فكر

اليوم وليس غداً

أ.د. محمد سعيد حسب النبي|أكاديمي مصري
من العبارات السلبية التي لطالما شاعت بين كثير من الناس عبارة “غداً وليس اليوم”، إنها عادات المماطلة والإرجاء لآخر لحظة، ولعل المبرر وراء ذلك عدم الرغبة أو خشية الفشل، وهذا ما نراه في أداءات بعض الناس المتواضعة رغم قدراتهم الفائقة. والطاقة المهدرة في إرجاء أعمال اليوم إلى الغد يمكنها أن تنجز الأعمال المرجأة وما ينضاف إليها من مهام أخرى.
والعجيب في الأمر أن تأجيل المهام يقود في الغالب إلى تركها تماماً، والذين ينجزون أعمالهم في وقتها قد يقعون في أخطاء غير مقصودة نتيجة سرعة الإنجاز، إلا أنهم ينجحون في الوقت الذي يفشل فيه المماطلون، حتى وإن بدت قدراتهم أفضل وأقوى.
ويقدم الناجحون والمبادرون نصائحهم للتغلب على الإرجاء والتأجيل، ومنها ضرورة التخلص من رهبة القيام بشيء جديد أو مختلف، كما أنه من المفيد أن نقوم بما نخشاه في أوج نشاطنا، مع ضرورة أن نحدد وبمنتهى الدقة وقت الانتهاء من كل مرحلة من مراحل مهماتنا، ولنعلم أن شعور الإنجاز سيحفز العقل ويولد الطاقة لمزيد من الإنجاز، بدلاً من الاكتفاء بالتأجيل الذي يؤدي إلى الإلغاء.
إن الاعتراف بوجود مشكلة أول طرق العلاج، ولقد صار من المسلمات أن عدم الاعتراف بوجود مشكلة يعجز الفرد عن الوصول إلى حل، كما أن الاستسلام وعدم المواجهة النفسية يؤدي إلى اكتساب عادات تبرمج نوعاً من الأفكار تؤدي إلى استجابات سلبية متكررة.
ومن الضروري أن نغرس فكرة تطوير الذات بالاستعانة بالعقل الباطن الذي ستدهشك قدراته، وستلحظ أن إيمانك بأفكارك الإيجابية يدعم أهدافك ويحقق آمالك. ولقد صار من المعروف يقيناً أن الفكرة التي يتمحور حولها عقلك تتعزز بإيمانك، فلا ينبغي الاستسلام و الإحباط بعد مواجهة انتكاسة في طريق التطوير وفي سبيل التخلص من عادة سلبية.
وأذكر في هذا السياق أن العالم الراحل الدكتور أحمد زويل مر بتجربة مثيرة في أول يوم لبعثته للولايات المتحدة الأمريكية، حيث سقط على الأرض فور هبوطه من الطائرة وهو يحمل حقائبه، وانتظر أن يساعده أحد المسافرين معه، إلا أن أحداً لم يقدم له أية مساعدة، ليهمّ وحده بالوقوف ويحمل حقائبه ويستأنف سيره في حياته الجديدة، وقد علم وقتها أنه المسؤول عن انتكاساته، سواء أكانت مقصودة أم لا، وقد كان ذلك أول درس اكتسبه وصاحبه طيلة حياته.
إن النجاح الحقيقي هو النهوض مرة أخرى بعد السقوط، والتحلي بالشجاعة بعد الخوف، واستعادة الثقة بعد المرور بمواقف الإخفاق. والتعلم عملية مستمرة، واكتساب عاداته الإيجابية ينبغي أن تبدأ اليوم وليس غداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى