أدب

قراءات سيميائية في سرديات عربية

للناقد الأكاديمي الأستاذ الدكتور مصطفى لطيف عارف

قراءة: عقيل هاشم
قدم الأستاذ الدكتور مصطفى لطيف عارف في هذا الكتاب جزءا من أسئلة راهن السرديات التجريبية في المشهد الأدبي عربيا ، سعيا لتكوين رؤية تمكننا من تلمس أهم سمات هذا الحراك الذي عرفه ويعرفه الأديب والمكتبة معا في السنوات الأخيرة. فإضافة لمنجز النصوص، وللإطارات التي تشكلت، ولمجموعة من البحوث والأطاريح الأكاديمية منها والنقدية فقد عرفت السرديات حضورا لافتا ..
يشكل إصدار كتاب نقدي بعنوان (قراءات سيميائية في سرديات عربية) للناقد الأكاديمي الأستاذ الدكتور مصطفى لطيف عارف والصادر عن دار امارجي للطباعة والنشر في العراق وهو من الكتب النقدية المهمة التي ترفد المكتبة العربية
هي محاول الاقتراب من المشهد النقدي الجديد. إن هذه الدينامية اللافتة للانتباه تزيد من تعميق سؤالنا حول مفارقات هذا الحضور النقدي المحموم والقوي اليوم.
نحاول هنا ومن خلال هذا الكتاب ، وهي تعيد تمثل هذا المشهد السردي اليوم، تستوقفنا هذه الدينامية الملحوظة على مستوى التراكم النصي، جعلت الدرس النقدي أمام تمرد جمالي معلن عبرت من خلاله هذه النصوص على وجهها المتعدد، هذه الدينامية دفعت بالنقد إلى مراجعة قناعاته وتصوراته النظرية .

تناول الكتاب الأدباء :
(محمد عبد الحليم –صلاح هلال الحنفي – القاصة بسمة يحيى – مصطفى أبو غازي –نقد النقد فاضل ثامر –احمد الجنديل –جاسم عاصي – شوقي عبد الأمير –بلقيس حميد حسن-فلاح رحيم –طارق حربي- محمود يعقوب –حياة شرارة – علي السباعي-د,آمل سلمان – أياد خضير- هيثم محسن الجاسم- أمير دوشي ..)
تكتشف بهذا التأطير النقدي الموازي لممارسة نصية تحضر بقوة، وكفيل برسم خصوصية هذا المشهد وتحولات الكتابة , سؤال مشروع الدكتورمصطفى العارف ومادمنا نجابه بنظريات نقدية بأشكال مستحدثة، لعل أهم مميزتها “التداخلات النصية” ولعل في امتصاص السرد لثقافات أخرى كفيل بإبراز تقنيات وظيفية جديدة.
وهو ما ينظر إليه من باب التحول كإحدى أهم محطات مفهوم التجريب والذي قعد له على مستويات متعددة من الممارسات النصية، تحول مس القصة ومكوناتها وشخوصها وبناءاتها، ولعل توسع النمط العجائبي والاستيهامي والغرائبي، توسيع عبره لمحورية الذات في تشكيلها العالم.
في الكتاب تناول الأستاذ الدكتور مصطفى لطيف عارف بالدرس النصوص السردية لكتاب عراقيين وعرب . ومختلف الأنواع السردية ضمن منظومة فكرية، وسياق عام ينظر إلى الأدب كوحدة عضوية لا اختلاف فيما بنياتها ومكوناتها وأساليب تعبيرها. ما دام الأدب تعبيرا جماليا، ويكتب جماليته انطلاقا من المفاهيم السيمولوجية..
لقد ارتبطت الدراسة بالسرديات بانوعها المفاهيمية -الفنية والجمالية . ولا نجد فرقا وظيفيا بين كلا المفهومين مرتبط بالزمان وبالتحول، ، ونسق من العلامات. هذا المستوى من التحليل يهتم به الناقد والباحث في مجال السيميائيات. لكنني اخترت بالبحث في النظام، في البناء.
تلتقي الروائيات التي درست في هذا الكتاب في القدرة على بناء الحكاية سليمة مقنعة ومؤثرة، مليئة بالمحفزات، خالقة للتوقعات، ومفتحة على آفاق التأويل الرحبة، ولها ارتباط وثيق بمرجعها الثقافي والواقعي. أي أنها تقوم على الإيماء والإحالة في آن.
من البعد العجائبي أو الغرائبي، ولكنها إجراء نميز به بين القصة (مادة الحكي) وبين الرواية والمقال الأدبي كنوع أدبي له أصوله وفروعه المتعددة والمتنوعة في آن. الذي سيرد في الدراسة كمظهر سردي للقصة (للمادة). وقد بينا هذا الفصل جيدا في كتابنا النص السردي العربي: الصيغ والمقومات.
وإذا كان النص السردي يقوم على المتواليات السردية والحكائية فإن من ركائزه كذلك الحدث الذي يتجلى كمتواليات حدثية. ولابد من وجود الشخصيات الروائية (الشخوص). لأنها مركزية تقع لها أحداث وتوقع أحداثا بغيرها من الشخصيات الروائية. لكن في الدراسات التي يضمها هذا الكتاب وقفت عند مفهوم بناء الشخصية. أي الاهتمام بأبعادها المكونة؛ الفكرية والنفسية والاجتماعية. وفي المستوى البنائي نتحكم أكثر في الخطاب الإبداعي ونستطيع في الوقت ذاته الابتعاد عن خدر اللغة الشائقة. ونتحكم أيضا في خصوبة الخيال، والقدرة على توليد الحكايات. تلك الصفات اللصيقة بأسلوب الكتابة.
أقول ان قراءة هذا الكتاب قد ساهمت معارفه في تجلية معانيه وإثبات متانة ما تضمنته من مفاهيم سردية متنوعة ومتضافرة فنيا . آفاق بحثية مهمة في مجالات متنوعة . المتتبع يدرك أن قيمة ما قام به الدكتور مصطفى العارف من تكمن في قدرته علي تعين مكامن الأهمية في هذه النصوص على الرغم من طرق اختلاف سردها أو تناولها للأفكار ,
الباحث الدكتور تجاوز منذ سنوات اختبار الجدارة يوم قرر بناء تجربته في دراسة النصوص سيمولوجيا بعيدا عن الأضواء لكي يمارس تجربته في مجال النقد بمتعة حقيقية تشكل حدثا سعيدا في مشواره الأكاديمي.
من هنا يمكننا الجزم بأن الباحث توفق في بلوغ ما كان يرمي إليه انطلاقا، فالكتاب يسهم في توسيع آفاق الإدراك للمتلقين من نقاد وكتاب ، ويفتح أمام العقل آفاقا واسعة تستوعب كل ما يحتاجه دارس تلك الأجناس الأدبية ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى