معاناة سياسية واجتماعية
بقلم: سلام محمد العبودي
Ssalam599@yahoo.com
يعاني العراق من ازمة سياسية, تفاقمت لتصل لأعلى مستوياتها, أثناء التظاهرات التي, صَوَّرَ القائمون عليها, أنها ثورة شعبية نبعت من الوعي الشباب؛ لتظهر على السطح أنها عمليةٌ, مُمَنهَجَةٌ لاستمالة المجتمع, لجهة معينة همها السيطرة على السلطة, لا تقبل النقاش أو الحوار.
عام 2019 وفي شهر تشرين الأول تحديداً؛ شهد العراق أكبر تظاهراتٍ, شملت العاصمة بغداد, والمحافظات الجنوبية والفرات الأوسط, وكانت المطالب المطروحة, من خلال الجموع المشاركة, بسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية للبلد، وانتشار الفساد المالي الإداري والبطالة, تلك كانت البداية الظاهرية, لتنكشف بعد ذلك النوايا الحقيقية, فقد تحولت الشعارات لتصعيد, لإسقاط النظام بذات الكلمات, التي رُفعت في بعض البلدان العربية” الشعب يريد إسقاط النظام.
تصعيدٌ خطير وسقوط شهداء, ومطالب باستبدال الحكومة, تعدت شعارات المتظاهرين, المطالب الرئيسية التي من أجلها قامت, بالتعدي على مكاتب لأحزاب, سواءً كانت مشاركة بالحكومة, أو معارضة سياسية تعمل داخل قبة البرلمان؛ ليصل التصعيد إلى إغلاق المدارس, والإقالة القسرية لبعض المحافظين, ومدراء عامون لقسم من الدوائر, ساسة العراق أعطوا وعوداً, للسيطرة على الوضع الداخلي, فأُعلن عن استقالة الحكومة, التي كانت برئاسة السيد عادل عبد المهدي, لتبدأ بالخطوة الثانية, وهي ترشيح حكومة جديدة, إلا أن المتظاهرين صَعَّدوا من مطالبهم, حيث طالبوا أن يكون المرشح مستقلاً, وليس من صفوف الأحزاب, التي حكمت منذ أول انتخابات برلمانية.
كان من نتائج التظاهرات, ما ظَهَرَ على السطح, أخطر نتيجة سياسية, إنه عملية شق الصف الشيعي, تصاعدت وتيرة المطالب, لتصل إلى إقامة انتخابات مبكرة, وتغيير قانون الانتخابات, والمفوضية العامة المستقلة, وحُدِدَ الموعد وانتهت التظاهرات, أثناء الانتخابات بانت بعض الخروقات, فتوقفت الأجهزة بعد ظهور نتائج اولية, لتظهر نتائج مختلفة, عما حصل عليها بعض المرشحين, ما يوحي لعملية تزوير, لتطفو على السطح خلافات كبيرة, واعتراضات على النتائج, صاحبها خلاف كبير أدى لانسدادٍ سياسي, وتجميد كل الحوارات, ما بين التيار الصدري, الفائز بـ73 مقعداً برلمانياً, كان نتيجة الانغلاق السياسي, انسحاب التيار الصدري من البرلمان, لعدم تمكنه من إكمال نصاب, تنصيب رئيس جمهورية, والتوجه للمعارضة الجماهيرية, فدخل بناية البرلمان, وبعض المؤسسات في المنطقة الخضراء, ليتواصل التصعيد للصدام المسلح, لدخول فصيل سرايا السلام, وكاد الأمر للانزلاق لحرب أهلية, لولا حكمة الخالق ورحمته.
مرحلة أخرى بدأت, ليَستأنِفَ البرلمان جلساته, واختيار حكومة جديدة, كانت من أولوياتها تقديم الخدمات, وتعيين العاطلين عم العمل, من معلمين وحاملي الشهادات العليا, والأوائل على أقرانهم من الخريجين, كما بدأت بكشف ملفات الفساد والتهريب, والقيام بحملات لمكافحة تجار المخدرات, عصابات لتهريب النفط ومشتقاته, بدأ كشفها وإلقاء القبض, على بعض أعضائها, ما بين ضباط حماية المنشآت وغيرها, تلك الإجراءات جرت, بعد ثلاثة أشهُرٍ فقط, من تسنم السيد محمد شياع السوداني, ما يؤهله لاستعادة ثقة المواطن, بحكومته وبعضاً من الساسة, الذين أحسنوا اختيار صاحب الإرادة في الإصلاح.
سأل أحد المواطنين في جلسة شبابية, وفيها بعضٌ من كبار السِن, عن ظاهرة جَلَبت انتباهه فقال” عام 2020توقفت التظاهرات عام 2021, تلك التظاهرات التي استمرت, ما يقارب العامين بتغيير الحكومة, وخلال تلك الفترة, إلى أن جرت الانتخابات الطارئة, لم نلمس أي إنجاز على الأرض, قَراراتٌ دون تخصيص حقيقي للمال, وما تلى الانتخابات البرلمانية بقانونها الجديد, شكوكٌ و صراعٌ وانسدادٌ سياسي, إلى أن تشكلت الحكومة, في تشرين الثاني عام 2022, لترث الحكومة المشكلة حديثاً, أرثاً من الفساد والهدر المال, حيث لم تُقر موازنة عامة, للعام الذي سبقها! ولكن ما أن بدأ عملها, اندلعت التظاهرات فما هو السبب؟ فكان جواب أح كبار السن” ضربت الحكومة الفساد بمفاصل مهمة, فهب أعوانهم, ما بين مشترك ومُحَشِد”
البرلمان بدأ عمله مُرتبكاً, فالموازنة تتعثر لاختلافات سياسية واقتصادية, وفي هذه المرحلة الحرجة جداً, يُطرحُ على جدول الجلسات, قانون الانتخابات المختلف عليه, فما يسمون بالمستقلين, وبعض نواب التظاهرات, يعارضون قانون سانت ليكو, ويرغبون بإبقاء قانون الدوائر المتعددة, لتتأجل الجلسات ثلاثة مرات, ليتم أخيراً إقرار القانون, بعد فوضى عَمَّت قبة البرلمان, انتهت بإخراج النواب المعترضين, كي العمل البرلماني بهدوء, حيث لم يقبلوا طرح مطالبهم, وإجراء تَصويت قانوني عليها.
مجالس المحافظات بالرغم من أهميتها, فقد ألغيت دون حساب, فقد كان عملها, لا يتجاوز عمل مختار منطقة, فلا رقابة ولا مشاريع, ولا خدمات لمناطقهم, ما يجعل من المجالس الجديدة, بعد الانتخابات التي من المؤمل, أن تكون نهاية هذا العام 2023, خدمية بصورة تجعل منها مؤسسة محترمة, لا يعتريها الفساد وعدم المبالات, فهل سنرى صفحة جديدة؟