الكاليغراف والتيبوغراف Typograph And Calligraph

أحمد صفوت | شاعر مصري مصمم ومبرمج خطوط

تلك إشكالية قديمة حديثة نقع بها دائما دون أن نقصد؛ لكن الأمانة العلمية تقتضي توضيح اللبس والفارق الرئيس بين المجالين المتشابكين أو القائم أحدهما على الآخر.

الكاليغراف:  Calligraphهو فن الخط والذي يستعمل للتخطيط الحر باستخدام الحبر الأسود وقلم البسط أو الريشة أو الفرشاة وضمن خطوط محددة سلفا ومعروفة  في العربية مثل النسخ والثلث والرقعة والنسخ تعليق والفارسي الخ وبعض أنواع الخط الكوفي الذي كان يكتب أولا بالقلم البسط وتطور حتى وصل الى مراحل أصبح لزاميا أن يرسم هندسيا باستخدام أدوات الرسم الهندسي لذا فقد تم اعتماد تدريس الخط الكوفي تحديدا في كليات الهندسة والفنون ليستخدمه المهندسين والفنانين في كتابة أسماء لوحاتهم بطريفة هندسية لا تعتمد على قلم البسط، وكانت الصحافة تعتمد في السابق على وجود خطاط يقوم بكتابة خطوط عناوين الجريدة و المانشيت الرئيس للصفحات ومن ثم يتم تصوير تلك العناوين والصاقها في أماكنها على الصفحات يدويا وذلك قبل أن تتطور عمليات تنفيذ الصحف رقميا باستخدام برامج الحاسوب التي بدأت قبل حوالي عشرين عاما ببرنامج الناشر المكتبي.

 

 

 التيبوغراف: Typograph وهو مشتق من اللفظ تيبو الإنجليزية وتعني الكتابة باستخدام ألة الكتابة أي الحروف المصنعة مسبقا والتي ألحقت أول ما ألحقت بماكينات الألة الكاتبة ونشأت في الطباعة متمثلة في صندوق الحروف الذي تطور الى آلات الصف المعدني التيبوغرافي الذي قفز من جمع الحروف الى جمع السطر الطباعي كاملا بواسطة آلات تشبه الآلة الكاتبة لكنها تنتج سطرا من الرصاص يركب مع بقية الآسطر لانتاج المقال آو الخبر.

وكانت تلك عملية شاقة جدا ولم تتوقف عمليات التطوير التي تواصلت حتى انتاج نظام الجمع الفوتوغرافي  Photo typesetting  مسبقا لتلصق في أماكنها على الصفحات التي تنفذ ورقيا أو فيلميا ويدويا طبقا لماكيت يقوم بوضعه المخرج الصحفي الذي يرسل المواضيع المكتوبة لأقسام التصفيف محددا عليها أوامر التبنيط وأحجامها وعروض الأعمدة كما يرسل الصور الفوتوغرافية الى أقسام التصوير الميكانيكي لتحويلها من صور متصلة الدرجات الى صور متقطعة الدرجات أو شبكية تقبل الطباعة على ماكينات الطباعة. 

مع التطور المستمر أصبح لزاما اعتماد نظام لصف المواضيع يعتمد على فونتات طباعية معدة سلفا وكان انتاج برامج النشر الحاسوبي الذي اتجه لاعداد الصفحة كاملة على شاشة الحاسب قبل تصويرها كانت تلك البرامج تعتمد على جهد مصممي حروف الطباعة التيبوغرافيين بحيث جائت كل نسخة أو اصدار مصحوبا بمجموعة فونتات طباعية أصبحت شهيرة لفترة من الزمن هي عمر البرنامج.

وكان لزاما أن يقوم مصمموا الحروف باستكمال عملهم الفني بعمليات برمجة تناسب أنظمة الحواسيب التي ستقوم بالانتاج ومن الاختلاف بين تلك الأنظمة نذكر أهمها نظام ماكينتوش والويندوز ثم لاحقا بظهور الانترنت والهواتف النقالة أصبح مصممي الحروف أو التيبجرافيين في حالة من الدراسة المستمرة مع حركة تطور الأنظمة وظهرت برامج لمساعدة هؤلاء المصممين في اختراع وتصميم وبرمجة فونتاتهم وحاولت شركات طباعية عالمية اعداد أنظمة توحيد قياسية للفونتات أطلق عليها يونيكود شارت أو جداول اليونيكود التي تعطي لكل حرف كودا خاصا يمكن النظام من التعرف عليه وانتاجه بمجرد لمس لوحة المفاتيح.

 

أهمية التيبوغرافيين أو مصممي ومبرجي الحروف

يكتسب مصممي الحروف الطباعية أهمية كبرى في الصحف الورقية أو الاليكترونية حيث ان أبناط المطبوعة هي في الحقيقة من تعطي الهوية والشخصية لتلك الجريدة وتفرقها عن الجريدة الأخرى بالضبط كما يفرق الخط الشخصي من شخص لآخر؛ لذا وقع على هؤلاء المصممين العبء الأكبر وقد تحولت اليهم الأنظار عوضا عن الخطاطين الذين تضائل دورهم واتجه الى الفن بعيد عن الجانب التطبيقي في الطباعة والنشر، وأصبح مصمم الحروف ليس فقط فنانا يرسم حرفا ذا شخصية جمالية محددة بل أيضا مبرمج لا يعتد بعمله إذا لم يكن قادرا على دمج تصميمه للحروف ضمن الأنظمة الحاسوبية المعمول بها حتى يمكن الاستفادة منها عمليا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى