رواية رحلة إلى ذات امرأة وحظوظ النّساء
بقلم: جميل السلحوت
صدرت قبل أيّام قليلة رواية “رحلة إلى ذات امرأة” للكاتبة الفلسطينيّة صباح بشير عن منشورات مكتبة الشّامل في نابلس، وتقع الرّواية في 273 صفحة من الحجم المتوسّط.
من يقرأ هذه الرّواية سيجد نفسه أمام رواية اجتماعيّة، خطّها قلم نسائيّ، وأنّ الكاتبة تعيش قضايا المرأة وتعيها جيّدا.
مضمون الرواية: تسكن “حنان” بطلة الرّواية حارة واد الجوز في القدس، والدها أب حنون مثقّف يرعى أسرته كما يجب، ووالدتها امرأة تقليديّة لا تخرج عن التّقاليد التي ورثتها عن أمّها وجدّتها. وحنان فتاة جميلة ذكيّة حريصة على تعليم وتثقيف نفسها، جاءها خاطب بعد أن أنهت الثّانويّة العامّة، وحالت الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى دون التحاقها بالجامعة. لم تكن هناك أيّ معرفة بينها وبين عمر الذي جاءها خاطبا بطريقة تقليديّة، تردّدت حنان بالموافقة لكنّها ما لبثت أن وافقت بتشجيع من والدتها، وحاولت فسخ الخطبة بعدما عرفت العريس، لكنّ والدتها نهرتها عن ذلك احتراما للتّقاليد، وتزوّجت شبه مرغمة، لم تتوافق مع زوجها “عمر” الجاهل الذي يحتقر العلم والمتعلّمين، والذي لا يواظب على عمله، ويضرب زوجته بقسوة دون سبب وبتحريض من والدته. تطلّقا برغبة منها بعد أن أنجبت بنتا. وسافرت إلى باريس حيث تعيش صديقتها وجارتها ماري، وهناك عملت في الصّحافة الإلكترونيّة، وتعرّفت على صحفيّ مهذّب أحبّها وأحبّته، فتزوّجا، وما لبثت أن عرفت أنّه مقامر خسر كلّ أملاكه، واغتاله أحد رجال عصابات القمار؛ لتعود إلى العيش مع والديها.
غادة: شقيقة “حنان” الأصغر منها فتاة سمينة حظّها من الجمال قليل، تغار من حنان في مراحل عمرها المختلفة، وتختلق الأكاذيب لتوقع بها.
ماري: جارة حنان وصديقتها المقرّبة مع اختلاف الدّيانة بينهما، فماري مسيحيّة، تزوّجت من رجل يعمل في باريس، وسهّلت سفر حنان إلى باريس بعد أن ضاقت بها السّبل في البلاد، وهذا تأكيد على الأخوّة الإسلاميّة المسيحيّة في فلسطين، ويسجّل لصالح الرّواية.
عمر: زوج حنان الأوّل شابّ جاهل تقليديّ، لا يعرف معنى الحياة، اضطهد زوجته، وضربها مرّات كثيرة بقسوة.
المرأة عدوّة المرأة: والقارئ لهذا الرّواية سيقف بسهولة أمام ذكوريّة المجتمع البائسة، والتي تنعكس سلبا على المرأة في مراحل عمرها المختلفة. حتّى أنّه غير مرغوب بها منذ ولادتها. سيجد القارئ في الرّواية أنّ عمر طليق حنان، قد أشاع واتّهم طليقته بأخلاقها، كما أنّ أخته ساهمت في ذلك، من خلال تحريض زميلات حنان في العمل بمؤسّسة نسويّة، وغالبيتهنّ صدّقن ذلك وحرّضن عليها مع أنّهن مطلّقات أيضا، ممّا أدّى إلى فصلها من العمل، كما أنّ غادة شقيقة حنان تغار منها لدرجة الكراهية، وتحيك حولها أكاذيب وتشوّه سمعتها.
الأسلوب واللغة: لغة الكاتبة فصيحة بليغة سهلة لا تعقيد فيها، وقد اعتمدت الكاتبة على أسلوب السّرد الرّوائيّ الإنسيابيّ الذي يطغى عليه عنصر التّشويق، والبناء الرّوائيّ محكم بحيث تنتقل من حكاية أو حادثة إلى أخرى بيسر وسهولة.
زمان ومكان الرّواية: واضح من خلال السّرد أنّ زمان الرّواية هو زمن الإنتفاضة الفلسطينيّة الأولى، ومكانها القدس، إضافة إلى فترة قصيرة في باريس، فقد أنهت حنان الثّانويّة العامّة وتزوّجت في زمن الإنتفاضة الأولى، واستمرّت حتّى أنهت ابنتها الثّانوية العامّة والتحقت بجامعة أمريكيّة، بينما سافرت حنان نفسها إلى باريس وعملت هناك وتزوّجت ثانية. أي أنّ أحداث الرّواية استمرّت حوالي ثلاثين عاما.
الإنتفاضة الأولى: تطرّقت الرّواية إلى أحداث حصلت في الإنتفاضة الأولى، وورد فيها أن خالد جار حنان قد استشهد فيها.
تقمّصت الكاتبة شخصيّة حنان، وجاء سردها بلغة “الأنا”، ممّا أضفى على الرّواية حميميّة لافتة، حتّى يخيّل للقارئ أنّه يقرأ سيرة ذاتيّة.
هذه الرّواية: تشكّل هذه الرّواية إضافة نوعيّة للرّوايات الاجتماعية التي كتبها فلسطينيّون في الأراضي المحتلّة، رغم أنّ هذه الرّوايات الواقعيّة لم تأخذ نصيبها الذي تستحقّه في الأدب الفلسطينيّ، حيث أنّ الهمّ السّياسيّ هو الطّاغي في الأدب الفلسطينيّ. وهذه الرّواية هي الإصدار الرّوائيّ الأوّل للكتابة وهذا يشي بأنّنا أمام روائيّة جديدة متمكّنة، ستبدع في عالم الرّواية، مع التّنوية أنّه صدر للكاتبة كتاب رسائل مشترك مع جميل السلحوت تحا عنوان” رسائل من القدس وإليها” .