نَزيلُ بُرْج الصمت (وجهان لقصيدة واحدة )

ثناء حاج صالح شاعرة وناقدة سورية / ألمانيا

1

أَوَتِ الطيـورُ لِصَمـتـِهِ فاستوحَـشَـتْ
دارَ الـمــقــام ِ بـِبـُـرجِــه الـمَـنـفــيْ

وجــذوعُ نـخـلٍ غـادرتـْه صبـاحـَهـا
قـفـلـتْ تَـحـِـزُّ الــرمْــلَ بـالـسَّـعـْفِ

وأنـا أتـيـتُ وكــان عـنـدي فـرصـةٌ
آوي إلــيـــه بـــقـُــوَّة الــضــعْــفِ

فخرجـتُ منـي للـذي اقتَصَـرَ المـدى
وطـــواه طـــَـيَّ أصــابــعِ الــكَــفِّ

تمـضـي المـراكـبُ دونــَه وجبـيـنـُه
قــابَ الضمـيـر ِ مـُواصــلَ الـوَكـْـفِ

ومراكـبـي هــذي الأصـابـعُ سَاقـَهـا
عَصْـفُ الحنيـنِ وجَـلَّ مـن عـَصْـفِ

حارتْ رُسـُوَّاً أيـن سَمـْتُ رصيفـِه ؟
وإذا اسـتـنــرتُ مــنــارةً يـُطــفــي

وأصَخْتُ للأصقاعِ هل صَلَّ الصدى ؟
والصـمـتُ بــادٍ والـصـدى مـَخْـفـي

وظَلَـلـْتُ أُغــري بـالـكـلام عـيـونَـه
والصـمـتُ ظــلَّ مـُحــاولاً صَـرفــي

حتـى سحبـتُ أصابعـي مــن رأسـِـه
ودفـنـتُ رأســي فــي ثــرى كَـفِّــي

تأوي الطيورُ إلى البروجِ وليس لـي
إلا الـســمــاءُ بـروجُــهــا تـكــفــي

والأفــقُ بيـتـي والغـيـوم ُوسـائـدي
والـضـوءُ بـابـي والـدُّجـى سـَقْـفـي

أنَزيـلَ بـرجِ الصـمـتِ هــل غَلَّلتـَنـي
إلا بـقــيــدِ ســلاســـلِ الــحـــرف؟

فنزيلَ برجِ الصمـتِ مـا ملكـتْ يـَدِي
إلاَّ أحـُــطَّ الـحِـمــلَ عــــن كـتـفــي

2

أوتِ الطيـورُ لصمتـِه فاستوحشـَتْ
دار َالـمـقــام بـبــرجـِـه الـنــائــي

وجـذوع نـخـل غـادرتـه صباحـهـا
قـفـلــتْ رجــوعـــاً دون إيـــــواءِ

وأنـا أتيـتُ وكـان عـنـدي فـرصـةٌ
آوي إلــيــه بـبــعــضِ أنـحــائــي

فخرجتُ مني للـذي احتَجـَزَ المـدى
ثــــم اسـتـفــاقَ بــِغــارِ إغــفــاءِ

ومـضـتْ تـُغـادِرُه المـراكـبُ كُلَّمـا
جـَــدَلَ الـمـيـاهَ حِــبــالَ إرســــاءِ

مستـرسـلاتٍ للضـمـيـرِ أصـابـعـي
وجسـسـتُ مـنـه جـبـيـنَ أخـطــاءِ

وظلـلـتُ أغــري بالـكـلام عـيـونَـه
والصـمـتُ ظـــلَّ يـعـيـدُ إغـرائــي

لكـن سحبـتُ أصابعـي مـن رأسِــه
ونكـسـتُ رأســيَ فــوقَ أعضـائـي

تأوي الطيورُ إلى البروج وليس لي
إلا الـســمــاءُ تــَضـُــمُّ إعـيــائــي

والأفـقُ بيـتـي والعـيـونُ نـوافـذي
والـضـوءُ زادي والـدجــى مـائــي

أنزيـلَ بـرجِ الصمـتِ هـل أورثتَنـي
إلا الـبــكــاءَ بــإثـــر ِ إصــغــائــي

فنزيلَ قفرِ الصمتِ مـا ملكـتْ يـدِي
إلا الــخـــرابَ يـعــيــدُ  إنـشــائــي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى