التمني وجمالية المغايرة
أ.د. رميض مطر
لايخفى على الجميع أن التمني يكون للشيء المحبوب الذي لايرجى حصوله، إما ان يكون مستحيلا أو ممكنا غير مطموع في حصوله.. من هذا المنطلق أردت بيان جمالية هذه المغايرة في قول قيس بن الملوح:
شكوت إلى سرب القطا إذ مررن بي
فقلت ومثلي بالبكاء جدير
***
أسرب القطا هل معير جناحه
لعلي إلى من قد هويت أطير
***
فجاوبني من فوق غصن أراكة
ألا كلنا يامستعير معير
***
وأي قطاة لم تعرك جناحها
فعاشت بضر والجناح كسير.
تكمن جمالية المغايرة في تنزيل مالايعقل منزلة العاقل،وقد تجسد ذلك في تشخيص القطا مخاطبا إياه وكأنه يسمع شكواه ويستجيب لمناجاته ،لذلك جعله بمنزلة من يفهم الطلب ويعير بالا لندائه،فضلا عن استعمال(هل) و(لعل) في غير موضعهما ،إذ استعملهما بدلاً من (ليت)؛ لأن الشاعر وظف هاتين الأداتين في أمر مستحيل،وهو أن يمتلك الإنسان جناحين يطير بهما إلى من يحب،ولكن الذي سوغ للشاعر هذا الأمر هو شدة تعلقه بمن يحب ،فتخيل ورسخ في ذهنه أن هذا الطلب ممكن الحصول على الرغم من استحالته،بغية التخفيف من ألم الفراق الذي كابده وأثقل كاهله وزاد همه.