غناء الرحيل الأزرق
مفتاح البركي | ليبيا
ليس من عادتي
الاستيقاظ باكراً والجلوس قُبالة البحر
شيءٌ أشبه بعاشقٍ
لم ينم منذ ألف عامٍ من الدمع
والأرق الصديق
ها أنا
اقوم كمن يتخبطه الشعر
من الغرق الرحيم
اجلس وحيدا
أمام لجة التوق
ألملمُ شظايا أحلامٍ بائسةٍ
عجوز
أثقلها مذاق الدمع
في ليل مالح السُهاد
كانت ومازالت
تراودني غواية الرحيل
حزم كل النصوص الخائبة
المتشردة على أرصفة (المنوبية) *
المحنطة بالوجع في توابيت
نائحة بحرقة المواويل الغريقة
ذات العناوين النابحة
من قلبي الكلب الوفي!
قلبي الذي تعود أن يقضم
عضمة الجوع حتى يشبع
الآخرون من موائدهِ الباذخة
بالحب والعواء
أن أهجر البكاء
حين تخوننا الأرصفة
فلا نجد لأروحنا الحافية
كسرة خبز ولا دمعة ورد
حين يراودنا البكاء
ولا نبكي
حين تزدرينا الأماني
بعد أن أنهكها الرجاء
على أغصان الأمل الكاذب
ويهجرنا الحلم
ولا نبكي
حين تكون ولا تكون
أنت طريد الحب
حين يحتفي بنا
الأموات الأحياء
ويخذلنا الاحياء الأموات
حين ننشدُ الخلاص
فيطاردنا شبح السكينة
في تابوثٍ من جمر
حين يأتي الليل
بطمأنينة العتمة اللذيذة
فقط
حينها
طوبى للغرباء وما يقترفون
من وجعٍ وورد.
…….
*المنوبية: حيٌ قديم بمدينة الخُمس العتيقة رحم الحب والغناء ومحراب الدراويش.