أدب

إهداءات

شعر: أحمد جمعة | شاعر مصري – طبيب بيطري

-١-

ما الذي تستطيعه القصيدة
ولا أستطيعه معكِ؟!

علبة وعشرة من الصمت
أدخنها
فيما أنتظركِ تفرغين من القصيدة
التي دائما تعودين منها
بكامل نشوتكِ!

ربما استعجلت الحب
فجعلت فأس بوحي في خاصرة
لغتك،
تاركا ورائي حقولا جافة
من بوحكِ!

رأيتكِ وأنت تبتسمين
وأنت تضحكين
وأنت يشع من عينيكِ الحب
وتتقدين أنوثة
بينما إلى مكتبكِ
تكتبين القصيدة،

رأيت المرأة التي تخفينها جيدا
تحت خشب ملامحك،
التي حفرتِ لها عميقا بئرًا في الصمت
وواريتِ عنّي الدِلاء،
رأيتها في زينتها
فقلت: يا ليت لي امرأة مثلكِ
كما لو أنّكِ لستِ لي حقا.

بفنجانٍ من القهوة
تقاسمين القصيدة سعادتكِ،
بينما إلى قلقي ومخاوفي
أركن
منتظرا موتي!

-٢-

مثل شجرة توت تقف في الطين صلبة
تعلّم العصافير الغناء
وتغرس في خصر الريح خبرة الرقص،
لا تختبئ من المطر
تحت مظلة من التقاليد
لأنها مظلة خضراء
للحيوانات الرقيقة التي يرهبها
الندى!

بقلب من الحجارة
تواجه مخاوف الصفصاف،
لكنها حين تختلي بصمتها في الحديقة
يتفجر منه نهر ورد
يجر في روافده كون فراشات،
ورغم ما توزعه من رحيق
ليست بمعزل عن اذى
الغابة!

كان يمكنها محادثة الظل
الذي يقلد مخاوفها،
لكنها احتشدت مع الليل
في عري أحمالها
تراقب القمر،
وک نجمة متحررة
تقذف الشمس عند شروقها
بشتائم من
نور!

كم بقي من ريش الحلم
في جناحيها
حين عادت من قصائدها الصغيرة
ک صخرة
تسقط في قلب
الحب؟!

بعيدة، لكن مقابضها
على أبواب الجسد المسيج بالقلق
تصافح لمرة أخيرة
ارتعاشاته المبللة بحنانها
قبل أن يفتح على العتمة،
قبل أن ينطلق إلى
ضباب الرغبة!

-٣-

يلتفت الصدى ليرى صوتكِ
لكن خائبا في وحدته
يتخيل الريح الحزينة تلاعب
شعركِ المتساقط
على بلاط ابتسامتكِ
التي من زجاج،
يراقب في زاوية حرجة من مخاوفك
السرطان
الواقف مرتبكا
تئز معدته من الجوع
مثل حيوان!

لم يعد الشِعر كافيا
ليساند هذا الجسد في خذلانه،
فلماذا ينتظر نهارا آخر
يراقب الفراشات
بينما تشيع الورود الذابلة
إلى فناء الرحيق؟!

القصيدة ذاتها
والألم،
والشمس التي تدعي الحزن
بينما ترتدي فستانا
من النور،
القمر ذاته
والنجمات المتراقصات
مثل تراب مسّه
الماء،
لكن الجسد فقط ليس ذاته
قد خانته صحته
وراحت تلعب الغميضة
مع الشجيرات
التي تسيّج
المقابر!

ربما يلتفت الصدى يوما
ليرى صوتكِ
فيراه،
حينها لن يلتفت أخرى
كيف يحتمل أن ينصت لما
أحدثه المرض اللعين
بجسدك اللين
من صمت
مرتين؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى