أدب

لكل امرأة كتاب

فريدا كاهلو تعاتب العالم !

عالم الثقافة | المغرب

كثيرة هي المنازل المخبوءة التي لم تعلن عن نفسها ولم تستطع أن تعاتب العالم !
“فريدا كاهلو” كانت تعاتب العالم !

حين ألتفت إلى النساء حولي، أرى أنهن يحملن هذين الحاجبين في دواخلهن مثل إرث زمني يستعاد كل حين، وفي بعض الأحيان أتلذذ باكتشاف الحاجبين بداخل بعضهن، فكل امرأة تحمل سرا بلا نهاية، وحكاية تتناسل منها حكايات طويلة، حتى أنني أتساءل دوما كيف يمكن تصريف هذا السر؟ وكيف يمكننا أن نبهج هذين الحاجبين المعقودين؟
كانت الفنانة “فريدا كاهلو” تعاتب العالم عبر الفن وكأنها تكتب كتابها الخاص، لكن حكايتها، من المؤكد، أنها تختلف عن الكثير من النساء اللاتي عاصرنها و اللائي سبقنها واللواتي عشن بعدها.
فلكل امرأة كتاب !
نحن نرى ونسمع الكثير من الحكايات والأساطير والرموز، التي ألقاها الكون على كائنين يعيشان التجاذب القدري وكأنهما يتصارعان مع وضد البقاء، ويبدو أن المكتوب كان قد خطط منذ الأزل إرثا مغرقا في الثنائيات، حتى بدا التواشج بين العالمين من أصعب أنواع الأقدار. فهل وراء هذا المكتوب أسرار تبوء باضطراب السلالة التي سبقتنا؟
وهل وراء هذا المكتوب الذي يحدث في كل يوم رغبة في العيش بشكل مختلف، فمن مكتوب امرأة ترضع طفلها في الصباح وهي تهدهده بصوت هامس، إلى مكتوب امرأة تصارع الريح كي تجمع بعض الحطب لأبنائها، إلى مكتوب خطّه الفقيه لامرأة كي تنتزع المحبة من زوج غائب، إلى مكتوب امرأة تخون زوجها كي تشعر بحلاوة الانتقام، إلى مكتوب امرأة عازبة أو مطلقة إلى غيرها؟
إن وراء كل امرأة كتاب، ووراء كل كتاب امرأة تجابه الأقدار لتضيء سيرتها الخاصة في كتاب غير ذاك الذي أملاه عليها المكتوب. يمكن أن نرى ذلك في الكثير من الوجوه التي تحولت هي ذاتها من رموز وتجسدت في صور حية تمشي على الأرض. فلا عجب أن تتعدد حيوات الموناليزا وتتلون بجل الأحاسيس في كل عصر، أو تتحول وفاة الكاتبة نوال السعداوي إلى فتاوي تقر بعدم دخولها الجنة، أو يتملكنا الرعب ونحن نقرأ يوميات الكاتبة سلفيا بلاث وهي تصاب بالضجر من مجتمع يفور بالتناقض، أو نندهش لحال سيدة تكتشف، بعد ربع قرن من الزواج، علاقة زوجها مع شابة تشبهها في أدق تفاصيل ملامحها وكأنه يستجدي في عشرة الشابة زمنا بعيدا إنقضى وولّى .
حين نتأمل كتاب كل امرأة، نشعر كم تعب الكون من كل هذا الثقل الذي أفرزته رؤية الآخر، حتى أن الفزع يكمن في الرؤية وكأن في النظر وبلوغ المتعة نهاية للرغبة وبلوغ للعدم… وفي الآن ذاته لا يكف الانسان نفسه عن النظر !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى