اللحن سماوي المدى عقائدي السيف
بقلم الأديب والإعلامي: محمد جميل خضر
يحقُّ لَنا، أنا وأنتَ على الأقل: أنْ نسأل: لِمن الترْنِيمةُ اليوم؟
إنّه سؤالُ وجودِنا وزوالِهم. سؤال الحقِّ في مواجهةِ الباطل. سؤال فلسطين في وجه كلِّ من يشكُّ بِعوْدِتها كُلِّها لنا.
يومًا ما، نراهُ بإذنِ الله قريبًا، ويراه المرجفونَ وأعداءُ الأمّة بعيدًا، سيعودُ كاملُ الترابِ لأِصحاب المِيجنا فوقَ هذا التُّراب. أصحابُ القَمْحِ والجُرْحِ والمِلْحِ والصُّبْحِ والفَتْحِ والبَحْرِ والنَّهْرِ والظُّهْرِ والعَصْرِ والصَّبْرِ والحَقْلِ والنَّقْلِ والعَقْلِ والليلِ والخيلِ والأيائِل. أبناءُ كَنْعانَ الأوائِل. سيّداتُ الثوبِ المُزَرْكَشِ بالقصائدِ والموائدِ والحَرير. أمّهاتُ المُقاتلِ والمُناضلِ والمُجاهدِ والمُكابدِ والمُزارعِ والمُدافعِ والأَسير. بَناتُ الفجرِ القَريب. شقيقاتُ العريسِ.. حبيباتُ الحَبيب. الطّالعاتُ من التنفّسِ والتمتّرسِ والتّفرّسِ والهَسيس. بُذور السَّهلِ جامعاتُ الحَصاد.
التّرنيمةُ اليومَ لنا.. فاتِحَةُ الكتاب.. سورةُ الإِسراءِ والأنْفالِ والأَحْزاب.. لكلِّ سؤالٍ جَواب.. وَعن سؤالِ وجودِنا لا أدريَّةَ تُحيطُ بِنا، ولا أدريَّةَ تَصْلُحُ لِمشروعِنا حولَ تحريرِ الأرضِ والإِنْسان. نَحْنُ نَعْرِفُ وَنَعْزِفُ وَنَغْرِفُ وَنَدْري.. أَنا أَدْري، وأنتَ تَدْري، وكلُّ مُؤْمِنٍ بِالوعْدِ، بَعْدَ الله، يَدْري.
اللحنُ سماويُّ المَدى عَقائِدِيُّ السَّيْف. البُوصَلَةُ صارتْ أُخْتَ البُنْدقية.. البُنْدقيّةُ صارتْ لا تعرف إلّا كَعْبَها المَحْفورِ بِالأسْماء.. الأسْماءُ صارتْ بِطَعْمِ البَسَالَةِ والزَّعْفَران.. الزَّعْفَرانُ صارَ قَوْمِيَّ المَرامِي أُرْجَوانِيَّ الفِداء.. الفِداءُ صارَ دَرْبًا وحيدًا لِلخلاص.. الخَلاصُ صارَ قابَ قوْسينِ، أوْ أشْهى مَذاقًا نابِتًا على الطريقِ السَّاحليّ.. الطَّريقُ السَّاحليُّ صارَ يَضْبِطُ مَواقِيتَهُ على نَبْضِ بُطولاتِ أشْبالِ فِلِسطين.. فِلِسطينُ صارَتْ أَقْرَبَ مِن أيِّ وَقْت.. أَنْبَلَ مِن أيِّ غايَة.. أَشْجى مِن أيِّ لَحْن.. أبْهى مِن أيِّ عَروس.. أَنْدى مِن أيِّ نَهار.. أَوْفَى مِن أيِّ عَهْد.. وَأَغْلى مِن أيِّ مَهْر..
هَلْ يَصِحُّ كلُّ هذا الابتعادِ عن مناسبةِ كِتابَتي لَك، أَلا وهِي يومُ ميلادِك، وقد أكملتَ عامَك الثاني والثلاثين يا كبيرَنا حمزة؟ ولكِن، مهلًا، هل حقًا ابتعدَت؟ أليست فِلسطينُ هي مِحْوَرُ عقودِكَ وسنواتِكَ وشهورِكَ وأسابيعِكَ وأيامِكَ وساعاتِكَ وَثوانيك، وكلِّ لحظةٍ مِنْكَ وَإِلَيْكَ وَفِيك؟
فاهْنَأ بِاقترابِها منكَ وأنتَ في ميعانِ الشَّباب، وعُمْرِ أهلِ الجَنّة، وَلَعلّك يومَ زفافِكَ، الذي أرجو من الله أن يكونَ قريبًا، تَجْلِبُ لِعروستكَ الغاليةِ من رُبوعِ بلادِنا الحِنّة.
كل عامٍ وأنتَ وفلسطينُكَ وأُرْدُنُّكَ وكُلُّ بلادِكَ الحبيبةِ بخيرٍ وشِعْرٍ ونَثْرٍ وَسَناء.