أدب

أوراق الخريف.. رحيل (٤)

بقلم: شرين خليل 
ومازال بداخل رحيل هذا القلب النقي الذي لا يعرف القسوة ..
فهي لم تقسو على أحد ولكن قست على نفسها وفي قسوتها على نفسها كانت تشعر بالسعادة ..
مايحدث لها الآن هو اضطراب كالزلزال هز كيانها وجعلها تفقد توازنها وتتصرف كفتاة طائشة لا تدرك خطورة ماتفعل ..
تخرج بكثرة، تلبس ملابس لا تليق بها، تضع المساحيق التي لم تعتاد عليها…
فقدت الوعي وكأن الجنون أصابها..
تريد أن تشعر بغيرة باهر عليها …
خرجت عن المسار الصحيح وبدأت تتخبط فهي وحيدة ولا تجد من يحنو عليها في الأوقات الصعبة، طلبت الإنفصال عن باهر كنوع من التمرد ولكنه رفض بشدة أختها أشجان قاطعتها عندما علمت أنها تريد الإنفصال فهي ترى أن الانفصال عار وإهانة وتصرفات رحيل من وجهة نظرها مبالغ فيها..
وأخوها عاصم دائم السفر ولا يهتم بأحد ..
والوحيد الذي يحنو عليها هو رأفت..
دائماً ينصحها لكي تعود إلى رشدها وثوابها، فلكل مشكلة حل…
والإستسلام للغضب يدمر الإنسان …
وفي يوم جاءت ماجدة إلى رحيل وطلبت منها السماح بطريقة فيها ندم شديد :
-سامحيني يارحيل، أرجوكي…
أنا غلطت في حقك، مش عارفه عملت كده ازاي، مش عارفه إزاي اقنعني أنه بيعمل كده لمصلحتك ..
-مصلحتي!!!
-قالي إن حياتكو مع بعض صعبة لأ مستحيلة وإنه لازم يتجوز وإلا هاتطلقوا..
-ياسلام ..لا فعلاً سبب مقنع…
-هو قالي إنكو متفقين على كل حاجه بس منتظرين البنات لم يكبروا شويه ويتفهموا الوضع..
– وإيه كمان؟؟ سمعيني…
-أرجوكي يارحيل هو قالي إن انتو دايماً في مشاكل ولو اتجوز المشاكل هاتنتهي عشان هو هايكون مشغول وبعيد عنك ودا اللي إنتي عاوازه…
-وانتي صدقتي طبعاً من غير حتى ماتسأليني..
-أنا صدقت لأني كنت عاوزه أصدق.. لأنه بهرني بكل تصرفاته …وغير كده قالي لازم نحافظ على شعورك ونعلن الجواز في الوقت المناسب ..لما يكون جهز ليكي ماديات تخليكي تعيشي في أحسن حال…
عشان مايحسش بالذنب من ناحيتك…
-ياااا على المثالية تستاهلوا جايزة في الإخلاص..
-أرجوكي يارحيل سامحيني…أنا أتخدعت وظلمتك وظلمت نفسي …باهر جذبني ببريق طلع في النهاية سراب …
أنا طلبت منه الإنفصال وعشان ينفذ لي طلب مني التنازل عن كل حاجه حتى أولادي ..وأنا للأسف وافقت لأنه هددني إنه يقدر يحرمني منهم زي ماعمل مع زوجته الأولى…
رحيل : خلى بالك من أولادي ….أنا عارفة إنك هاتكوني حنينة عليهم…
وبلاش تطلبي الطلاق لأن باهر مش بيحب حد يسيبه..هو بس اللي يسيب لكن اللي يسيبه هايخليه يخسر كل حاجه حتى نفسه…وأنا خسرت وعشت أجمل فترة في حياتي في جحيم وذل مع إنسان مش شايف غير نفسه وبس…
كلمة أخيرة هاقولهالك…باهر معاه فلوس كتير بس بخيل علينا إحنا لكن على نفسه لأ…
عنده حب تملك لكل شئ …يابخته بيكي إنت كنز بس هو مش مقدره…
أنا اسفه إني طولت عليكي…
بس دي آخر مرة هاتشوفيني لإني هاسافر بس ابقي اسمحيلي اتصل عليكي اطمن على الأولاد ولما أنزل أبقى اشوفهم …وعاوزه أقولك ارجعي زي ماكنتي بقلبك الصافي النقي وابعدي عن الطريق الغلط، بلاش تأذي نفسك وياريت تسامحيني وتسامحي باهر …
سامحي يارحيل عشان تقدري تنسي وتعيشي في سلام، سامحي عشان خاطر بناتك وولادي اللي هايبقو ولادك ..
-أسامح ؟؟؟!!
-أيوا..إنتي طول عمرك معروفه بقلبك الطيب اللي بيسامح..
-عارفه:
أنا مش هاسامح حد خرب لي حياتي، مش هاسامح حد خلاني أغير من طبيعتي وأطلع أسوء مافيا، مش هاسامح حد خلاني كل ما يحصل لي مشكلة أقول إنها بسببه، مش هاسامح حد خلاني مش قادرة أسامح نفسي…
مش هاسامح…
كنت فاكره إني ممكن أسامح لكن لاقيت الموضوع صعب فعلاً ومش بسهوله نسامح ..
مهما مرت الأيام ..
-لا يارحيل …دا كلام وقت غضب وانفعال …لكن أنا متأكدة إنك هاتقدري تسامحي …مفيش حل تاني غير إنك تسامحي …
سلام يارحيل …أشوف وشك على خير…
خرجت ماجدة وتركت رحيل في دائرة من الحيرة، دوامة تدور بداخلها، صراع بين المبادئ والأهواء…
هل تستمر في التضحية؟ أم تلبس ثوب الأنانية؟..
تساؤلات كثيرة لم تستطع رحيل أن تجد لها إجابة…
حتى جاء باهر بعد فترة غياب ليضع قيوده مرة أخرى وبدأ في نسج السلاسل حولها ليدخلها الدائرة ويغلق عليها بإحكام حتى لاتفلت منه مرة أخرى…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى