ما قاله وما لم يقله محمود العالول

بقلم: عصري فياض

مساء امس استضاف برنامج “ملف اليوم” الذي تبثه قناة فلسطين الفضائية استضاف السيد محمود العالول نائب رئيس حركة فتح وعضو مركزيتها،أي نائب رئيس حركة “فتح “محمود عباس “أبو مازن”،وكان محور اللقاء عن الحالة الفلسطينية،وكيفية وآلية التحرك من قبل القيادة الفلسطينية تجاه ما يجري خاصة بعد العملية الاسرائيلية القاسية والعنيفة التي نفذت تجاه قلب مدينة نابلس قبل أيام وراح ضحيتها خمسة شهداء بعضهم قادة وعناصر في مجموعة ” عرين الاسود “.

المقابلة التي استمرت ستة وأربعين دقيقة،كان الغموض في الرد على الاسئلة واضح في مساحتها،ولكن كان هناك بعض الاجابات الحذرة،وكانت هناك ايضا اجابات مباشرة صريحة بدافع الغضب او عدم الرضى احيانا،فقد تحدث بعد سؤال عن كيفية والية تحرك القيادة الفلسطينية إزاء ما يجري قائلا:- ” إن هناك لجنة مكونة من اعضاء في التنفيذية ومركزية فتح وبعض وزراء الحكومة ستجتمع في قريب الايام لبحث قرارات اتخذتها مؤسسات م ت ف المجلس المركزي والمجلس الوطني فما يخص آلية التعامل مع الاحتلال خاصة لجهة سحب الاعتراف بـ”إسرائيل ” أو الغاء التنسيق الأمني وأضاف :” ان هذه القرارات التي ستصدر عن هذه اللجنة ستوضع امام الرئيس وأمام التنفيذية وأمام مركزية فتح،لاتخاذ قرار تنفيذ خطوات في بلورة الية التعامل مع دولة الاحتلال”،وأشار الى إمكانية التدرج في تنفيذ القرارات المتخذة،وأن هناك خطوات دبلوماسية قد تكون مثل التوجه للانضمام لهيئات جديدة في الامم المتحدة بالإضافة لتفعيل طلب الحصول على العضوية الكاملة لفلسطين في الجمعية العمومية للأمم المتحدة كنوع من اللرد على ممارسات الاحتلال ضد شعبنا”.

هذا الموقف عبر عنه السيد العالول في مجال ردة على سؤال كيفية الرد على ممارسات الاحتلال،لكنه أيضا اشار أكثر من مرة إلى مسألة مهمة،قائلا وكانه يخاطب مجهولا يعرفه هو ولا نعرفه نحن، قائلا : لماذا خوف البعض من إتخاذ وتطبيق القرارات؟

وأضاف هل سيفعل الاحتلال أكثر ما يفعل الآن؟

في الحديث عن اللجنة التي ستدرس القرارات المتخذة والية تنفيذها ووضعها امام الرئيس،دوران في حلقة مفرغة،فالقرارات التي اتخذها المجلس المركزي والمجلس الوطني بعرف وبنظام م ت ف قرارات ملزمة لرئيس م ت ف ، ويتوجب تطبيقها وعدم تذوبها بمرور الوقت،يمكن للرئيس إختيار الوقت المناسب القريب لاطلاقها نعم،ولكن اهمالها لطول هذه المدة مخالف لنظام م ت ف وقواعد واليات اتخاذ القرارات في مؤسساتها،أما تشكيل لجان او لجنة على تلك القرارات المتخذة فما هو الا تهرب من التنقيذ،أو تضيع الوقت،أو ربما تمهيد لتجميدها غير المعلن او الغائها داخليا،هذه اللجنة او اللجان تعرف جيدا مزاج الرئاسة الفلسطينية وتوجهاتها وتعرف أن تكرار الطلب بالتنفيذ العاجل لما اتخذ،تكرار أصابه الملل، وكأن القيادة الفلسطينية التي جمعت مؤسسات م ت ف، تريد من قراراتها أن تكون للتلويح فقط دون التفعيل،لأنها لا زالت تراهن على التفاوض والحل السياسي مع ان الجهة المقابلة لها وهي الجانب “الاسرائيلي” المقبل على انتخابات بداية الشهر المقبل،لم يسعى ابدا لارسال حتى ولو اشارة واحدة يعبر فيها عن امكانية فتح خط تفاوض جديد،على العكس من ذلك تماما،فهو يعمل صباح مساء على هدم حلم ومراهنات قيادة م ت ف في بناء دولة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس وإيجاد “حل متفق عليه” لقضية اللاجئين كما اصبح يسوق مؤخــــرا، فالماكنة ” الاسرائيلية ” تعمل على قضم الارض واستباحة المقدسات وتدمر البشر والشجر والحجر،واستباحة المدن والقرى والمخيمات وقتل الشباب والنساء والشيوخ بيد الجيش المحتل والمستوطنين ساعة بساعة ولحظة بلحظة دون أن تهدأ هذه الالية في وقت يقف العالم المجرم صامتا امام هذه الجرائم.

إذا إنتظار مراهنات خاسرة من قبل قيادة م ت ف لم يعد نوع من التوجه السياسي المراعي للشرعية الدولية كما يسوق، بل هو قبول ورضا عن الواقع،أو على أقل تقدير عجز عن التصرف،واستسلام كامل وعدم ثقة بقدرة هذا الشعب المضحي .

أما فيما فهم من تصريحات السيد العالول من وجود من يتخوف من تنفيذ هذه القرارات في القيادة الفلسطينية،فهذا انقسام في الرأي لدى صانع القرار الفلسطيني للاسف، وإذا ما كبر هذا التباين في الاراء،فلربما يضاف انقسام اكبر من الانقسام الذي نعاني منه،فليس سرا ان حركة “فتح” التي تعتبر كبرى الفصائل الفلسطينية لا تملك توجها واحدا،بل فيها أكثر من توجه،يضاف الى الانقسامات في وجهة النظر لدى من لا يزال يتمسك بها، كتيار محمد دحلان وتيار الاسير مروان البرغوثي وتيار ناصر القدوة،فهناك من يدعم ويأييد ويساندة المقاومة بكل اشكالها بما فيها المسلحة،وبين من يرفض التعامل مع المحتل بالسلاح رفضا جذريا وليس تكتيكيا،وهذا الموقفان المتضادان قد يؤسسان لافتراق او انشقاق في داخل الجسد الفتحاوي الرسمي الرئيسي مع تزايد الضغط من قبل الاحتلال وجيشه ومستوطنيه ضد ابناء الشهب الفلسطيني مع استمرار انسداد الافق السياسي الطويل.

لذا الحالة الفلسطينية القيادة لم ترق لغاية الآن للحالة الشعبية الناهضة في فلسطين وخصوصا في الضفة والقدس،الجسم الفاعل في القيادة لا زال اسير اوسلو،والجسم الحيّ المتفاعل مع شعبه بدأ يتضجر من ذلك،ولا نعرف إلى أين ستصل الحال فيه مستقبلا مع دوام الصلف ” الاسرائيلي ” والتوغل في الدم الفلسطيني.لربما كانت بداية التغيير إن لم نقل الانقلاب في التعامل الفلسطيني مع القضية،وإنهاء زمن اوسلو كليا من الواقع والذاكرة والميدان والتاريخ، ولفظ كل ادواته،والعودة للأصول التي إنطلقت منها الثورة الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى