أدب

هلال الجرّة المكسورة

إلى روح: كنعان عبد الحر.. أسكنه الله فسيح جناته

في مثل هذا اليوم 15 أيار من العام الماضي توفي أخي الغالي كنعان عبد الحر – رحمه الله وأسكنه فسيح جناته – إلى روحه مقاطع من قصيدة طويلة.

شعر: منذر عبد الحر

 

كي لا تجرح رفيف الصباح
اخترت لموتك همسا خجولا
***
المدن التي تبادلتنا
كأننا كرةٌ تتناهبها المضارب
وحين يسقط أحدنا
في فخ الشبكة
يصرخ الآخر
وهو يهرع إلى المتفرجين
كي لا يصفقوا
احتفالا بنقطة فوز
منقوعة بالشماتة
المضارب…
أيامنا التي تحملها أيدي الاقدار
لتوقع على ظهورنا سياط العمر
نحن الذين..
فتحنا أعيننا على كسرة صبر
ومرّغنا جباهنا بطين القرى
حفظنا أغاني الفقدان
والغربة
والمنافي
ونحن نخبئ همومنا عن بعضنا
أحيانا ..
تسيل دموعنا
وهي تعانق ابتسامتنا معا
نتبادل في حمل نعش الفرح
ونضحك من الهموم التي
تنطلق سهاماً
ومواويل جارحة
*****
أعلم ..
أن صباحك الأخير
جاء ملفوفا بالصمت
على عربة الأسى
أعلم ان شهقتك الأخيرة ..
كانت محمولة على موجة نداء
صاعدة من ضفاف نهر العشار
وهو منكبٌّ على خرابه
من يصدّق ذبول الأنين
على نافذة الهديل
من يصدّق سقوط القمر
في بركة الفزع
لتتناثر لآلئ معناه
وتسيل في سواقي الشجن
دعك من ضوضاء الأسئلة
وضجيج الموهومين بالحياة
ارفع يديك ..
لتدرك حرارة القلب
وهو يغدو شهقة واحدة
ترتفع مع دمعتك الأخيرة
وأنت ترنو لبراعمك الصغيرة
تهفو إليك …
ولا تدرك غير لهفة
تسيل على الغروب
وهو يلفك بجناحه
كنتُ أصغي لأنين الأيّام
وهي تنصبُ فخاخها لنا
نحن العائمين على بساط الحيرة
نغدو أحجاراً ..
يمسح الغبار عنها
ما يشير إلينا
ملامحنا شواهد
علقناها منذ سنوات
على هديل أعمارنا
لا نقرب الحياة
لأننا سكارى
بأيامنا ..
وجرار همومنا
نملأها وساوس مع سقوط كل نجم
في بركة الأسى
ونمضي بها إلى جدران الطين
لنرسم لوحات آهاتنا
ونعود مترفين بالوهم
***
لم تحتمل صباحاتك
المحمولة على سرفات الندم
ولم تعقد صلحا مع العالم
الذي يزأر حولك
لذلك …
رفعت منديلك الأبيض
وأنت تمنح الريح
آخر قبضة من أوجاعك
لوّحت لقناديل الأمنيات
التي علقتها بحبال من نشيج
على ضفة ساقية
ادخرتها لحقل لن تغرس فيه
غير خيبة نامت على موجة
توارت في البحر
ودعتَها وأنت تمنح شطآنك
تلويحة راعشة
أيّها السائر على مستنقع قلق
لم تبقِ إلا ابتسامة شاحبة
دثّرها الغبار
ولم تأخذ إلا طيبة
هي فرس رهان عمرك
وعزفك الدائم
على أوتار الصبر والألم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى