مقال

الملك الذي نضيعه والدور الذي نشيعه لمثواه)

مجدي شندي | القاهرة

وزن مصر الحقيقي يتضح بدورها وتأثيرها في دول الجوار القريب خاصة السودان وليبيا، يتضح من مجريات الأحداث الجارية أننا كنا نعيش قوة لم تعد حاضرة، ووهم عملاق إقليمي تم تقزيمه منذ عقود، إما بإغراقه في أزمات تجعله لايكترث بما يجري على حدوده – حتى لو كان يتماس مباشرة مع أمنه القومي – أو بسياسيين أو ممسكين بمقاليد الأمور لايعرفون وزن مصر ومكانتها وقيمتها وقامتها.

هل أكون واقعيا وأتوقف عن الصراخ في وجه مناظري الفضائيات حين يتحدث أحدهم باستهانة عن مصر .. “إنها مصر فتأدب واعرف عمن تتحدث؟” هل أستكين لفكرة أن هذا العملاق صاحب الدور القيادي في تاريخ المنطقة قد تقزم أو نام؟
إذا كانت السلطة القائمة لاتعرف حجم الضرر الذي يلحق بمصر عن صمتها وإدارتها الظهر لما يجري وتكاد نيرانه تمسك بثيابنا، فأين قوة مصر الناعمة أين شيخ الأزهر وبابا الكنيسة، أين السياسيون والمثقفون ورؤساء الأحزاب وكبار الاقتصاديين وكبار البرلمانيين؟ أين ساسة مصر السابقون المتحررون من أي موقف رسمي ؟ أين الجامعة العربية وأمناؤها سابقون وحاليون؟
إنها السودان .. رئة مصر الثانية وبابها الخلفي.
هل كنت أستشف الغيب حين كتبت قبل 13 عاما قصيدة غاضبة أقول فيها:
“ليلٌ ليلٌ ليلٌ والنهرُ الغاضبُ يحكي قِصَصًا للأطفالِ عن التاريخِ
ويرسمُ رُخَّا طارَ بعيدًا فوقَ بلادٍ محزونة
والنِّسرُ الهاربُ من عَلَمِ الدَّولةِ يهزأُ بالقلعةِ والأهْرام
يهزأُ بالصَّمتِ الكامنِ في أحشاءِ الناسِ.. ويهزأُ بالمجدِ الغابرِ والسُّؤْدُد
هل كانتْ مِصْرُ سرابًا وتبدَّد
هل كانتْ نِمْرًا من ورقٍ وخديعةَ جُغرافيا..
هل كانت راهبةً تكذِبُ في محرابِ الله فأسْكَتَها
هل كانت سِرْبَ يمامٍ كرتونيٍّ أو سحرًا من سَحَرَةِ فرعون
هل تبحثُ عن قابـيلَ القاتلَ ليداري سَوْأتَها
النيلُ حزينٌ.. والأقْصُرُ ذابلةٌ تتضوَّرُ بحْثًا عمَّنْ يُنقِذُها من جنباتِ اللَّيل
ليلٌ ليلٌ ليلٌ.. والقادمُ أكذبُ”
أختم بأبيات للشاعر العظيم صلاح عبدالصبور داعيا الجميع لنفض هذا السكوت المخزي عما يجري ، باسم المصريين وباسم ملايين السودانيين الذين كانوا يعلقون آمالا كبيرة على بلدنا:
“اكتب لك
باسم الفلاحين
وباسم الملاحين
باسم الحدادين
وباسم الحلاقين
والحمارة والبحاره
والعمال وأصحاب الأعمال
والأعيان وكتاب الديوان
والبوابين وصبيان البقالين
وباسم الشعراء
وباسم الخفراء
والاهرام
وباب النصر
والقناطر الخيرية
وعبد الله النديم
وتوفيق الحكيم وألمظ
وشجرة الدر ، وكتاب الموتى ،
ونشيد بلادى بلادى
نرجو ان تأتى وبأقصى سرعة
فالصبر تبـدد
واليأس تـمدد
اما ان تدركنا الان
أو لن تـدركنا بعد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى