العائدون من أبدية البعث

الشاعر سلام علي صبري / العراق

في سكنات من نهار رمضاني يحمل معه انتظار لنهاية تجربة زمنية لقيمة الصبر والتحمل تزاحمت امام توقد افكاري ذكريات تعاودني كلما حمي تنور الأحداث. فيما حولي
حيث كوفيد 19 يعصف بمنجزات حضارات بورصة أسعار برميل النفط في شرقنا الحائر وامتداد التحكم بمرتبات الملايين عند حكومات دول صناعة اجهزة الموبايل وآخر تحديثات بوبجي اولادنا الهائمين في إطلاق زخات الرصاص عب شاشة صماء عزلتهم عن طفولتهم الغضة
وحيث انهيار القوى التي استباحت أساطيلها مياه كوكب الارض حتى غدت كورونا تفتك بطواقم العديد من حاملات الطائرات وهي تقصد اقرب المراسي والموانيء وتستغيث بأقرب المحاجر الصحية .. طارت بي الذكريات الى يوم اصطحبتني والدتي فيه لمحاولة زيارة والدي المعتقل في احدى زنزانات مديرية الأمن العامة وسط بغداد وكالعادة انتظرنا طويلاً قبل السماح لنا بدخول مبنى الامن الرهيب
وبينما نحن ننتظر يمر من امامنا رجال الامن المرعبون بسرعة وحيوية لتأدية واجباتهم المخيفة بشزرات نحو المنتظرين اليائسين
خرج شخصان من الباب الرئيس للدائرة يقودان شاباً كلٌ من يدٍ وكان رأس هذا المعتقل معوجاً تماماً تلى يمينه وكانت بشرة هذا الشاب بيضاء وتعلو وجهه البراءة والقبول بقدره
وبالطبع تسمرت عيوننا نحو هذا المشهد المفزع وبدأ التهامس بي جموع المنتظرين
قلت لوالدتي : لماذا لاينظر هذا الولد الى امام ؟ سالت دموعها وتمتمت دون ان افهم ما تقول وفجأةً أمرنا الحراس بالدخول وبعد إجراءات طويلة وجدت والدي جالساً على ارض زنزانته الكئيبة ونصفه السفلي مغطى ببطانيةٍ بالية المعالم ولايقوى على الوقوف
بعد لأيٍ وإلحاح وبحث عرفت أنّ والدي وذلك الشاب تعرضا الى ابشع أنواع التعذيب من ابناء جلدتهم حُماة الأمن !
كان عمري آنذاك سبع سنوات .. وبين امس واليوم استحضارات وعبرات جديرٌ بنا أن نعتبر بها نحن العائدين من ابدية البعث
سلام علي صبري
العراق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى