مقال

رمضان في المخيّم

بقلم: عصري فياض
كلُّ الأهلَّة تتجلى في السماء، إلا هلالنا، يهبط إلينا على الأرض، يطوقنا، يضيء عتمة ليلنا، يجعل من شرفات قوسه منصة لأطفالنا… يؤنسنا… يحاكينا… يلاطفنا…

كلُّ الاهلَّة تشرأب الاعناق لها في ليل المتمم من شعبان…إلا هلالنا، يطأطئ عنقه ليلامس وجهه فعلنا… يداعب بيده الحنونتين وجهنا…يمسح دمعنا… يُحضر لنا الفوانيس… و”قمرالدين”…والتمر… وماء زمزم… وقوت السحور… والمصاحف… والمسابح…

لقد رآهم وهم يعبئون أكياس الحُبّ، فباركهم، وهم يوزعون قناديل الفرح، فحيَّاهم،وهم يطرقون أبوب المحتاجين، فدعى لهم وأكّبَرَهُمْ… رآهم وهم يشدون الخطى لصلاة العشاء والفجر، فأنار لهم الدرب… رآهم وهم يتهيئون لطعام الافطار، فقسم لهم الخبز، وصبَّ لهم الماء… لكنَّ أجمل ما أخذ لُبَّه، هي تلك الجلسات التي يجتمع حولها الاغيَّار… أمامهم شعلة النار، وعلى أكتافهم سيوف الغضب،وعلى جباههم نور إيمان ينتظرون عدوهم ويحذرونه من فعلٍ قد اقترب…

هلالنا… الجميل… قال لهم:- لقد ضجت السماء بفعلكم،وإهتزت النجوم والكواكب من إقدامكم، ولقد جئت لأعرف سركم…

قال له الشاب الاسمر الصغير المُجَعَّب:- نحن سنامه الدين… روح الإيمان واليقين… صولات محمد الأمين… قدر اعداء الله الغاصبين…حمى المخيّم والذود عن حياضه المتين…

نحن سيفُ عليّ… وصفحات في كتاب الله الجَلِيّ… وروايات في سنة المصطفى وهديه القويّ… نحن عصا موسى وسفينة نوح… صبر إسماعيل…ولسان عيسى وطهر مريم…وبشرى زكريا…

نحن الذين اختاروا أن لا يعيشوا أية حياة… ولا تغلبهم موازين الأرض وتبريرات الدعاة… نحن من وضعنا بصرنا هنا،ولكن بصيرتنا هناك…نحن قدر الله…

نحن ثورة جديدة من تبعنا،فقد صدق،ومن لازال يعيش وهم الاقدمين فقد نفق…نحن الحلم المتجدد،وآيات الاسراء ومحمد والفلق…

أعرفتنا ؟؟ أم لم تعرفنا…؟؟

صمت الهلال وقال سأدعو الله ربي أن يديم عليّ حالة البدر على الدوام،لانير ليلكم حتى لا تظلم ربوعكم ولا تضام…وسأدعو لكم ربي كلَّ حين أن تكونوا شرارة الخلاص،نار على البغاة،نور وهداية للأباة… وكلما مرّ من اسفل مني غمام ٌ أستحلفه ان يغسل بغيثه طرقاتكم…وإن جاء الثلج والبرد،آمره أن يغسل شهدائكم،وإن مرتَّ من جانبي نسمة ليِّنة في الصيف الحار،أقول لها مري على رهام جباههم…وعندما أسجد أنا والشمس بين يديّ الله،نرفع الاكف بالدعاء والتسبيح،سنقول فيكم للعليم ما يعلم،ونرجوا لكم منه السلامة والخير الاعظم،سنقول بخشوع العابد الزاهد…ربنا أنر دربهم،ومهد سبيلهم،ووسع ثورتهم،وعَمِمْ على عبادك المخلصين منهجهم،وإرفع ذكرهم،وآمن روعاتهم،وإحفضهم بعينك التي لاتنام…

اللهم حَصْنْ خنادقهم… واحمي مواقعهم …ولا تجعل لعدوهم عليهم سبيلا…

اللهم أنزل السكينة عليهم وعلى أهلهم وذويهم،وتمم لهم بالنصر والتمكين بجاه حبيبك محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين…

ورحل…………

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى