مقال

الكاتب ضمير هذا العصر

الكاتبة السورية نسرين الطويل | لوس أنجلوس 

لم تغب شمس المعرفة كثيراً وقد نكون الآن في مرحلة الغروب، وقبل أن تأفل شمس الثقافة يجب علينا أن نضع بعض النصائح لأنفسنا والمحيط حتى تشرق الشمس من جديد. في هذه الآونة لم يغب الكاتب العربي بالشكل الصحيح ولكن هناك من يدعي الكتابة والمعرفة مع وجود هذا العالم الافتراضي المتزاحم بمشاهير التفاهة والنسخ واللصق، وحتى مشاهير الخطابة لمن ادعى المعرفة في العلوم الدينية والطبية والتجميل وما إلى ذلك. المثقف الأديب  هو حبر الأمة وهو من صنع ثورات فرنسا ودحر المستعمر الانجليزي من مصر ووثق أمجاد الأمم وحضارتها، والروائي من رسم ملامح الحارة المصرية مثل نجيب محفوظ ،والشاعر من وقف جندياً في الصف الأول من المعركة وصار شهيداً مثل عبد الرحيم محمود والأدباء هم من أسس الوحدة بين الشعوب مثل رابطة (ابوللو) و(رابطة ادباء المهجر)، ومن هنا نستطيع القول بأننا نحن الأدباء الأنجم التي تسطع في سماء الأمة، فيجب علينا أن نحمل هذه الفضاءات على محمل الجد.

ولعلنا نرى اليوم الأدباء في معزل عن الثقافة وقد تركوا المنصات لمن لا يستحقها، والبعض منهم مستهلك لدرجة قد لا يكون غيره في الساحة الأدبية، ومما نتعجب منه اليوم ظهور أنصاف المثقفين حسب ادعاءهم وقد زادوا من غرابة المشهد الثقافي بتمايلهم وبدمج الفن المعاصر والراقص على هذه الأماسي التي نفر منها جيل الشباب المقبل على الآداب والمتعطش لمواكبة الصالونات القديمة أمثال صالون (مي زيادة والعقاد). وفي منظور آخر دعونا نتطرق للمحاضرات الأدبية والعلمية والدينية لأولئك الذين أخذوا من الكتب ولم يذكروا أصحابها كمراجع قد يستفيد منه المشاهد والمتابع وقد يسحرون الناس بكلامهم المعسول دون أن يتأكدوا من المعلومة الصحيحة وعن غير علمٍ نافع، وهذه الفئة من الآفات التي تسيطر على العقل وتسحره بكلام مغلوط وقد اعتمد صاحبها على عدد المشاهدات والانتشار بين الناس لمكاسب دنيوية دون الحرص على الإفك الذي ارتكبه بين الناس وجعل هذا العلم وهو من دون علم مادة للتضليل الخاطئ مدى الحياة. وفي معرض حديثي سوف أتطرق للسرقات الأدبية والعلمية وقد أصبحت متاحة لتوفر وسائل الاتصال وعدم السعي لأجلها كما كان ذلك في سالف الزمان، أيام كانت المكتبات والكل يسعى لعمل الابحاث، وقد أصبحت السرقة الأدبية في وضح النهار مع وجود تقنية النسخ واللصق ودون أن يقرأ السارق ماذا سرق أو يعرف ما المقصود من هذا الكلام المسروق، وآخر قد يسرق معلومات من كتاب علمي ويبدأ بعمل محاضرات دون أن يذكر اسم المؤلف ولمن تعود هذه الأفكار. أخيراً، ولجميع هؤلاء أود أن أقول بأن العلم فريضة والعالم مؤتمن على علمه والأديب يتحمل وزر أدبه إذا استخدمه في غير خُلقه، والمثقف يجب أن يضع ثمرة جهده للناس بأسلوب الحكماء دون أن يتعالى عليهم وأن يكون ودودا فيهم، لا يملك مثقال ذرة من كَبر، حتى يكون قول الله فيه:
((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى