فكر

إِشْكَالِيَّةُ الإِعْلامِ السِّيَاسِيِّ: وَذَا هَجِيرُ الإفْلاسِ ذَا جَهِيرُ الاِهْتِلاسِ! (4)

د. آصال أبسال | كوبنهاغن (الدنمارك)

كما جاء في القسم الثالث من هذا المقال، إن ما يأتي به ذلك الكاتبُ الإعلامي «الجزراوي» الرهيبُ، فيصل القاسم، لا يعدو أن يكون حشدا من تقاريرَ تكريريةٍ وتدويرية لا تمس الواقع بأية صفة كانت، تقاريرَ إعلامية «جزراوية» تطفح بذلك التباكي الذي إنْ دلَّ على شيءٍ، في حميَّةِ هذِهِ الحالِ في حدِّ ذاتِهَا، فإنه لا يدلُّ إلا على دليلٍ أوحدَ واحدٍ، على أدنى تقديرٍ، من دلائلِ مَا يُسمَّى تعريفًا «مقاربيًّا» في علم النفس بـ«الارتقاب التكبيحي» Inhibitory Anticipation، وذلك بمثابةِ دليلٍ نُكُوصِيٍّ إِكْصَاصِيٍّ على ابتغاءِ الحطِّ من قَدْرِ تيك الثوراتِ الشعبيةِ حطًّا واعيًا أو لاواعيًا، أو حتى بمثابةِ دليلٍ انهزاميٍّ انفلاليٍّ على التماسِ التثبيطِ (الكليِّ أو الجزئيِّ)، تثبيطِ العزائمِ في النفوسِ الأبيَّةِ والشَّمَّاءِ الأَنُوفِ تثبيطًا مَنْوِيًّا أو لامَنْوِيًّا، وما إلى ذلك من معنيِّ أو حتى من معنيَّاتِ هكذا دلائلَ انسحابيةٍ «تكبيحيَّةٍ» فعليةٍ.. حتى مسألةُ التمهيدِ المقصودِ والمتعمَّدِ للتطبيعِ «الأبراهامي» مع أزلام الكيانِ الصهيوني الإجرامي ذاك لا يقتصر بالإيرادِ العابرِ، هكذا بكلِّ بساطةٍ، على ذاتِ النظامِ المغربي الجائرِ دونَ سواهُ، بل يمتدُّ حتى هذا الحينِ، وفوقَ ذلك كلِّهِ، إلى «سبعةٍ» مُسَبَّعَةٍ بالعدِّ من أنظمةٍ «عربية» استبداديةٍ حتى أشدَّ جَوْرًا وأشدَّ بَغْيًا وامْتِدَاخًا لَيْسَتْ كلُّهَا بالقطعِ الدامغِ من مَهَامِّ الكاتبِ الإعلاميِّ «الجزراوي» الرهيبِ أن يكشفَ النقابَ عن حقائقِهَا كشفًا على الملأ الأدنى، من عينِ النظامِ المغربي ذاتِهِ إلى النظيرِ السوداني إلى قبلهما النظيرينِ الإماراتي والبحريني إلى قبلهما النظيرينِ المصري والأردني وحتى النظير «الفلسطيني» بالذات.. ومَا توقيعُ ذلك الاتفاقِ الهزلي الأخيرِ بين النظامِ اللبناني والكيانِ الصهيوني الإجرامي ذاك على ترسيمِ الحدودِ البحريةِ بين البلدين (وقدِ اخترقتْهُ زوارقُ هذا الأخيرِ مؤخَّرًا)، ما ذلك التوقيعُ الذليلُ المُذِلُّ إلا تمهيدٌ مقصودٌ ومتعمَّدٌ آخَرُ للانجرارِ «الثامنِ» بالعَدِّ ذاتِهِ إلى مذبحِ التطبيعِ «الأبراهامي» ذاك، تمامًا مثلمَا تُجَرُّ البعرانُ صَاغرةً من رقابِهَا إلى مذابحِ تتبيعِ «الضحيَّةِ»..

والأسوأ من ذلك أن إِشْكَالِيَّةَ الإِعْلامِ السِّيَاسِيِّ وصلت إلى ذروتها عند «الانتهاء» من سرد هاتيك الأوضاع المزرية في تيك الدول العربية كي تكتمل المهزلة.. فما إن أعلن الكاتبِ الإعلاميِّ «الجزراوي» الرهيبِ عن «اختتام» مراثيه بالوضع في تونس آنذاك (وقد ظُنَّ بنجاتها من شرك «الربيع» في غير المظانِّ بتاتا، إذ «تبخَّرت كل إنجازات الثورة على صعيد الحريات، وعادت تونس إلى حتى ما قبل المربع الأول»، كما يستشهد بنظيره التونسي محمد كريشان)، ما إن أعلن الأولُ ذلك حتى صدر التقرير المضاد بالعنوان الإنذاري: «وقفة احتجاجية وسط العاصمة تونس للمطالبة بإنهاء إجراءات الرئيس قيس سعيِّد الاستثنائية».. وقد كان صدور هكذا تقرير مضادٍّ قائما مريعًا، وكان الزمان أيَّامَئِذٍ يقترب سريعا من نهاية العام ذاتا، عامِ 2021.. وها نحن صرنا في زمان عامٍ تلاه، عامِ 2022، وقد شارف على الانتهاءِ، بدورِهِ هو الآخرُ – حين صارت التقارير المضادة الأخرى تصدر تباعا وابتداءً بمناسبة «اليوم العالمي لحقوق الإنسان»، واقعًا في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) من كل عام – وحين صارت الآلاف من الأناس المعارضة تتظاهر وسط ذات العاصمة تونس وتندِّد بـ«الانقلاب السياسي» المعني، وتطالب من ثَمَّ بتلك العودة الضالَّة، «عودةِ الديمقراطية» بنحوٍ ماثلٍ مقبولٍ، على الأدنى – وحين صارت «جبهةُ الخلاص الوطني»، مثلا، تنظِّم التظاهرَ المعارضَ في ذات «اليوم العالميِّ» مصرِّحةً على لسانِ رئيسها، أحمد نجيب الشابي، بأن هذه القوة الشعبية العارمة إنما هي قوةُ إنقاذِ تونسَ للوصولِ إلى نقطةِ الفصل مع الانقلاب، وبأن عمليةَ الانتخابِ المقبلِ لَمهزلةٌ تُجرى وفقَ «قانون» هزليٍّ قد فُصِّلَ سربالا على قَدِّ سعيِّد بالذات – وحين صارت هكذا «جبهةٌ وطنية» تدعو الشعبَ التونسيَّ بجلِّ أحزابِهِ إلى رفض هكذا انتخابٍ، وخاصة في ظلِّ أُفُوبِ «محاكمة المدنيين عسكريا واختطاف السياسيين واحتجازهم وملاحقة الصحافيين كذلك»، وفي ظلِّ أُفُوبِ «الحكم الفردي المطلق مثلما مُورسَ بالقسر سابقا أيامَ زين العابدين بن علي».. وهكذا، فإن «جبهةَ الخلاص الوطني» هذه، من حيث كادرها السياسي تحديدا، تضمُّ على الأقلِّ خمسةَ أحزاب معارضةٍ على اختلاف اتجاهاتها، كحزبِ «قلب تونس» وحزبِ «تونس الإرادة» وحزبِ «ائتلاف الكرامة» وحزبِ «النهضة» وحزبِ «الأمل»، فضلا عن حملات مناهضةٍ كذلك، كحملة «مواطنون ومواطنات ضد الانقلاب»، إلى آخره.. كل هذا جاء كردِّ فعلٍ على تلك الأزمةِ التي قامت بين قيس سعيِّد ومجلس النُوَّاب، مُسْفِرَةً عن هكذا انقلابٍ منذ الخامس والعشرين من تموز (يوليو) عام 2021، حينما أعلن سعيِّد عن إقالة أعضاء الحكومة وعن تجميد عمل البرلمان وحلِّ حتى سلطة القضاءِ.. وكلُّ هذا الانضواءِ الأثيرِ قائمًا من طرف هذه الأحزاب والحملات بالذوات في كفَّةٍ أولى، والاحتمالُ الكبيرُ في حدوثِ القطيعة الكبرى بين هكذا رئيسٍ «مُنْقَلِبٍ» مُقِيلٍ ومُجَمِّدٍ وحَالٍّ وبين حزبِ يساريٍّ (تقدُّميٍّ) بوصفِهِ أكبرَ حزبٍ نقابيٍّ في البلادِ يُسَمَّى بـ«الاتحاد العام التونسي للشغل» في كفَّةٍ أُخرى..

ومن بينِ جمهرةِ المساخرِ السياسيةِ التي برزتْ على السطحِ في المشهدِ السياسيِّ التونسيِّ، في الآونةِ الأخيرةِ، تبرزُ «يانعةً» تلك المسخرةُ اللافتُ التي أثارها قرارُ الرئيسِ قيس سعيِّد بتنصيبِ والي تونسَ الحاليِّ، كمال الفقي، في منصبِ وزيرِ الداخليةِ الجديدِ، وذلك في غضونِ سويعاتٍ، ليسَ أكثرَ، من إعلانِ وزيرِ الداخليةِ (القديم)، توفيق شرف الدين، استقالتَهُ من هذا المنصبِ – فلم يجدْ قيس سعيِّد ذاتُهُ مناصًا من التصديقِ الفوريِّ على قرارِ إقالتِهِ، بدورِهِ هو الآخَرُ.. وكشخصيةٍ مسرحيةٍ تمَّ الترويجُ الرئاسيُّ المُرَوْسَمُ لها وهي مُتَّسِمَةٌ أيَّمَا اتِّسَامٍ بِسِمَاتِ «الاِستقامةِ والنزاهةِ ومحاربةِ الفسادِ»، يُعْرِبُ هذا الـ«كمال الفقي» إعرابًا سافرًا علنًا جهارًا عن كرهِهِ الشديدِ لكافةِ أطيافِ المعارضةِ، وعلى رأسِهَا تلك الحملاتُ الشعبيةُ من لَدُنْ كوادرِ «الاتحاد العام التونسي للشغل»، من جهةٍ أولى، وعن ولائِهِ ومناصرتِهِ الأشدِّ لمشروعِ قيس سعيِّد في المقابلِ بحجَّةِ أَنَّهُ مشروعٌ رافضٌ رفضًا قاطعًا لتواجدِ ما يُسَمِّيهِ بـ«الإسلام السياسي»، وكذاك طبعًا بمعيةِ رفضِهِ الباتِّ للترخيصِ بالاحتجاجِ الشعبيِّ لكوادرِ «جبهةَ الخلاص الوطني»، من جهةٍ أخرى.. مُتَحَلِّيًا بإفكِ ذريعةٍ زائفةٍ في الأساسِ قاضيةٍ بأنَّ قياداتِ هذِهِ الكوادرِ كلاًّ إنْ هي إلاَّ قياداتٌ «متورِّطةٌ في التآمرِ والمآبرِ على الاستقرارِ الأمنيِّ في البلادِ»، يظهرُ صَاحبُ هذِهِ الشخصيةِ المسرحيةِ الهزليةِ، شخصيةِ هذا الـ«كمال الفقي» بالذاتِ، يظهرُ كاسحًا مُتَسَرْبِلاً بِسِرْبَالِ «ناشطٍ مناضلٍ ستالينيٍّ» من الطرازِ الأوَّلِ، فيما يتبدَّى، وإلى حدِّ اكتسابِهِ الجماهيريِّ (لٰكِنِ الافتراضيُّ، طبعًا) للاسمِ الحركيِّ الشهيرِ «ستالينَ» بالعينِ، وذاك بسببٍ من محضِ إعجابِهِ الشديدِ بشخصِ «ستالينَ» ذلك المنظِّرِ السياسيِّ السوفييتيِّ نفسِهِ وكذاك بفكرِهِ الثوريِّ «الاشتراكيِّ» الخاصِّ، على حدٍّ سواءٍ – مِمَّا جَعَلَ أيَّمَا جَعْلٍ من شخصيةِ هذا الـ«كمال الفقي الستالينيِّ» بالذاتِ منظِّرًا سياسيَّا مقرَّبًا بشدَّةٍ من كلٍّ من الرئيسِ قيس سعيِّد الذي كانتْ أمامَهُ سانحةُ التلقيبِ الأريبِ بلقبِ «لينينَ (الحديثِ)» والبرلمانيِّ رضا شهاب المكي الذي كانَ قدْ حازَ حَوْزًا مُسْبَقًا أصلاً على لقبِ «لينينَ (القديمِ)»، من طرفِهِ هو الآخَرُ.. وقد انضوى هذا الثلاثيُّ الثوريُّ «الاشتراكيُّ» الخاصُّ، فيما يتبدَّى أيضًا، تحتَ لواءٍ من شعاراتٍ إيديولوجيةٍ جِدِّ رنَّانةٍ تندِّدُ بالوجودِ البرجوازيِّ وما يقتضيهِ تركيزًا للثروةِ بينَ مَحْشَرِ الأغنياءِ والمَيْسُورِينَ، من جانبٍ أوَّلَ، وتُشيدُ من ثمَّ بالحضورِ البروليتاريِّ وما يبتنيهِ «توزيعًا» لهذِهِ الثروةِ بينَ مَعْشَرِ الفقراءِ والمُعْدَمِينَ، من جانبٍ آخَرَ.. ولٰكِنْ، وبالرغمِ من كلِّ هكذا ادِّعاءاتٍ جدِّ طنَّانةٍ بتسييدِ آلاءِ الحريةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ من لَدُنْ هكذا حكومةٍ «ستالينيَّةٍ-لينينيَّةٍ» تلفيقيةٍ لا بل ترقيعيةٍ، فقدْ حَذَّرَ جلُّ الناطقينَ بأسماءِ تلك الأطيافِ المُعَارِضَةِ المُنَوَّهِ عنها للتَّوِّ كلَّ التحذيرِ من تَصَاعُدِ أشكالِ الاعتقالِ والإخفاءِ القَسْرِيَّيْنِ وكذاك من تَفَاقُمِ أشتاتِ الانتهاكِ والاعتداءِ الجَهْرِيَّيْنِ، تيك الأشكالِ والأشتاتِ التي يقومُ بها عناصرُ الجيشِ أو الأمنِ أو حتى كليهِمَا تهديدًا للمواطناتِ والمواطنينَ أينما ثُقِفُوا، والتي ليسَ لها، في هذا المآلِ، إلاَّ أن تزيدَ من رقعةِ الانقسامِ المَقِيتِ الرَّثيثِ بينَ صفوفِ الشعبِ التونسيِّ الحديثِ أو حتى ما بعد الحديثِ.. حتى عناصرُ الشرطةِ الذينَ يُفْتَرَضُ أَنَّهُمْ يتبوَّأونَ في طليعةِ الصَّائِنِينَ الأماثِلِ للسَّلامِ والهُدُوءِ المدنيَّيْنِ، على أدنى تخمينٍ، صَارُوا الآنَ يتمادَوْنَ في شتى أنواعِ الإهانةِ والإذلالِ إزاءَ هؤلاءِ المواطناتِ والمواطنينَ بالذواتِ، مِمَّا أغضبَ اللاعبَ السَّابقَ نزار العيساوي أيَّمَا إغضابٍ مؤخَّرًا فما كانَ منهُ، مُحْبَطًا في القرارِ الأخيرِ، سوى إضرامِ النَّارِ في جسدِهِ إلى أن فارقَ الحياةَ إذَّاك، احتجاجًا وتنديدًا على ذاتِ الطريقةِ التي كانتْ في مطلعِ العامِ 2011 شرارةَ اندلاعِ الثورةِ الشعبيةِ في تونسَ كافَّتِهَا، بادئَ ذي بدءٍ – ناهيك، بالطبعِ، عن تبعاتِ أدرانِ الفسادِ الحكوميِّ على اختلافِ تجسيداتِهِ المُثْلَى في أمداءِ الارتزاقِ الإعلاميِّ والارتشاءِ الماليِّ وحتى الاتِّجَارِ الدينيِّ المُتَفَشِّي بينَ فلولِ المتأسلمينَ والظلاميِّينَ من أشباهِ الإنسانِ وحتى أشباهِ القرودِ والنقطاءِ العتوفينَ من ذوي الأقحافِ السِّفْلِ السِّطَاحِ من خَلْفٍ ومن خَلَفٍ وخُلْفٍ، وما إلى ذلك..

وإلى جانبِ هذا المشهدِ السياسيِّ الهزليِّ الأغبرِ كلِّهِ، وحتى حَالُ الحَالِّينَ من أولئك المحلِّلينَ المتمرِّسينَ مِمَّنْ يعتبرونَ أنفسَهم كلَّ الاعتبارِ «ماركسيِّينَ» بِحَقٍّ أو حتى «أُمَمِيِّينَ» حقيقيِّينَ، كحَالِ الباحثِ الأكاديميِّ جلبير الأشقر، حتى هذِهِ الحَالُ لا يبدو أنها تفي أيَّ وَفْيٍ ولو بشيءٍ من القَصْدِ المقصُودِ في واقعِ الحَال.. على النقيضِ الكاملِ مبدئيًّا من نشاطِ ذينك «الفقي الستالينيِّ» و«المكي اللينينيِّ» اللذينِ أُشِيرَ إليهما قبلَ قليلٍ، فإن نشاطَ هذا «الأشقر الماركسيِّ»، في هذِهِ القرينةِ عينًا، إنما يصبُّ جامَ تركيزِهِ وتوكيدِهِ الأمثلَيْنِ على سِمَةِ «الديكتاتوريةِ الجديدةِ» هذِهِ التي يَسِمُهَا بكلِّ سهولةٍ وبكلِّ بساطةٍ بالرئيسِ قيس سعيِّد، تماما مثلما يَسِمُهَا بأيةِ شخصيةٍ «قَرَقُوشِيَّةِ (قديمةٍ)» لا تتواءَمُ والخطَّ التحليليَّ الذي يختطُّهُ لنفسِهِ مُلَفَّقًا لا بل مُرَقَّعًا، بدورِهِ هو الآخَرُ، كمثلِ الحبيب بورقيبة أو حتى زين العابدين بن علي أو مَنْ أشبهَ في المنظورِ الداخليِّ، من جانبٍ أوَّلَ، وكمثلِ عبد الفتاح السيسي أو حتى بشار الأسد أو مَنْ شابهَ في المنظورِ الخارجيِّ، من جانبٍ آخَرَ (يُنْظَرُ تقريرُهُ الصَّحَفِيُّ المعنيُّ ها هنا: «تخبُّط قيس سعيِّد الاقتصادي وتبعاته»، من إصدار «القدس العربي» في يوم 11 نيسان (أبريل) عام 2023).. فلم يكنْ من مغزى نشاطِ هذا «الأشقر الماركسيِّ»، إذن، إلاَّ إغفالُ الأهمِّ في التناقضِ بينَ رفضِ الرئيسِ قيس سعيِّد للتفاوضِ وصندوقَ النقدِ الدوليِّ مُصَرِّحًا بـ«التعويلِ على النفسِ» كسياسةٍ عقيمةٍ وبينَ قبولِ وزيرِ الاقتصادِ سمير سعيِّد لهكذا تفاوضٍ من قبلُ نظرًا لافتقارِ هكذا رئيسٍ إلى «خطة باء»، من ناحيةٍ أولى جَليَّةِ، وإلاَّ إغفالُ الأهمِّ الأهمِّ في التآلفِ بينَ الرقابةِ الأمريكيةِ لأفعالِ حكومةِ تونسَ كاتمةً ميداءَ التظاهراتِ التي تزدادُ حدَّةً وشدَّةً ضدَّ قيس سعيِّد آنًا بعدَ آنٍ وبين التجسُّسِ الأمريكيِّ كذاك على أفعالِ حكومةِ إسرائيلَ كاشفًا أنَّ الاحتجاجاتِ الأخيرةَ ضدَّ بنيامين نتنياهو كانتْ قد شُجِّعَتْ من لَدُنْ جهازِ الاستخباراتِ الإسرائيليِّ «الموساد» המוסד بالذاتِ، من ناحيةٍ أخرى خفيَّةٍ!!..

[ولهذا الكلام، فيما بعدُ، بقية]

***

تعريف بالكاتبة

ولدتُ في مدينة باجة بتونس من أب تونسي وأم دنماركية.. وحصلتُ على الليسانس والماجستير في علوم وآداب اللغة الفرنسية من جامعة قرطاج بتونس.. وحصلتُ بعدها على الدكتوراه في الدراسات الإعلامية من جامعة كوبنهاغن بالدنمارك.. وتتمحور أطروحة الدكتوراه التي قدمتُها حول موضوع «بلاغيات التعمية والتضليل في الصحافة الغربية» بشكل عام.. ومنذ ذلك الحين وأنا مهتمة أيضا بموضوع «بلاغيات التعمية والتضليل في الصحافة العربية» بشكل خاص..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى