تاريخ

الشعراوي عالم بأمة

ذكرى وفاة إمام الدعاة

بقلم: د. أحمد الطباخ


    مرت أمس ذكرى وفاة عالم أمة، ولم نسمع أحدا تذكره، سوى بعض الكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وكنا ننتظر أن تتذكره المؤسسات الدعوية والبرامج التلفزيونية والجرائد، ولكن مرت الذكرى دون أن ينبت أحد ببنت شفة، وقد كان إمام الدعاة الشيخ الشعراوي أمة في التفسير والتأثير في الناس أجمعين فلماذا كل هذا التغافل المتعمد لذكرى علماء تركوا أثار عظيما ورصيدا كبيرا في قلوب الناس في وقت قصير.

      كان إمام الدعاة عالما موسوعيا وصل إلى قلوب الخلق بصفات جمعها الله وبفصاحة وهبها الله له وبطريقة عفوية جعلته يمتلك قلوب الناس وما نيل ذلك بالأمر السهل ولكنه بإلهام من الله لأنه أخلص الطوية وخلى النية وصفى السريرة وخلا قلبه من شوائب الحياة وزهد فيما في أيدي الناس وقطع نهاره وليله لكلام رب العالمين فوهبه من فيضه وأفاض عليه من بحره مما أجراه الله على لسانه من حلو البيان وفصيح الكلام.

     لقد تلقى تعليمه في كتاب قريته، وحفظ القرآن ثم التحق بأزهر الخير حتى أتم تعليمه، وتخرج من كلية اللغة العربية ليعمل بالمعاهد الأزهرية بعد أن انقطع للقراءة والاطلاع على أمهات الكتب في كل علوم اللغة والشريعة دون أن يندفع ويهيم على وجه باحثا عن ألقاب كأمثال كثير ممن يبحثون عن أمجاد زائفة دون أن يكون لديهم من علوم ومعرفة تؤهلهم لذلك، فيأخذون ألقابا وهمية ، وهم لم يحصلوا علما وأدبا يشكل عقولهم بعد معرفة الله حق المعرفة، وقد عرف إمام الدعاة الله فاستحضر عظمته، وتوجه إليه بقلبه وكيانه متدبرا كلامه ومتأملا طلاقة قدرته عاملا بقول الله تعالى: “واتقوا الله ويعلمكم الله” .

       لقد علمه ربه ووهبه من فيضه بما أفاء عليه من الفتوحات الربانية، والعطايا الرحمانية مما أجراه الله على لسانه بعد أن رزقه القبول بين الخلق، ووضع محبته بين أهل الأرض، فوصل إلى قلوب الخلق بذلك الإخلاص العجيب، وذلك الفتح الفريد الذي قلما يجود زمان بمثل ذلك لذلك الجواد والفارس المغوار الذي شنف الآذان وملأ الآفاق وعبر البحار والحيطات بمعية الله.

     لقد كان أمره عجيبا ومنهجه فريدا وطريقه ممهدا يصل إلى كل الفئات والطبقات، وما تزال خواطره تترى غضة كأنه يقولها الآن بكرا لها أثرها، ووقعها في النفوس وتأثيرها ووقعها العجيب، فقد عايش إمام الدعاة الخواطر معايشة كاملة بقلبه ولبه وعقله، لا سيما خرجت من قلبه وقد أسهم في تربية أجيال على مأدبة القرآن الكريم ردحا من الدهر فحبب خلق الله في ذلك الكتاب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى