أدب

وحدَكَ في مَحطّات الضُّحى

إلى الشّهيد أمير أبو خديجة

شعر : عبد الناصر صالح
أقبلتَ وَحدَكَ ..
موقِناً بحرارةِ التأويلِ
في سَرْدِيّةِ الأشجارِ عندَ الفَجْرِ
وحدَكَ حاملاً سعَفَ الأغاني
مُلْحَقاً بخُطى الشُّموسِ على الرّصيفِ
قرأتُ في عينيكَ أبعدَ ما يكونَ الحزنُ
رتّبْنا حقائبَنا
ولهفةَ شوقِنا المفتوحِ للذّكرى
نُجدِّفُ قاربَ العمرِ الوحيدِ
ونحتمي خلفَ الفصولِ
أنا وأنتَ ،
ولا نفكّرُ كيف تقتربُ النهايةُ
قُلتَ : ننشُرُ في محطّاتِ الضُّحى مسكَ الوِداد
السّاهرون على عقيدتِهِمْ أتَوْا
لا أمَّ ثكلى بعد أن نَرِثَ الرصاصةَ
لا عزاءَ
ولا نُواحَ على الشهيدِ
رفَعْتَ ساريةَ الضُّحى
فاذهبْ إليكَ على بياضِ الموجِ
واحفُرْ في جُذورِ النّارِ
تاريخَ المدينةِ
نرتَقي شيئاً ،
فشيْئاً
للمقدّسِ ..
هادئَيْنِ كمَوْجةٍ صيفيّةٍ
فاذهب لروحِكَ
لم يكن في لُجّةِ البحرِ الفراغُ
أتيتَ مُنْتَفِضاً تُذَلّلُ مِقْبَضَ الأيّامِ
ها قسَمُ اليمينِ على شفاهِكَ
سوفَ تَسْبقُني الظّلالُ إليكَ
والشجرُ المعلَّقُ في الحكايةِ
نَسْتدِلُّ على المآذنِ
نَرْتَقي شيئاً
فشيئاً للصلاةِ
– تدورُ دورتها –
فتكسونا الرّمال شهيةً مَنْذورةً للطيرِ
نافِذتي ستكبرُ
قُلتَ : نافذتي هنا
قَسَمُ اليَمينِ على شِفاهكَ
والظلالُ إلى الأمامِ تسيرُ
وجهُكَ في النّهارِ مُبَكّرٌ
كقصيدةٍ تتفيّأُ الألوانَ في ياقوتِها
قمرٌ ترجّلَ في انتفاضتِهِ على صدرِ التُّرابِ
مُبَكّرٌ في الفجرِ وجهُكَ
لن تَجِفَّ رسائلَ العشّاقِ
هادئةٌ خُطاكَ ..
وذائِعٌ قَسَمُ اليمينِ على شفاِهِكَ
موغِلٌ في الحُلْمِ جِفْنُكَ
ينتهي حزنٌ إذنْ ،
حزنٌ ترسّبَ في الضُّلوعِ لنرسمَ المعنى
على الطّرُقاتِ
يُثمرُ في الحكايةِ صوتُ من ذهبوا
إلى صَدرِ الهواءِ
على جناحِ الوعدِ
ساعتُنا عقاربُها تدورُ
تدورُ
هل مِنْ جَوْلةٍ أُخرى
لتلتَحِمَ الرّصاصةُ بالرّصاصةِ
مُسْنَدٌ دَمُنا بما حَفِظَ الشّهودُ من الرّواةِ
ودوّنوا نَصَّ الحقيقةِ
كم تبقّى كي نُحلّقَ بالّلواءِ ،
ونَسْتفيقَ على صباحِ القدسِ
هل مِنْ لوحةٍ أخرى
يُعمّرُ لونُها الزّيتيُّ في دمِنا ؟
إذن نَتَرَقَّبُ الطّوفانَ يفعلُ فِعلَهُ
كانَ المساءُ يمرُّ سرّياً
ووجهُكَ لامِعٌ
مِنْ أينَ يأتي كلّ هذا الضَّوْءِ في لغة ِ النَّدى
فاهرُبْ إِليْكَ كأيّ دِرْعٍ في مَضيق الشّارعِ الفَرْعِيّ
وارْتَقِبِ الخُيولَ
كأنّما نَمضي إلى ميلادِنا ..
طولكرمُ دَهشتُنا
وأرضُ بهائِنا
ويراعةُ الشّعراءِ في حُمّى المَنابِرِ
أيّما لغةٍ ستكتُبُنا
زهوراً في نهارٍ دافقٍ
نأتي معاً
دَعْجاءُ غَيمَتُنا ..
ونافِلُ غَيْثِنا في الحَقْلِ
ساقيةُ النّدى صَلْصالُنا في السّهلِ
هل ننسى مع الموتِ الكتابةَ ؟
كيفَ ؟
يَنْشُطُ في دواخِلِنا السُّؤالُ
وصفحةُ الألقابِ
أيُّ قصيدةٍ قدسيّةُ التّرميزِ
يكتُبُها الشّهيدُ إلى الشّهيدةِ
في حَواري القدسِ
أيُّ قصيدةٍ بحُروفِها يتخلَّقُ الإيقاع ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى