
///
ماذا أقولُ و أنتَ العينُ قد شَهِدَت
ما مرَّ في شَدَقِ الطغيانِ مُذ أكَلَا
///
هذا العراقُ مُحَاطُ الجنبِ من زمنٍ
عانى بمن شَحَذَ الأعسالَ و الذُبُلا
///
كأنَّ غربتهُ كالسبطِ مُرتهنٌ
من ظَنَّ نصرتهم أسقَوهُ كرْبَ … بَلا
///
تأبى الذئابُ قميصاً فيهِ من دَمِهِ
لكِنَّ مَن غَدَرَ الأقرابَ و الخِلَلَا
///
فالجارُ مهما يظنُّ النفسَ مُنتصراً
دونَ العراقِ إذا خوَّفتهُ ابْتَلَلا
///
رأسُ العلومِ و هامُ العُرْبِ أجمعهم
درعُ الحروبِ و حَدُّ السيفِ لا جدلا
///
كأنهُ الموتُ إن طالَ القشيبُ لظىً
يجلي الحتوفَ بما في رحبتيهِ جَلا
///
شَعبٌ تَجَرَّع لكِنْ صيغَ من عَنَدٍ
لو كان سَيفٌ بقلبِ الظِلِّ ما ضللا
///
بالأمسِ عَلَّمهم أُولى الحُرُوفِ و ما
زالت مَضائفهُ تُطعِمهُمُ طِوَلَا
///
يا سيدي ما تجُسّ اليومَ من حَدَثٍ
ننعاهُ في ألمٍ يرقَ الأذى جُمَلَا
///
كأنَّ من جَدَثٍ كَفَّا أبي لَهَبٍ
للآنَ ما هَلَكَت و الجيدُ ما حـُبِلا
///
أرضُ الحجازِ و نجدٍ كلها سُلِبَت
للعُورِ مملكةٌ قد بَدلت سُبُلا
///
مازال يَحكمهم أحفادُ باغيةٍ
في جيدها مَسَدُ الأحقادِ ما قَحِلا
///
فمن تكن أمهُ للكَبدِ آكلةً
لا تعجبنَ إذا قد أنجبت نَغَلَا
///
شُعثٌ وقد وطئ الشيطانُ دابرهم
باعوا كرامتهم للغربِ لا خَجَلَا
///
ظَنَّ الخليجُ عيونَ الذئبِ وادعةً
يرنو الصداقة مِمن أمَّنَ الحَمَلَا
///
ياليتهم عَدَدٌ في حِسبَةٍ جُمِعت
لكِنَّهم بَدَدٌ في عَينهِ حَلَلَا
///
أرضُ العروبةِ بيعت في مُؤامرةٍ
كبرى و قد قبلَ الدجالُ مَن زَمِلَا
///
و القدسُ قبلَ سنينٍ بيعَ مِنبرُها
عذراً إلى قدَمِ المختارِ مُذ دخلا
///
و الشامُ تحتَ رُعودِ القصفِ قد وطأت
كأنها نُجُمٌ فيها اللضى اشتعلَا
///
ليت الشعوبَ ترى من باع نهضتها
تلكَ الرُموزُ علت بغلاً تلى بَغَلَا
///
فالحربُ قد وَضَعَت أوزارَ شِرذِمَةٍ
للهِ من قتلَ الأنسابَ و المِللا
///
حُزناً أراكَ تَرى تَرنو إلى يَمَنٍ
لو شاءَ جَفنُك أرخى نارهم سُيُلَا
///
أرخِ العيونَ لمجرى الدمعِ تَسكبهُ
فوق العقيقِ هَجيرُ النارِ قد شُعِلا
///
ظَنَّت ثعالبها أن يُركِعوهُ وقد
خابت مكائدهم و المكرُ قد دَحَلَا
///
فيهِ امتحانُ الردى في كُلِّ نازلةٍ
و هْو الدليلُ على الشجعانِ قد دَللَا
///
أصلُ العروبةِ و الأجدادُ مَن صَنعوا
غُلبُ الرجالِ إلى الإسلامِ مُذ خَضَلا
///
يعلو الرثاءُ أتى الوديانَ يُخبرها
عن صبرِ من لقيَ الأحزاب مُذ بَزَلا
///
ماذا أقول و تلك الكفُّ قد مكرت
في أختها وغدت عَضباءَ لا حِيَلا
///
و النارُ قد أحَرقت في فِتنَةٍ سَعَرت
في أمةٍ لِوِدَادِ الغربِ إن قَبِلا
///
و الكلُّ قد كشَّرَ الأنيابَ مُدَّعِياً
عن حِصَّةٍ أُخِذَت مِنهُ و ما فُصِلا
///
الفرسُ قد عَزَمَت تسعى لنهضتها
و التركُ في حُلمِ السلطانِ مذ عُزِلَا
///
و الصينُ قد برزت عَمَّا تُجَهِزُه
حتى إذا غفلوا غارة بمن غفلا
///
و الروسُ تَرقُبُ مِثلَ الدُبِّ مُعتَرَكاً
ترنو الزعامةَ مِمَّنْ شَاخَ و انسَدَلَا
///
و الخلقُ أجمعهُ في القِدرِ تَطبخهم
أيدي مُؤامرةٍ كالظلِ قد خَيُلَا
///
حربٌ مُثلثةُ الأضلاعِ تَعلُوَها
عينٌ لِمَنْ بَرَعَ التَخطيطَ و الدَجَلَا
///
ماذا تَقولُ و أنتَ الحَلُّ يا حَكَماً
عن أمةٍ قَرَأت بالعكسِ ما نَزَلا
///
ماذا تقولُ وقد عانيت من قِدمٍ
من أجل رِفعتهم فاستحسنوا الفَشَلا
///
ما زالَ نَسْلُكَ بين الخلقِ مُختفياً
كأنَّ دونهُمُ الأقوامَ و النِحَلا
///
هل يحسبون بأنَّ الأرضَ تائهةٌ
أو ضَلَّ صاحبُها بين الورى سُبلا
///
للآن ما فقهَ الإنسانُ مُعتَقَداً
أن الأمانةَ ترجو القاهِرَ البطلا
///
ترجو الخلائقُ تلقى اليومَ صَاحِبها
مازالَ صَاحِبُها إن بانَ أو أفلا
///
بدرٌ تفردَ بينَ الأرضِ تنطرهُ
كلُّ المشاربِ و الأمصارُ مُذ نَسَلا
///
كأنَّ هَيبَتَهُ المختارُ في خُلقٍ
أو نفسُ حيدرةٍ في عزمهِ جَزَلا
///
إلى ابنِ فاطمةَ الزهراءِ أندُبهُ
في مطلعٍ و ظهورٍ باسلٍ بَسَلا
///
يومَ النداءِ على الافاقِ تَسمعهُ
كلُّ الجوارحِ حتَّى الصُّمُّ إن وصلا
///
يجلي الظلامَ بسيفِ الحقِ يَكشِفهُ
من كانَ منتظِراً إيَّاهُ قد نزلا
///
فالشعرُ يعجزُ و التعبيرُ في نُظُمٍ
عن خيرِ قافيةٍ ترقى لمن بذلا
///
كتبتُ مُرتعشاً في مدحِ من سَجدت
كلُّ الجباهِ إليهِ شافعاً بَجلا
///
و خفتُ مثلبةً تجري على ورقٍ
من دونِ مَقصَدَةٍ لو هامَ من سَجَلا
///
إنَّ الفؤادَ يرى الأبياتَ قاصرةً
يرجو السجودَ على أقدامكم قُبَلا
///
إنَّي أخافُ ذُنوبَ النفسِ تَحبسني
في تربةٍ و ضياءُ الصفحِ قد أفلا
///
و اللهِ ما قَصَدَت نفسي تَعَمُّدَهُ
لكنَّما حُكُمٌ أجراهُ فاحتملا
///
مولاي قد جـَهِلت نفسي بلا عَنَدٍ
آتيكَ مُسْتَحِياً فاغفر لمن جَهِلا
///
كتبتُ ممتدحاً للنورِ في نظمٍ
لا أرتجي ثَمَناً إلّاهُ إن قَبِلا
///
مولاي صَلِّ و سلمْ دائماً أبداً
على الحبيبِ وآلٍ دائماً طِوَلا
شكرا للدكتور ناصر والاخوة في الكادر لنشر قصيدتي